قصر موسى .. العراقة والفن في آن معا


رم -
رم- تراثنا

قصة لطالما أثرت في كل من استمع اليها حيث كان أهل المنطقة وجوارها يروونها عن شاب صغير يدعى" موسى المعماري"الذي كان يتعرض للسخرية من زملائه الطلاب عندما ينهال عليه أستاذه"انور"بالضرب بواسطة قضيب الرمان المنقوع في الماء لفترة من الزمن لكي يعطي نتيجة فاعلة.وفي احدى المرات نعته بالشحات حين عبر عن رغبته في بناء قصرجميل ، وما جعل الأستاذ قديما يقوم بهذا الحق حيث كان الأهل في الماضي يبعثون بأولادهم الى المعلمين قائلين"خذوا اللحم واعطينا العظم" بمعنى للمعلم ملء الحرية بضرب تلاميذه لينينشأوا أشداء . ولكن قصة"موسى المعماري"أكبر من أن تنسى و الضرب الذي تلقاه ترك اثرا كبيرا ليس فقط في جسده بل في عقول اللبنانيين وكل من زار قصره العامر الذي قام ببنائه طوبة طوبة بمساعدة زوجته وبعض الأصدقاء المقربين إلى ان حقق حلمه الكبير واصبح من أهم المعالم الأثرية في منطقة الشوف ان لم يكن على مستوى لبنان وبهذا الإصرار والعزيمة كان له ما أراد. ويقف على بوابة القصر المطل على الوادي ما بين دير القمر وبيت الدين ، والذي يسمح من خلال نوافذه برؤية منظر رائع وتلة قصر بيت الدين والخضرة والسماء الزرقاء ، بات قبلة انظار السياح والزوار من كافة انحاء العالم ، موسى المعماري ، الذي يبلغ من العمر 75 سنة وزوجته بقربه يستقبلك في قصره يقص عليك قصته .مؤكدا انها كانت لحظات نفسية قاتلة ، وقال الاستاذ انور لم يتفوه ولو بكلمة تشجيع واحدة تعطي صاحب النعومة العنيدة هذا دفعاً معنوياً كبيراً. لم يتلفظ بكلمة تهنئة واحدة ، بل كان ينهال على تلميذه ضرباً بقضيب الرمان ، الى ان سخر منه زملاؤه الطلاب وهزأته صديقته.. فكان الاندفاع والتحدي أقوى.. وكان تحقيق القول الشائع "العبقرية وليدة الالم". حين كنت في ربيع الرابعة عشرة من عمري ، رسمت قصر الاحلام على دفتر المدرسة ، كانت مجرد بقعة رسم صغيرة على الصفحة ، ليس فيها هدف ، ليس فيها اندفاع كانت مجرد حلم يُعتبر تحقيقه ضرباً من ضروب الخيال. لكن الاستاذ انور المعروف بقسوته على طلابه ، كان يشكّل هاجساً معنوياً ونفسياً كبيراً لهم.

وانا ممن كان يخشاه ولم اشأ يوماً تحديه ، لكن للقدر كلمته فكانت المناسبة الأستاذ يصرخ بوجهي ساخراً "ماذا تفبرك هل تصور قصر أبيك" وقبل أن يمزق الدفتر الى خمس قطع ويرميه على رأسي قلت له بنبرة التحدي"سوف أريك ولو بعد حين ليس قصر والدي بل قصري أنا".

عبقرية المكان

عبقرية تُوجت قصراً جميلاً له برجان مستديران يجتذب اليه السياح .وتلمس جمالية الفن في محتويات القصر منذ اللحظة الأولى وفي كل زاوية تجد شيئا أجمل .هنا المتحف الفلكلوري الذي يجسد الدمى مصنوعة من الشمع وتمثل الحياة اللبنانية القديمة وبعض رجال الدين والسياسة وما يلفت النظر اليها روح الحياة التي أوجدها موسى في وصل الكهرباء.تبدأ من رق العجين وصنع الخبز الحداد وهي مجسمات الاستاذ يضرب موسى هذه الصور تمثل ايام الحكم التركي وهنا امرأة تجرش الحبوب على جاروشة مطحنة ذلك العهد وهناك ترى رجلاً يحمّص البن ، وابو العبد البيروتي يسحب نفس النرجيلة. وترى بعيداً الحمار يعب الماء من الجرن والساقي يسقي الزهور ، وكل هؤلاء يتحركون كل على هواه.. وكأننا امام أشخاص أحياء يرزقون. في تجوالك داخل القلعة تشاهد الحياة التراثية التقليدية .فتشاهد رجلاً يصنع الخزف ، وامراة تغزل الصوف ، وصانعاً ينفخ النار في الكور ، وامرأة اخرى تخيط ثياب العرس ، ورجلاً آخر يكرع الماء بأبريق بعنجهية ، وامراة تدق الكبة في الجرن الذي كان دائماً وأبداً رمزاً لقدّ المراجل في الساحات العامة. هناك رجل يدخن سيجارة ويتعالى الدخان من فيه كالمدخنة ، و ترى اجتماع رجال الدين. بالإضافة لعدد الأسلحة القديمة التي تعود الى العصر العثماني ولغاية الاحتلال الفرنسي للبنان ومجموعة أخرى يبلغ عدد حوالي 16 الف قطعة وتعد من أهم المجموعات في منطقة الشرق الأوسط . وعلى احد الجدران تجد عبارة كتبت على لوحة تقول "ان هذا العالم لن يتوقف عن استمراره بعد موتي كما ان الأرض لن تحجم لأنها علمتني دورانها والشمس لن تكف عن شروقها وغروبها".

هدايا تذكارية

بعد الجولة ممكن ابتياع الهدايا التذكارية وكلها تحكي لك حكاية القلعة المشوقة ، بعدها زيارة القاعات المخصصة لعرض الأسلحة التي تعود الى القرون الغابرة.. وهناك ناووس بيزنطي يعود للقرن السادس عشر. الزيارة تنتهي في الخارج بالقرب من برك للمياه ، وجرّات اختار موسى المعماري الذي قارب على السبعين عاماً وما زال يستقبل ضيوفه على بوابة قصره ويسرد عليهم قصته المشهورة أماكنها بحرفية مدهشة لالتقاط اجمل الصور التذكارية.

وفي نهاية الزيارة عند المدخل الخلفي يجتمع الزوار ويقيمون فعاليات فنية حيث يأتي بعضهم بالدربكة اي "الطبلة"والمزمار ويقدمون على انغام الميجنا والدلعونة الدبكة اللبنانية والأردنية والسورية الخ وذلك للتنوع السياحي المتميز الذي يلمسه كل من زار هذا المكان الجميل بالإضافة للرحلات المدرسية والجامعية وغيرها من المؤسسات المحلية والعربية والدولية وهو رمز للتحدي والطموح. (الدستور)



عدد المشاهدات : (14923)

تعليقات القراء

hekciftaogn
...
20-08-2012 02:28 PM
dgnlrr
.....
20-08-2012 02:22 PM

أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :