«زعرنات» على خطّ التعليم


احمد حسن الزعبي
لا أعرف بالضبط من كتبها، أو الذي التقط مفارقتها، لكنها تظلّ رائعة للعبرة وللتفكّر مهما بلغ تكرارها:
أًراد الصينيون القدماء أن يعيشوا بأمان؛ فبنوا سور الصين العظيم .. واعتقدوا بأنه لا يوجد من يستطيع تسلقه لشدة علوه، وخلال المئة سنة الأولى من بناء السور تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات! وفى كل مرة لم تكن جحافل العدو البرية المدججة بالسلاح والعتاد فى حاجة إلى هدم السور أو تسلقه او القفز عنه .!
بل كانوا في كل مرة يدفعون للحارس الرشوة ثم يدخلون عبر الباب.
لقد انشغل الصينيون ببناء السور ونسوا بناء الحارس .. !
تعجبني جدّاً شجاعة وزير التربية والتعليم د.محمد الذنيبات في المكاشفة أولاً وبمسح كل «كريمات» التجميل الزائفة التي كانت توضع على وجه التعليم بشكل عام للاستعراض بها وتكريسها كانجازات .. وقول الحقيقة ومحاولة مواجهة الواقع بشجاعة وفروسية... حول الأمية المتفشّية في الصفوف الأولى في المدارس..
وثانياً: التصدّي – ما أمكن- لمحاولات العبث بعفّة امتحان التوجيهي بعد ان تحول الى «شوربة» في السنوات السابقة، حيث دخل تجّار التعليم من نفس القطاع من جهة، و»الزعران» والبلطجية من جهة أخرى على خط الامتحان وبدأوا يرهبون المراقبين لتسهيل عمليات الغشّ لزبائنهم من الطلاب، حتى كادوا ان يجهزوا على سمعة هذا الامتحان الى الأبد ..
قبل ايام قليلة كنت استمع للوزير على قناة رؤيا.. وشعرت أنه حريص جداً أن يخرج الامتحان هذا العام بصورة بيضاء تسرّ الناظرين.. لكنّي أريد أن أذكّر الوزير.. أن كل الوسائل التقنية التي رصدتموها لمنع الغشّ لم تفلح كما لم يفلح سور الصين العظيم.. ما لم تبنوا الإنسان نفسه !!..
المراقب الذي يتساهل بقصد او دون قصد في «تمريق» عمليات الغشّ يجب أن يحوّل إلى القضاء ويوقف عن عمله ..»تجمّعات الزعرنة» المتواجدة أمام كل مدرسة يجب أن يقوم الأمن بدوره بتحويلها للمحاكمة... من يقوم بالتسريب من الطلاب يجب ان يحوّل للقضاء أيضا وكل من يثبت تورطه دون رأفة أو تساهل...
هل تعلم يا معالي الوزير أن بعض الزعران «الجهلة» وأصحاب الأسبقيات صاروا يتاجرون بامتحان التوجيهي.. حيث يدفع لهم الطلاب مبالغ تصل الى 500 دينار للطالب الواحد مقابل ان يرهب المراقبين ويهددهم في بيوتهم وأمام أبنائهم بـ»المسدّس» اذا لم تساعد فلان وفلان سأقتلك!!..وهذا البلطجي له «شلّة موزّعين على القاعات بالتساوي لتمرير الغش للطلاّب.... يتم الدفع بعد الامتحان مباشرة..وإذا كان الطالب من المقرّبين او الجيران أو الأرحام فإن البطلجي ومريديه يؤجلون الدفع حتى يجمع الطالب الناجح : «نقوط النجاح»!!..
كل القوانين والإجراءات التي اتخذتموها لحماية الامتحان من العبث جميلة ورائعة .. لكن عليكم ان تكملوا واجبكم ببناء الإنسان نفسه.. الصرامة في الإجراءات بحق الطالب.. حماية المراقبين من «بلطجة» الزعران.. وحماية بعض المراقبين من أنفسهم أيضاَ وإغراءات المال..
أما تقنيات الغش فستموت حتماً..ما لم تجد من يحييها..

[email protected]




عدد المشاهدات : (2302)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :