رم - كتب - طارق الحميدي
تنفض عمان غبار الارهاب عن جسدها الطهور وتستعد لاستقبال عيد الفطر السعيد بعد ان امتدت يد العدوان والارهاب الاثمة وضربت في أقدس أيام العام، في شهر رمضان المبارك والناس صيام.
لم تفلح يد الارهاب السوداء في اغتيال الحياة عند الاردنيين فبرغم الحزن والغضب واللأسى والرغبة بالانتقام، يبقى الوطن أجمل وتبقى الحياة تنبض في عروقها وتسير في أزقتها وحواريها.
في ليل اسود كسواد الكحل ضرب الارهاب بخسة وغدر في شهر الصيام، وقطف من بستانها 13 زهرة بكتها بيوت الاردنيين جميعا، وحدت عليها كل الأمهات.
13 بطلا رحلوا الى جنات الخلد وهم صيام، رحلوا وهم يحرسون الوطن بالجفون والاهداب، رحلوا بعد أن تكحلت عيونهم بقطرات من ندى الوطن صباحا، رحلوا وهم يعرفون أن عمان تستحق التضحية وأن التضحية لن تكون بأقل من الدماء والارواح.
يسقط الشهداء الابرار وتطوف أرواحهم الى السماء في عليين ويولد ابطال جدد كل يوم، وها هم أطفال اليوم أبطال الغد يعيشون أجواء العيد ويعلنون بضحكاتهم أن عمان مدينة الحب والسلام وأن الحياة تولد من رحمها كل يوم ألف مرة.
مرت على هذه المدينة الوادعة أيام دامية أوجعت قلوب الأردنيين زفت من خلالها أبطالاً رحلوا ليسجل شهر رمضان تاريخا جديدا يضاف لمجد الوطن وأبنائه، وقوافل شهدائه الذين رحلوا فداء للوطن والعوبة والاسلام. مشاريع تكفيرية هدامه تحاول النيل من عمان، إلا أن أبناء هذه المدينة الصابرة بإقبالهم على الحياة دحروا العدو وأسقطوا كل مشاريع التآمر على هذا البلد وسيسقطون هذه المؤامرة التكفيرية بصبرهم وعزمهم ورباطة جأشهم وحكمة قيادتهم التي ما زالت حتى اليوم هي العقل الراجح وصوت الحكمة والاعتدال.
عمان تحتفل بالحياة والعيد برغم الأوجاع
وسط التلال القديمة التي تقف بشموخ وكأنها تحرس عبق المدينة القديمة، تتربع عمان بهدوئها بعد ان ارتدت حلة رمضان و توشحت شوارعها بزينة رمضانية بهيه ميزتها عن كل السنين.
برغم الحزن والاوجاع التي نالت من عمان و ابنائها بعد العمليتين الارهابيتين في شهر رمضان المبارك ، تصّر المدينة على الحياة وتبتسم، لابنائها وزوارها القادمين في فصل الصيف من دول الخليج العربي، ابتسامة المنتصر لتكون هي الاقوى.
رغم حالة الحزن ومشاعر الأسى التي أصابت كل الاردنيين جراء تلك التفجيرات الأليمة الا أن نور عمان اقوى من ظلامهم وحب الحياة والالوان والفرح أقوى من ارهابهم وجبنهم وضلالهم.
في قاع المدينة كل شيء يحتفي باقتراب عيد الفطر السعيد، حتى الاب المتعب يسير مع ابنائه لاختيار ملابس العيد بعد أن نالت منه السنين وأحنت ظهره الا أنه وككل العمانيين يسير مع ابنائه ويبتسم لهم وهم يشربون عصائر رمضانية مصبوغة بألوان غريبة لا يمكن العثور عليها الا في وسط البلد.
في كل زاوية وركن من أركان المدينة القديمة في عمان يكون للحياة طعم مختلف، في شارع طلال تتاثر البسطات على الارصفة وتزاحم المشاه عليها، تعلو أصوات الباعة فيها، ويركض الاطفال مرحا محاولين الافلات من ذويهم والاستمتاع بمدينة تسحر زوارها صغارا وكبارا.
وفي شارع السلط تقوح رائحة الفول القادم من مطعم هاشم وتختلط مع رائحة «كنافة حبيبة»، وتعبق في الاجواء رائحة نكهات المعسل القادمة من شرفات مقاهي الرشيد والسنترال لتعطي للأجواء نكهة عمانية خالصة.
عمان تألمت من الارهاب إلا أن الاردنيين وهم ينظرون الى السماء يستذكرون 13 بطلا رحلوا الى جنات الخلد وقضوا في سبيل الله والوطن شهداء من أجل أن تنعم المدينة الوادعة بالسلام والطمأنينة.
في الوقت الذي يودع فيه المسلمون شهر رمضان المبارك ويستعدون لاستقبال عيد الفطر السعيد تدواي عمان جراحاتها وهي اليوم بهمة أبنائها مصممة على مواصلة المسيرة وتعزيز فضاءات الحرية والديمقراطية، مقبلة على الحياة وهي تعلم أن قدرها أن تقدم قوافل الشهداء في سبيل الدفاع عن الوطن والدين.
كان ذلك اليوم أسود كحلكة ليله، وتحولت بيوت الاردنيين كافة إلى بيوت عزاء ، واليوم وبعد هذه الاعتداءات الاثمة أصبح أبناء هذه المدينة الوادعة أكثر عزيمة على محاربة الإرهاب والتطرف بمختلف الوسائل، متمسكين بالدفاع عن القيم النبيلة التي يحملونها للمحافظة على الوطن من خلال التسامح والمحبة والحوار.