
ومضى الشيخ احمد ابو رواع مجللا بالحب والوفاء ، ومحملا بالخير والبركة ، مضى القلب الكبير، والكلمة الطيبة والشخصية الاجتماعية المرموقة في مادبا وما حولها ، لتنعى المدينة دامعة احدى شخصياتها الهامة والتي ستتربى اجيال تلو اجيال على ذكراه العطرة ، وسيرته البينة بالخير والاصلاح ، فطيب الله ذكراه من راحل ترك الخير حيث سار ، وحل وكان ورعا مستقيما لبى نداء ربه طائعا في الجمعة وكان قد خطب الناس فوصاهم بأنفسهم واخوانهم خيرا ، وحضهم على الترافق والتواد والتراحم كما هو شأنه دائما يرتقي الى السماحة والرضى ويتجلل بالرزانة والتواضع فكانت لحظات حزينة يغادر فيها «ابو زيد » الدنيا وتحط رحاله في الأخرة ، حيث يشتاق الظامئ الى لقاء من احب.
وانه ليحزنني ان يرحل اخي من هذه الدنيا وان يخلف اهله ووطنه وهو في قمة عطائه حيث لم يملك الا أن استجاب لنداء خالقه عز وجل وترك الأرض بما رحبت ، ولعلها اقدار تصيبنا وقد غيبت عنا المواقيت ، وهي ساعات تدق بحتوقنا ، وتحمل معها نداء النهايات وتطوبنا وتغيبنا من هذه الدنيا الفانية ، فيا ربي .. لا تردني اذا تقطعت الأسباب ، وأتيتت من الظلام ، وانت الملاذ الأخير، فنورك يشدني من كل مكان ، وانا امشي خلف النور ، فلا تحجبه عني فلا اعود اتجمع ولا تجعل اخطائي تغلق الطريق فيهزمني الطين ، ان نورك يناديني فأخرج من كل الانحاء ، اسمع صوت الخلود ، وأمر فوق شاهد مقبرتي واذكر اني سأغادر بعد قليل.
ربي ان كل مكان يذكرني بالرحيل فأدق بابك النوراني ، واذرف دمعي على قلب لا يهدأ وروح لا تقرأ لافتة الفناء على ظهرها.
غدا سيأتون الى اثري الصغير ولن يعزفوني ، فستبكي ذكراي بدون فائدة ويمرون من قصتي الفانية ولا يعتبرون ، فيا ربي كن لي الملاذ الأخير ، وأقبلني اذا اتيتك وعلى قدمي اثر الخطيئة ، فأنا أمشي خلف النور ، ولا تسرقني معزوفة الظلام من المشوار الصعب ، وغدا اتصدع وانهار ككومة من تراب ، وينتهي الحزن.
ما اعذب الحزن عندما يحط في النفس الفانية ، وما احلى الألم وهو يدك في الجسد الهالك ، فكل الاشياء مربوطة بحبل الزوال وتمضي نحو انتهائها ، وكل شيء هالك الا وجهه ، فامنحني من وجهك المبارك مسحة ضياء ، كي اتلاشى بلا خوف واحزن بلا حدود كي تهون المصيبة يا ربي اجعلني امام مرآة النهاية ارى صورتي الفانية فأدب نعي الخسوف على كل المخلوقات ، ويا ربي اذا اتيتك من طريقي فلا تتركني على بوابة اليأس ، فليس لي مكان اذهب اليه ، واجعل لي نهاية عند بابك الكبير ، وامنحني منك الرجاء وعندك الانتهاء واذا سويتني مع التراب فلا تدع الشوك ينمو فوقي ، فشوق العمر قتل زهري ، وتلوثت بالأمل ، فخف سيري اليك ، وحملت معي التراب ، ووقفت في طريقي حتى ناديتني فأنقصت وزني ، ونحل جسمي ، وخرجت نحو ندائك الخالد ولما انتبهت وجدتني اجيء بيدين خاويتين فاسأل ترابي الخجل ، لن اتوقف وانت تناديني وانا قدماي حافيتان ، وخلفي ضجيج العالم ، ونهاية كل شيء فاقبلني اذا اتيتك بلا ملامح واجعلني افوز بالقبول من لحظة المثول ...
يا ذا الجناب افتح الأبواب ، تعب التراب ، وعم العذاب ، والآيب عاد من بعد الغياب ، في ذاتكم ذاب ، قاصدا الاقتراب ، همه « لقى » الأحباب ، العبد تاب ...السالك جاء ، قبل اللقاء ، خوفه داء ، ودواؤه الرجاء ، فافتح الانحاء والاضواء ، ولا تشمت الاعداء ، واجعل عندك الانتهاء ، يا قابل الدعاء.
خيط نور يبحث عن النور، هجر الدنيا والدور، همه رضى الغفور، والوصل والحضور ، وقبر بين القبور ..
اذا جاءك المشتاق ، فلا تغلق الأفاق ، ويكفيه ما ذاق ، من حرقة وفراق ، ومن لوعة واحتراق « هو زائل انت باق » ...
افضى الى خالقه اسراره ، وانقطعت عن الناس اخباره ، واطفأ عقب الشوق ناره ، وفي المدنى ضاعت آثاره ...
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
|
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |