إدارة العدالة البشرية


رم -

بقلم محمد كنعان


لا شك أن الاستراتيجيات الإدارية المطبقة في الدول الصناعية والمتقدمة تعتبر ناجعة إلى حدٍ يوصف بالمذهل ، وليس من دليل أشد على ذلك كالأرقام اللافتة التي حققتها شركات تلك الدول في صافي الأرباح لتأكيد براعة تطبيقها لتلك الاستراتيجيات.


وتعد إدارة الموارد البشرية في تلك الدول أهم العناصر المؤثرة على تحقيق الأهداف المرجوة واستدامة تحقيق النجاحات ، من خلال القيام بالعديد من المهام الملقاة على عاتقها ، ومن ضمنها مهمة تقييم أداء الموظفين ، الذي يعد طريقاً مختصراً لقياس فاعلية الموظفين والكفاءة في تحقيق ما حُدد لهم من أهداف في بداية تطبيق العملية الإدارية.

ولا بد من الإشادة بالكثير من المؤسسات والشركات والمنظمات في دول العالم الثالث لتطبيقهم الاستراتيجيات الإدارية بالشكل المطلوب بل الأمثل ، ولكن بالرجوع إلى الأرقام التي تظهر مكانة تلك المنظمات بين مثيلاتها في تقديم المنتجات أو الخدمات بتلك الدول سنلاحظ الفرق الشاسع والغير مثير للدهشة في نظري بنسبة العوائد وصافي الأرباح ، لأسباب عدة أهمها : (إنهم حافظين مش فاهمين ) ، إضافة إلى القصور الكبير في تحقيق الأهداف المنبثق عن خلل في أسس وضعها والإشراف على إنجازها باستمرارية وعقلانية.


لنفرض أن شركة س تعمل في سوق منافسة تامة بإحدى أسواق الدول النامية ، أي أن السلع المنتجة متجانسة والأسعار يحددها السوق (العرض والطلب)، وتقوم الشركة على وضع هدف سنوي لأحد موظفي عمال النظافة يتضمن استقطاب 10 عملاء جدد كل ستة أشهر ، و وضع هدف آخر يتضمن شرط على المدير المالي للشركة باستقطاب 15 عميل كل ستة أشهر ، هنا يبدو الهدف أسهل على عامل النظافة ؛ كون الرقم 15 أقل من الرقم 10 رياضياً أو قياسياً، ولكن ما مدى قابلية تحقيق الهدف للموظفيْن ؟


ذلك التفاوت الضئيل في الرقمين يعدُ هائلاً في القدرة على التحقيق ؛ لا لأن المدير المالي أكثر حنكة ودهاءً من عامل النظافة ، ولكن لسبب غفل عنه من حدد الأهداف أعلاه ، ألا وهو بيئة عمل كل من الموظفيْن ، فهذا يجالس العملاء بشكل يومي وهو هدف لهم بطبيعة الحال ، وذلك يستهدف الأوراق المهملة في سلة ذلك الهذا وليس عملاءه ، وإلا خسر ما أتى لأجله ، واتهم بعدم الكفاءة العملية أو التطفل .


لم تحدث البلية المبكية إلى هذه اللحظة ، فتقارير الأداء لم تأتِ بعد ، ولكن ماذا لو أتت ووجد صديقنا العامل أنه عجزه عن استقطاب أياً من العشر عملاء جعل منه مقصراً في نظر الإدارة ومهملاً حتى في استقطاب النفايات ؟


هنا ينجلي الفرق ويبزغ التباين في كفاءة الدول النائمة أو النامية والدول الصناعية التي لا تجلد ذاتها لعجزها عن تحقيق أهدافها ، إنه التباين في معياريْ العدالة والواقعية في تحديد الهدف ثم التقييم ؛ الذي إن فرض نفسه ستزر وازرةٌ وزرَ أخرى بلا شك.




عدد المشاهدات : (56838)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :