قصر بيت الدين .. معلم أثري وسياحي كبير


رم -
رم- تراثنا

"بيت الدين" هذا المعلم الأثري العريق يقع على بعد نحو 17 كلم الى جنوب مدينة بيروت وعلى أقل من 3 كلم بعيد مدينة الدامور حيث تصعد بك الطريق المحايدة لمجرى نهر الدامور مسافه 26 كلم لتصل الى بلدة بيت الدين التي ترتفع نحو 850 مترا فوق سطح البحر. وقبيل وصولك اليها تطالعك بلدة"دير القمر"التي تبعد عنها زهاء خمسة كيلو مترات حيث يمكنك التمتع بالصورة الأشمل والأفضل عن قصر "بيت الدين" ومحيطه وهو قصر أقامه الأمير بشير الثاني الشهابي الذي حكم جبل لبنان زهاء نصف قرن من الزمن ويشكل القصر الذي استمر العمل فيه ثلاثين سنة ونيف نموذج العمارة اللبنانية في القرن التاسع عشر. "الدستور" تجولت في القصر الذي يعود تاريخه الى ما قبل الحرب العالمية الأولى ويقام به منذ عشرات السنين مهرجان بيت الدين الفني والثقافي وفي صيف العام الماضي احتفى المهرجان بسيدة الغناء العربي الراحلة ام كلثوم حيث عرضت في أحد اروقة القصر عدد من الصور المميزة حيث جمعتها مع الملوك والحكام العرب والفنانين في شتى المجالات. 

مياة نبع الصفا

لقد شكلت المناطق اللبنانية منذ القرون الوسطى إقطاعات يحكمها عدد من الأمراء والمشايخ وفي بدايات القرن السابع عشر تمكن أحد هؤلاء وهو الأمير"فخر الدين الثاني"المعني ما بين 1950 ـ 1635 من السيطرة على الأسر الإقطاعية الأخرى فبسط سلطته على غالبية المناطق التي تشكل الأراضي اللبنانيه المعاصرة وكانت بلده بعقلين عاصمته الأولى ، ولما كانت هذه البلدة تشكو من قلة مواردها المائية فقد عمد الأمير الى مغادرتها ونقل عاصمته الى دير القمر وفي نهايه القرن عينه وبانقراض سلاله بني معن انتقلت السلطة الى أنسبائهم الى بني شهاب وقام أحدهم وهو الأمير بشير الثاني 1788 ـ 1840 بنقل عاصمة الأمارة من دير القمر الى بيت الدين وهي محلة كانت تقوم فيها خلوة"الدروز"وهي ما تزال قائمة على مقربة من القصر الذي أقامه فيها وبهدف تأمين حاجات قصره الجديد من المياه عمد الأمير بشير الى السخرة وفرض على أهل الجبل ثمانين ألف يوم عمل لجر مياه"نبع الصفا"الى بيت الدين فكان على كل رجل أن يقدم يومي عمل بالمجان في السنة لتحقيق المشروع وقد استغرق شق القناة سنتين من الزمن حيث انتهى العمل فيه في شهر تموز من عام ,1814

بناء القصر

بقي قصر الدين مقراً للإمارة حتى سنة 1840 وهي السنة التي نفي فيها بشير الثاني الى مالطه فاسطنبول حيث توفي عام 1850 وعلى أثر إلغاء نظام الإمارة عام 1842 تحول قصر"بيت الدين"الى مقر للولاة العثمانين ومن بعدهم لمتصرفي جبل لبنان بين عامي 1915و1860 ومن ثم للسلطات الفرنسية المنتدبة على لبنان غداة الحرب العالمية الأولى وابتداء من سنة 1926 بدأت في القصر أعمال ترميم واسعة النطاق بهدف إعادته إلى رونقه الأول أما في عام 1934 .فقد أعلن القصر بناء تاريخيا وأدخل في لائحة الجرد العام للأبنية التاريخية والأثرية حيث أصبح القصر عام 1942 المقر الصيفي لرئاسة الجمهورية اللبنانية وكان الشيخ بشاره الخوري أنذاك أول رئيس لبناني سكنه وفي أيامه عام 1947 نقلت رفات الأمير بشير من اسطنبول فدفنت الى جانب رفات زوجته الاولى التي كان يطلق عليها"الست شمس"في مدفنها القائم في حرم القصر وبفضل العناية المستمرة به يعتبر القصر بمتاحفه وحدائقه أحد أكثر المعالم السياحية اللبنانية استقطابا للزوار.

يتم الدخول الى حرم القصر من بوابة عظيمة تفضي عبر رواق معقود الى الميدان وهو ساحة عظيمة مستطيلة يبلغ طولها 107 أمتار وعرضها"45"متراً كانت تستعمل في الأصل لتمارين الخيالة ومبارزاتهم كما للإحتفالات التي كان يحضرها العامة والزوار وأفراد الحاشية ومنها كان الأمير ينطلق بجيشه الى الحرب أو بحاشيته الى الصيد.

وعلى طول الميدان الشمالي يقوم جناح من طبقتين ويعرف بالمضافة ويتألف طابقه الأرضي من غرف معقودة كانت تستعمل كإسطبلات ، فيما يتألف طابقه العلوي من قاعات وغرف كانت في الأصل معدة لإستقبال ضيوف القصر وجميع زواره لمدة ثلاثة أيام دونما حاجة الى التعريف عن انفسهم ، وقد جرى ترميم هذا الطابق الذي يصعد اليه بدرج بالإستناد الى وثائق وصور قديمة ولغاية عشية الحرب اللبنانية كان يضم متحفاً هاماً يحتوي متاعاً وألبسة وأسلحة تمثل بعض أوجه الحياة اللبنانية في عصر الإقطاع ثم أضيفت الى هذا المتحف مجموعات من القطع الأثرية وأطلق عليه اسم"متحف رشيد كرامي"ويضم المتحف اليوم مجموعات من الفخاريات التي تعود الى عصري البرونز والحديد وأخرى من الزجاجيات الرومانية بالإضافة الى مجموعات من الحلي الذهبية والنواويس الرصاصية الرومانية والفخارية الإسلامية فيما تضم قاعاته الأخرى أشياء ذات قيمة إثنوغرافية ومنها ثياب من عصر الإمارة ومجموعة كبيرة من الأسلحة القديمة والحديثة وقد عرض في القاعة الأولى منه مجسم كبير يسمح لزائر القصر بتكوين فكرة شاملة عن حجمه ومقاييسه.

بوابة القصر

ويضم القصر بوابة عظيمة وميدانا ومتحفا ودرجا وفي الوسط يوجد درج عظيم وبوابة رئيسة وجناح مشايخ آل حمادة وعدد من المكاتب وجناح بطرس كرامة ودار المكتبة اما بوابة الحريم فيها دار الحريم العليا وقبر الست شمس وقاعة العمود والملسلك وغرف الشاعر الفرنسي لامارتين بالإضافة للمحكمة ودار الحريم السفلى ومطابخ وحمامات. (الرأي)




عدد المشاهدات : (18270)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :