وزير الأوقاف .. إذ "يجتهد" مجددا !!!


رم -

المهندس عادل بصبوص


ورد في الأثر أن من إجتهد فأصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر واحد، والإجتهاد هو حكم أو تفسير شرعي يقوم به فقيه عالم، ولنا أن نتساءل في ضوء ذلك هل ظفر وزير الأوقاف وهو الفقيه العالم بأجرين أم بأجر واحد لقاء قراره الأخير بمنع إذاعة خطبة الجمعة والصلاة من سماعات المساجد، أم أضاع الأجرين كلاهما ...؟؟؟


لن نناقش الأمر من منظور فقهي أو شرعي فهذا المجال له فرسانه والمتخصصون به، وسنحاول تحليل الموضوع من زاوية أخرى، ذلك أن إجتهاد الوزير الذي سارع رئيس الوزراء إلى إلغائه هو في النهاية قرار إداري يتخذه المسؤول الاول في وزارته، فهل كان هذا القرار مدروساً وخضع للمراحل التي تمر بها القرارات الإدارية عادة، ذلك ان ترفيع موظف عادي في الوزارة يفترض أن تدرسه وتنسب به مراجع متعددة قبل أن يرفع للوزير لإقراره، هل قام من نسب بالقرار بدراسته بشكل دقيق ومعمق، خاصة وأن مثل هذا القرار لا يتعلق بشخص واحد أو عدة أشخاص فقط وإنما بعموم المواطنين، وفي مسألة تتصل بشكل أو بآخر بما يعتبره الناس مقدساً، هل تمت دراسة ردود الفعل المتوقعة من الشارع على مثل هذا القرار في هذا الظرف الدقيق، والكثيرون ينتظرون بل يتمنون عثرات من الحكومة ..... يصبونها زيتا على نار الإحتجاجات والإحتقانات لا بل الغضب العارم الذي تؤججه جهات متعددة، هذا التساؤل وغيره يدفعنا مجددا لمناقشة الكيفية التي تتخذ فيها القرارات على مستوى الدولة كلها، لا بل والمعايير التي يتم بموجبها إختيار الوزراء، حيث تثبت الوقائع المتلاحقة أن شرط المعرفة والخبرة الفنية المتخصصة في مجال عمل الوزارة لم يعد مؤهلا كافيا، فمهارات ومعارف أخرى أبسطها الإلمام بمفاهيم التخطيط الإستراتيجي والتواصل مع الجماهير وتحسس مزاجها والإهتمام بتوجهاتها غدت متطلبا أساسيا لا يجوز إغفاله او التقليل من أهميته.


يعيد القرار الأخير لوزير الأوقاف إلى الأذهان قرارا آخر إتخذه الوزير في شهر رمضان المبارك العام الماضي، عندما ألزم الوزير أئمة المساجد تحت طائلة المساءلة بأن يكون الحد الأدنى لعدد ركعات صلاة التراويح عشرين ركعة، يومها أثار القرار ردود فعل عنيفة على كافة الصعد، وتساءل الكثيرون عن جدوى ذلك القرار وحكمته، وإنتهى الموضوع بأن أحدا لم يلتزم بذلك القرار، وبث كثير من الناشطين وقتها صورا تظهر الأئمة يصلون منفردين بعد مغادرة غالبية المصلين المساجد إثر إنتهاء الركعة الثامنة.


ونعود إلى القرار الاخير مثار الجدل الذي إعتبره كثيرون مظهرا من مظاهر غياب التنسيق بين الوزير والرئيس، وهذا ما أكده بيان رئاسة الوزراء بأن رئيس الوزراء طلب إلغاء التعميم على الفور نظرا لعدم إطلاع مجلس الوزراء على مضمونه، والحقيقة أن ذلك تخريج غير صحيح، فمثل هذه القرارات هي من صلاحية الوزير وليس مطلوب منه الرجوع في كل صغيرة وكبيرة لإطلاع مجلس الوزراء عليها، ولنا أن نتخيل حجم القضايا التي سينظر فيها مجلس الوزراء لو كان الوزراء ملزمون بالتشاور مع المجلس في القرارات التي تقع ضمن صلاحياتهم حصرا.


لقد جاء تدخل الرئيس سريعاً وحاسماً بشأن هذا القرار وذلك يذكرنا بتدخل مشابه للرئيس عندما قام بإلغاء قرار وزير التعليم العالي المتعلق بقبول قائمة من الطلبة في التخصصات الطبية في عدد من الجامعات الحكومية برغم الفرق الكبير بين علاماتهم في التوجيهي ومعدلات القبول في تلك الجامعات، تدخل الرئيس جاء في الحالتين سريعا ووضع حدا لتداعيات كان من الممكن أن تكبر ككرة متدحرجة من الثلج.


نؤكد مجددا على ضرورة عدم الإقدام على إتخاذ قرارات متعجلة حتى لو كانت صحيحة وواجبة قبل التأكد من فرص تمريرها، ذلك ان الإحجام عن إصدار قرارات مهما كانت صحتها، أجدى مئات المرات من إصدارها والتراجع عنها، مما يفقد القرار الحكومي الكثير من الهيبة والمصداقية.


بالرغم من الآثار السلبية للقرارات غير المدروسة للوزراء في مثل هذه المرحلة، إلا ان الكثيرون يرون إن الرئيس يحسن إستغلالها لتحسين صورته أمام الجمهور كقائد قريب من نبض الشارع وصمام أمان لقرارات وزارية قد تجنح بعيدا عن هموم الناس وإحتياجاتهم.







عدد المشاهدات : (8647)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :