وادي الأردن والبتراء قراءة في معاني الأسماء


رم -

رم- تراثنا


الأرض الطيبة تتفاعل مع من يمعن التحديق فيها، وهي في كل تفاصيلها، تحمل أسرارها وقصصها وحكاياتها، وما ان يكون النبش في تلك الكنوز المحتجبة فيها، حتى تعطي من فيض تجليات المكان والإنسان في الأردن بكل قراه، ومدنه، وبواديه.
وهنا أيضا ستكون قراءة لقرى الأردن، وأمكنته، من خلال تصفح كتابان مهمان، واحد صدر هذا العام 2010م، وما زال حبر أوراقه طازجا، بينما الكتاب الثاني فقد تمت كتابته باللغة الإنجليزية، عن الأردن، في عام 1902م، ولذا فهناك تنوع، واختلاف في مادة كل كتاب عن الآخر، من ناحية هدف الكتابة، وطريقة العرض، والمحتوى، ولغة الخطاب.

كتابان

أبدأ بعرض عنوان كل كتاب، وكاتبه، وظروف الكتابة والبحث لكل مهما، قبل المرور السريع على محتوى كل واحد منهما؛ فالكتاب الأقدم تاريخا، هو كتاب وادي الأردن والبتراء الذي كتبه بالإنجليزية وليام ليبي  وفرانكز هوكسنز عضوا البعثة الأمريكية للأردن في عام 1902، وقد ترجم هذا الكتاب الى العربية الدكتور أحمد عويدي العبادي الذي أشار في مقدمته المكتوبة في عام 2004م بأنه قد ترجم الكتاب في عام 1986م، وطبع الكتاب بالعربية الدار الأهلية للنشر عام 2005م، ملحق به القسم المتعلق بشرق الأردن من كتاب «على جانبي نهر الأردن/ مغامرة امرأة في الشرق الأدنى عام 1927م» لنورة روان هاميلتون.
أما الكتاب الثاني، الأحدث كتابة، وصدورا، فهو كتاب «المعاني اللغوية لأسماء المدن والقرى وأحواضها في المملكة الأردنية الهاشمية» للباحث ركاد نصير، وهو من منشورات دار ورد بدعم من وزارة الثقافة، وهو إبحار في المكان الأردني، وقد كان الباحث نصير خلال سنوات إصدار «بوح القرى» خير معقب على ما ينشر حول القرى الأردنية من خلال تفاعله الإيجابي، وأبحاثه حول كل قرية يتم الكتابة عنها، ولذا فليس مستغرب أن يصدر عنه هذا الكتاب/ المعجم المميز حول المكان الأردني.

أستاذان أمريكيان

يشير الدكتور أحمد عويدي العبادي في مقدمته لكتاب «وادي الأردن والبتراء» حول أهمية الكتاب، ومسيرة الرحالة فيه، بقوله أن هذا الكتاب: «كتبه استاذان أمريكيان، كانا أول بعثة علمية أمريكية تزور الأردن في شهري شباط وآذار من عام 1902م. فقد انطلقا من صور على ساحل البحر المتوسط، ثم عبرا الجبال اللبنانية إلى منابع نهر الأردن، فمجراه، فالسلسلة الشرقية لشرق الأردن حتى البتراء. وكتبا مشاهداتهما عبر الأرض، مع نُبَذ يسيرة جدا عن الإنسان، واهتما بالآثار والتاريخ، وأسماء الدول التي هيمنت على هذه البقعة أو تلك من الأرض الأردنية، مع الإشارة الى ما ورد في التوراة أوا لمصادر الأخرى عن الأحداث والمواقع.. وقد قسم المؤلفان كتابهما الى جزئين أسميا الأولى: وادي الأردن، وأسميا الثاني:البتراء، حيث أعطوا تفصيلات واضحة وممتازة عنهما. كما قسما كل جزء الى فصول يشمل كل فصل مرحلة من مراحل الرحلة».
أما مقدمة النسخة الانجليزية ففيها يتم وصف الفترة الزمنية التي أنجزت فيه الرحلة، وطبيعة الطقس في تلك الفترة، حيث يشار الى أنه «كانت هذه الرحلة مجرد فكرة في الأذهان تحولت الى حقيقة استغرق تحقيقها ما يزيد على أربعين يوما فيما بين بيروت والقدس، وأربعة وثلاثين يوما آخر في منطقة شرق الأردن، وتم خلالها قطع حوالي ستمائة ميل. ورغم أنها كانت في فصل الشتاء (4 شباط-15أيار)، إلا أنها كانت رحلة مثالية، وذلك بسبب روعة الطقس بالأردن خلال هذه الفترة. ومع هذا، فقد واجهتنا عاصفة ماطرة واحدة في أرض أدوم، وأخرى في آخر يوم في رحلتنا، وهو اليوم الذي توجهنا فيه الى القدس؛ وإذا ما تناسينا هاتين العاصفتين، فإن بقية الأيام كانت على خير ما يرام».

الرحلة

بعد ذلك يتم سرد مسار الرحلة بدءا بالاستعدادات، مرورا بصيدا، وفي الباب الثالث يكون العنوان «من الساحل حتى وادي الأردن»، والباب الرابع حول «بانياس وأعالي وادي الأردن»، ثم الجولان، وبعده الجليل، وفي الباب السابع يكون عنوان «الأردن»، ثم أم قيس والمدن العشرة، وجرش، و»من جرش الى مأدبا»، ومؤاب، ومأدبا، و»من مأدبا الى الكرك»، حيث يكون الباب الأخير في الجزء الأول من الكتاب عنوانه الكرك.

واجهة المعبد

 الجزء الثاني من الكتاب يبدأ بعنوان «من الكرك الى الشوبك»، حيث المسيرة باتجاه البتراء والتي تستغرق ثلاثة أبواب ليكون الباب الرابع عنوانه «في البتراء»، وهنا نقتطع نصا من هذا الباب حول البتراء، وفيها يقول كاتبا الكتاب «ويعجز الانسان عن وصف امتزاج جمال الطبيعة مع المشاعر الجامحة التي تتأتى من رؤية البتراء، فقد حاول ستيفن الذي جاء مباشرة من ضفاف النيل أن يكتب عن البتراء، بعد عدة سنوات من رؤيته لها، فيقول: «وحتى الآن وقد عدت لأتتبع وأفكر بالأحداث التي مررت بها، وأعدّ النص النهائي لرحلتي وحياتي في أكثر مدينة ازدحاما وانشغالا في العالم؛ فإن الصورة التي لا تزال ماثلة أمام ناظري هي واجهة المعبد الذي لا يضاهيه ولا يشابهه كالكالسيوم في روما لا في حجمه ولا في أهميته وعظمته؛ كما لا تدانيه آثار الأكروبوليس في أثينا وتدمر؛ كما لا تجاريه المعابد العظيمة في وادي النيل، وهذه لا تغيب عن ذاكرتي. ويبدو أن سر سحرها يشكل أجمل تمازج وأقوى تعاضد، وأحسن ما بذله الإنسان من جهود مع قوى الطبيعة وجمالياتها، وتطويع سحرها لفنه وذوقه وأزميله».
ويستمر في بقية الأبواب في وصف البتراء، حتى يكون الباب الحادي عشر الذي عنوانه «من البتراء الى البحر الميت» لتكون نهاية الرحلة من هناك حتى الوصول الى الخليل. 
ومن المهم هنا الاشارة الى الملاحق المهمة في نهاية الكتاب وهي ملحق بارتفاعات الأماكن، وملحق بأسماء الرحالة الذين زاروا البتراء، وملحق عن الخط الحديدي الحجازي، والأبواب التي تم اجتزاءها من كتاب على جانبي النهر.

معجم الأسماء

الكتاب الثاني هو «المعاني اللغوية لأسماء المدن والقرى وأحواضها في المملكة الأردنية الهاشمية» للباحث ركاد نصير، ويقع في 583 صفحة، في مقدمته يقول مؤلف الكتاب: «لقد كانت شبه الجزيرة العربية وطن الأمم السامية القديمة، ومنها خرجت جماعاتهم على مرّ العصور، في هجرات متتابعة الى البلاد المحيطة بهم، مثل العراق وبلاد الشام ومصر، وكان منفذهم الى تلك البلاد الأردن. فلا عجب أن نجد أن كثيرا من أسماء المدن والقرى وما يحيط بها من مواقع ترجع الى أصول سامية، وخاصة العربية.
 وقد راودتني فكرة وضع معجم بسيط للمعاني اللغوية لأسماء المدن والقرى والأحواض التابعة لها، والتي ترجع في أصولها الى اللغة العربية أو التي عربت. وكان الغرض من ذلك هو تعريف القارىء بما يعنيه الاسم، وبالتالي معرفة السبب في التسمية، وقد بدأت من شمال الأردن، وانتهيت بجنوبه، معتمدا في ذلك على دليل أحواض المدن والقرى في المملكة الأردنية الهاشمية، الصادر عن دائرة الأراضي والمساحة».

إضاءات معرفية

ويبدأ بعد ذلك كتابه بتقديم الأردن، ومعناه، ومن نسب إليه من الأعلام والمشاهير قديما، ثم يتبع ذلك بدراسة مختصرة عن قرية المؤلف، الحصن، ويقدم عنها قراءة تاريخية، وبعد ذلك يبدأ بمحافظة اربد، ويأخذ كل قرية في المحافظة، يقوم بدراسة الاسم، ومترادفاته، ويسرد أسماء أحواضه ومعانيها، وإطلالة على ما يتوفر من معلومات حول تاريخ تلك الأمكنة، ومن ينسب إليها من الأعلام، وفي نهاية كل محافظة يضع هوامش خاصة بالمراجع التي استعان بها في إضاءاته المعرفية حول الأمكنة فيها.

حسمى

ومن المفيد أن نقدم نموذجا سريعا حول مكان من تلك الأمكنة التي غطاها المعجم، وهنا أشير الى آخر مكان تمت الإشارة اليه في الكتاب، وهو حسمى، حيث يرد حول هذا المكان أنه «حسمى: في لسان العرب «الحسم» القطع، والحسم: المنع، حِسمى: أرض بالبادية فيها جبال شواهق ملس الجوانب لا يكاد القتام يفارقها.وفي أخبار المتنبي وحكاية مسيره من مصر الى العراق قال: حسمى أرض طيبة تؤدي الى (لين النخلة) من لينها، وتنبت جميع النبات، مملوءة جبالا في كبد السماء، متناوحة ملس الجوانب، اذا أراد الناظر النظر الى قلة أحدها فتل عنقه حتى يراها بشدة، ومنها ما لا يقدر أحد أن يراه ولا يصعده، ولا يكاد القتام يفارقها، يعرفها من رآها من حيث يراها، لأنها لا مثل لها في الدنيا، ومن جبال حسمى جبل يعرف بإرم، عظيم العلو تزعم أهل البادية أن فيه كروما وصنوبر. فمن أين جاءت التسمية؟ جاء في الكتابات المصرية أن الملك المصري سيزوستريس الثالث من السلالة الثانية عشرة، صعد الى أرض كنعان، واستولى على المدينة المسماة (س ك م ن). وفي المصرية القديمة (ح س م ن) تعني البرونز،والكلمة العبرية (حشمل) وهي اسم الخليط من الذهب والفضة مأخوذة من الكلمة المصرية القديمة (ح س م ن). أرى أن حسمى مأخوذة من الكلمة المصرية (ح س م ن) البرونز». (الرأي)




عدد المشاهدات : (21105)

تعليقات القراء

تالا
جيد جدا
07-12-2010 02:02 AM
محمد
انا بيل
13-11-2010 08:46 AM

أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :