الديمقراطية في مواجهة "داعش"!


رم - محمد ابورمان

لماذا يتجه آلاف الشباب الأردني اليوم إلى التطرف، بل تحديداً إلى تأييد تنظيم "داعش"، فيما نجد أغلب الأحزاب السياسية خاوية على عروشها من الشباب؛ بالرغم من عشرات الدورات والندوات والمؤتمرات التي يشارك فيها مئات الشباب، وتهدف إلى التدريب على الديمقراطية وتحفيز الشباب للدخول في أحزاب سياسية؟!

سؤال جوهري يستحق، فعلاً، التفكير فيه مليّاً. وبالضرورة، هناك أسباب مركّبة ومتعددة لتفسير هذه الظاهرة، بعضها داخلي مرتبط بعدم القناعة بشرعية اللعبة السياسية القائمة من قبل هؤلاء الشباب، وبظروف اقتصادية واجتماعية وثقافية؛ وبعضها خارجي متعلّق بتأجج الصراع العربي-العربي على أساس الهوية، سواء اتخذ هذا الصراع صيغة طائفية بين السنة والشيعة، ما أدى إلى صعود "داعش" وتمدده في المنطقة العربية، أو اتخذ صيغة الاستقطاب العلماني-الإسلامي، كما يحدث في دول أخرى، مثل مصر.

أحد الأصدقاء، المتخصصين في الشريعة وبمراقبة المشهد الإسلامي، أرسل لي ملحوظة تتعلّق بظاهرة بدأت بالانتشار (وإذا كانت دقيقة فهي فعلاً مقلقة)، تتمثّل في أنّ عدداً كبيراً من مؤيدي الرئيس المصري السابق محمد مرسي، على صفحات التواصل الاجتماعي، بدأوا يعلنون تأييدهم لتنظيم "داعش". وعلى الأغلب، إذا كانت النسبة الكبيرة منهم مصريّة، فإنّه يعني أنّ هذا التيار بدأ يستفيد كثيراً من "المحنة" التي تتعرّض لها الجماعة، ومن انقلاب النظام الجديد على كل ما أنجزته ثورة "25 يناير"، وانتشار حالة الإحباط وخيبة الأمل والرغبة في الانتقام وانعدام الأفق السياسي لدى هؤلاء الشباب. ومثل هذه الحالة لن تجد جواباً عليها إلاّ "داعش"!

بالعودة إلى الأردن، فمن الملاحظ أنّ المؤسسات الرسمية أقرّت أخيراً، بعد محاولات إنكار متكررة سابقاً، بانتشار التيار المؤيد لتنظيم "داعش" في مناطق ومحافظات متعددة، سواء في المخيمات الفلسطينية أو حتى في السلط ومعان. وكما يشير موقع "الجزيرة نت"، مؤخراً، فإنّ هنالك تقديرات أمنية وصلت إلى أعلى المستويات تتحدث عن آلاف المنتمين لهذا التيار في الأردن، وهو ما دفع إلى التفكير في اعتبار هذا الموضوع أولوية لدى الجهات الرسمية على المدى القريب.

كان من المفترض أن نشعر بالقلق قبل ذلك. فعندما نتحدث عما يزيد على ألفي أردني يقاتلون إلى جانب "جبهة النصرة" و"داعش" في سورية، وذلك قبل أحداث الموصل، ومئات في السجون، وآخرين في المجتمع، فإنّنا نتحدث عن قفزة كبيرة في حجم التيار ونموه في الأردن، حتى على حساب المجموعة الأخرى في التيار السلفي الجهادي، التي تتأثر بما يقوله أبو محمد المقدسي وأبو قتادة الفلسطيني والدكتور إياد القنيبي وغيرهم؛ إذ أصبح الاتجاه الذي تبنّى قبل أعوام مبدأ "سلمية الدعوة" هو الأقلية والأضعف حضوراً في أوساط التيار الجديد!

سألت قيادة التيار السلفي الجهادي عن سبب نمو "الاتجاه الداعشي" وتأثّر الجيل الشاب الجديد به، بينما لا يستمعون لهذه القيادات التي أسست هذا التيار في العالم وليس في الأردن فقط؟ فأجاب أحد أبرز رموزهم بأنّ السبب يتمثل في أنّ طبيعة الفكر السلفي الجهادي تميل إلى التشدد، وكلما وجدت خطّاً متشدداً أكثر من الآخر ذهبت باتجاهه، وما يحدث اليوم في العراق وسورية والمنطقة عموماً يعزز من هذه المشاعر وذلك الاتجاه.

ما نأمله عندما يفكّر المسؤولون في مواجهة التطرف، ألا يسطّحوه ويختزلوا ذلك ببعض الشيوخ والوعاظ، الذين ينتقدون هذا التيار، فهنالك شروط موضوعية وواقعية هي الأكثر أهمية من الشرط الأيديولوجي والفكري على أهمية الأخير. أمّا الحل الناجع فيتمثّل في ترسيخ الديمقراطية ومفهوم دولة القانون والمؤسسات والمواطنة، والمضي في طريق الإصلاح الحقيقي!



عدد المشاهدات : (537)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :