رم - تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبدالحميد شومان، اليوم، الفيلم الأميركي "مشروع فلوريدا"، والذي أنتح العام 2017 للمخرج شون بيكر.
وتسيطر روح المغامرة على أجواء الفيلم بشكل عام. الفيلم من البداية يتتبع حياة طفلة اسمها "موني"، تعيش برفقة والدتها في فندق رخيص، على الجانب الآخر من عالم مدينة ديزني المثالي. يظهر المخرج ومن البداية حياة أناس يعيشون الفقر والحياة الصعبة مادياً، ولكن قدم قصة الفيلم من زاوية مختلفة تركز على مجموعة من الصغار من بينهم الطفلة "موني" وصديقها "سكوتي" وأخرى تعيش في بيت جدتها.
هؤلاء الأطفال الثلاثة المشاكسون يورطون أنفسهم في مشاكل ومغامرات كثيرة مثيرة من أجل الاستمتاع بوقتهم في العطلة الصيفية بدون توقف أو استسلام للظروف المحيطة البائسة.
الفيلم لا يحمل أي عقد درامية كبيرة؛ إذ اتسم ومنذ البداية بالبساطة المتجانسة مع بساطة المشاهد والفكر الذي يقدمه الفيلم. الفقر هو الأزمة الوحيدة التي ظهرت في الفيلم وكيف يتعايش سكان الفندق معه ويتغلبون عليه؛ إذ استطاعت الطفلة "موني" التعلم من والدتها آليات تحايل ونصب على زوار الفندق والفنادق المجاورة في الجهة المجاورة.
استطاع المخرج "شين بيكر" الاستغناء عن الحبكة القوية في الفيلم بالتمثيل العفوي، وخصوصا من قبل الأطفال الذين حملوا لنا الفيلم ونقلوا لنا من خلال أحاسيسهم ومشاعرهم قسوة الحياة والفقر التي يعيشون.
الأم "هالي" هي والدة الطفلة "موني" التي ظهرت لنا في الفيلم بصورتين؛ الصورة الأولى هي الفتاة التي تنقلت بين مجموعة من الأعمال، مثل بائعة عطور متجولة، وهذا العمل ممنوع في المنطقة التي كانت تعيش فيها، وكانت تعمل راقصة، وتسرق وتنصب على زوار الفنادق.
أما الصورة الثانية التي ظهرت في الفيلم، فهي صورة الأم القوية التي كانت تعمل كل ما سبق ذكره لتأمين حياة كريمة لابنتها "موني".
هذا التناقض في شخصيتها كان له تأثير على حياة ابنتها "موني"؛ إذ أكسبها عمرا أكبر من عمرها وظهرت لنا "موني" أكثر نضج من والدتها أحيانا. واستطاع المخرج أن يستعطف قلوب المشاهدين في كل مشهد خطر كانت تقدم "موني" عليه لتكون نهاية الفيلم المفتوحة التي ختم بها المخرج الفيلم على مشهد للطفلة "موني" بعد وصول الشرطة الأسرية لأخذها للعيش عند عائلة أخرى بسبب الممارسات الأخلاقية السيئة التي كانت تقوم بها الأم "هالي".
أما الممثل "وليم دافو" الذي لعب شخصية "بوبي" مدير الفندق أو حارس الفندق الذي كان يشعر بكل مآسي الفقر التي يعيشها سكان الفندق ورغم كل الخراب الذي كان يحدثه الأطفال، فإنه كان يعيش دور الأب في خوفه عليهم وحمايتهم من كل الغرباء وتوجيههم إلى الطريق الصحيح في التعايش من وضعهم السيئ. في المشهد الأخير عندما جاءت الشرطة الأسرية لتأخذ الفتاة، أظهر لنا المخرج وببراعة "بوبي" في التمثيل عجزه وعدم قدرته على مساعدة الطفلة وبقائها في حضن والدتها "هالي".
واسم "مشروع فلوريدا" هو الذي أطلقته والت ديزني على مشروع ضخم لإقامة مدينة العاب كبيرة ومنتجعات للسياحة في ولاية فلوريدا ليكون هذا المشروع محط أنظار جميع الأطفال في العالم ليصطحبهم أهلهم إلى هناك وتنشيط السياحة في مدينة فلوريدا التي تعرف بولاية "الشمس الساطعة"، إلا أن فيلم مشروع فلوريدا بعيد كل البعد عن السياحة والألعاب والشواطئ، فقد نقل لنا الفيلم معاناة المجتمع الذي يعيش في فنادق رخيصة تقاوم الفقر وتصر على الحياة.
ما يميز هذا الفيلم أن المخرج استطاع أن ينقل لنا الحياة الفقيرة بمشاكلها من منظور الأطفال، بعيداً عن البكائية واستدراج المشاعر الحزينة للمشاهد.
حصل الفيلم على جائزة الأوسكار للعام 2018 عن التمثيل المساعد، للممثل "وليم دافو" الذي لعب شخصية "بوبي" كما حصل الفيلم على العديد من الجوائز في مهرجانات مختلفة