الطفلـــــة نــوران ملكـــاوي .. تفوز بجائزة أفضل قصة في تونس


رم -

ناجي ابو لوز 

أن تنهل خيالا أدبيا كبيرا داخل عقل طفلة صغيرة تبلغ من العمر ثلاثة عشر ربيعا، هو الأمر الذي يندر بين الأطفال، لكنها الطفلة الاردنية نوران ملكاوي التي سجلت فوزا عربيا بحصولها على الجائزة الأولى في ملتقى البشير التلمودي للأدباء الشبان بتونس في مسابقة القصة الخاصة بالأطفال عن قصتها «أكره الرياضيات».
«العرب اليوم» زارت الطفلة نوران في بيتها ودخلت غرفتها البريئة جدا، لكن مشاهد التفوق على العمر والسباحة في بحور الأدب لكتاب كبار، ما وجدناه كان مميزا حين نظرنا إلى كتب الراحل محمود درويش وغسان كنفاني بين قصص الاطفال.
نوران قالت إنها لا تتعامل مع هذه الكتب على أنها مجرد غلاف وورق، بل هي أرواح تنقلها بين الفينة والأخرى من مكان إلى مكان آخر لتتذوق النص الأدبي الثقيل والقصة القصيرة معا.
ولم تبد الطفلة صغيرة كما هو حجمها وعمرها، حين أجابت على أسئلة بسيطة مثل «لماذا تكتبين عن الحروب رغم أنك تعيشين في عمان، حيث هنا لا يوجد ما هو مخيف و موتر، ردت: ألا تدري أن الأطفال قلب الإحساس.. هنا روح الشاعر تجيب وروح الأديبة الكبيرة.
الطفلة نوران رحبت بنا على طريقتها قارئة لنا قصتها «انا اكره الرياضيات»، وحوارية كتبتها بينها وبين الراحل محمود درويش، تمد يدها له لتدافع عن اطفال فلسطين امام الكيان الإسرائيلي.
ثم رسمنا الحديث في المستقبل الذي تود ان تصيره نوران. بماذا تحلمين عندما تكبرين؟
أحلم أن أصير مقدمة برامج أستضيف الاطفال المبدعين، كل الأطفال مبدعون موهوبون، لكن يجب أن نأخذ بأيديهم.
قالت نوران لي موطئ قدم على أرض غزة، هكذا وعدتني أمي وهكذا أريد أن أفعل.
هل ستتغير طبيعة كتاباتك في الدفاع عن حقوق الأطفال، فأنت عندما تكبرين لن تظلي طفلة ؟
تجيب نوران، في كل أديب وشاعر كبير «طفل صغير لا يموت» لأنه إذا مات، لن يكون أديبا صاحب إحساس ومشاعر.
وماذا تقولين لجيش الاحتلال الذي تحاربينه بقلمك دفاعا عن الأطفال؟
انظروا إلى أطفالكم قبل أن تقتلوا فرحة الآخرين.
ماذا تقولين لكل عائلة لديها أطفال بعمرك ؟
«أطفالكم جواهر فلا تكونوا حدادين».
والدة الطفلة نوران «السيدة ربى ابو دلو» قالت لـ «العرب اليوم» إنها حرصت هي ووالد نوران على توفير الكتب والقصص كافة التي ترغب دوما في قراءتها، موضحة أن لنوران طقوسا خاصة لا تشبه الأطفال بعمرها، فكل ما تحلم به نوران قد لا يدركه عقل طفلة صغيرة، فهي رسامة ممثلة مصممة ألعاب، كاتبة والآن بدأت في خوض تجرية الشعر الحر.
نوران وقبل أن نغادر غرفتها المفعمة بالشعر والألوان والصور وشهادات التقدير، قالت أكثر ما يحزنني أن لا ألقى فوزا لقصتي في بلدي الأردن، لا أجد أي شيء يدعمني هنا، الا أن بعضهم يهنئني عبر صفحات الفيس بوك ويبارك لي ويشجعني على إنجازات مرّت عابرة.
والدة نوران أثنت على رأي ابنتها قائلة» تونس بلد الأدب وهذا يعني أن قصة نوران كان لها أهمية وقيمة أدبية كبيرة بحجم عمرها» لكن أن تكون الأردن بعيدة عن الأخذ بأمنيات الطفلة المبدعة فهذا ما يحزنها كثيرا.
وتاليا نص القصة التي فازت فيها نوران:
«أكره الرياضياتّ أجلس في غرفتي الصغيرة أنظر حولي، حولي ألعابي التي أحب ان تتوزع هنا وهناك، ورسوماتي، وعلب ألواني، وقصصي، وكتبي وألبومات صوري.
في زاوية من غرفتي أغراض لأمي ورسوماتها وذكرياتها وأدوات وكتب أبي.
يا الله ماذا لو تهدمت غرفتي؟ هل سيقولون تهدمت غرفة ؟!!
طفلة صغيرة تجلس في زاوية المنزل الذي قصفوه دون رحمة، تنظر إلى ما تبقى منه وتبكي.
في زاوية أخرى تجمع الناس وبعض الأشخاص الذين يحصون عدد ما تهدم من منازل «20 منزلا» وعدد من مات من أطفال «10 أطفال» ومن كبــــــــــــــــار «15 شخصا»، يحصون عــــــــــــــــدد الجرحــــــــى «50 جريحا» ويكتبون ما تبقــــــــــى من حياة.
في زاوية ثالثة طفل يبكي بدموع ملونة، يبحث عن والديه ويسأل عن سيارته الصغيرة التي اشتراها من مصروفه اليومي.
وطفلة تريد لعبتها التي تحب. وأم تبحث عمَّا تبقى لها من ذكريات.
كيف لكم أن تحصوا ما خلفته الحرب والدمار؟؟ لطفلة ضاع فستانها الأبيض؟ ولعبتها الجميلة؟ ولطفل يبحث عن ألوانه ورسوماته التي يحب؟ وطفلة تبحث عن قصصها وكتبها؟ وأب ضاعت منه أوراق العائلة التي احتفظ بها؟ وأم أحرقوا كل ذكرياتها بكل زوايا البيت؟ …هل فكرتم أن تحصوها وتنثروها أمام العالم الأعمى؟!
هل عرفتم الآن لماذا أكره الرياضيات ؟!
لأنه حين تموت طفلة.. هل ينقص العالم طفلة؟ أم تزيد السماء عصفورة ونجمة، وتزيد الأرض وردة، وتتطرز الأرض والسماء بالأطفال والذكريات.
لأنه عندما يدمرون 20 منزلا.. هل ينقص العالم 20 منزلا فقط؟ وماذا عن غرفته وغرفتها؟ وأغراضه وأغراضها؟ وذكرياته وذكرياتها؟ وألعابه وألعابها؟ ومكتبته ومكتبتها؟ وملابسه وملابسها؟ وقصصه وقصصها؟
ألم اقل إنني أكره الرياضيات..
.




عدد المشاهدات : (9938)

تعليقات القراء

احمد الروسان
ما شاء الله عليك يا نوران انا من اول ما عرفتك انت و اهلك قبل اربع سنوات كان عندي احساس قوي انو يوم من الايام رح تصيري اشي كبير منها للاعلى انشاءالله بالتوفيق
03-06-2014 09:31 AM

أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :