
مائة مليون حجر تم رجم ابليس بها ، قرب مكة ، والمائة مليون حجر ، يتم ضرب الشيطان ، بها تطبيقا ، لنص ديني ، نؤمن به بطبيعة الحال ، وهذه المائة مليون حجر ، تتكرر كل عام ، ولو جمعنا عددها ، خلال ستين عاما ، هي عمر اسرائيل ، لتم اغراق اسرائيل بالحجارة ، على فرض لو رجمناها ، باعتبارها الشيطان الحقيقي ، في المنطقة.
الشيطان الذي لا ينام غرب النهر ، هو من يستحق الرجم فعلا ، فلم يعد لابليس بصورته التي تحثك على الفساد والشر ، وارتكاب المحرمات ، اي قيمة ، مقارنة مع مايفعله الشيطان في فلسطين المحتلة ، فهذه مدينة عربية ، محاصرة ، تموت كل يوم ، وتتم التضحية بسكانها واطفالها ، وقتل المرضى ، وتجويع من فيها ، وقطع الكهرباء عن اهلها ، والشيطان يفعل بهم ما يريد ، فيقتلهم وياسرهم ويسبي نساءهم ، وثلاثة ملايين حاج يرجمون الشيطان ، خلال موسم الحج ، في حين ان الاولى بالرجم هو اسرائيل ، وانتفاضة الفلسطينيين ، استخدمت الحجر ، طوال عقدين ، في استدعاء لطقس الرجم ، على ما يبدو ، وسقطت ملايين الحجارة ، من يد الاطفال ، على الجند والمدرعات ، في اسرائيل ، وسببت الحجارة عقدة لاسرائيل ، وقد رأينا قبل ايام كيف قام المتطرفون الاسرائيليون في الخليل ، باستخدام الحجارة لرجم الفلسطينين ، ورجم بيوتهم ، والاستدعاء هنا ليس دينيا ، فقد سببت الحجارة عقدة لاسرائيل ، ولا تفك مثل هذه العقدة ، الا بممارستها.
المسلمون ، من جانبهم يرجمون الشيطان ، خلال موسم الحج ، لكنهم ينسون العبرة ، في الطقس ، وتتحول العملية الى عملية ميكانيكية ، تشبه اي رياضة ، على الرغم من ان طقس الرجم يعني الحرب على الباطل ، والشر ، ومحاربة افعال الشيطان ، في الارض ، لكننا اكتفينا ، برجم الحجارة ، في الموسم ، وكفى الله المؤمنين القتال ، وعدد الحجارة ، التي تم ضرب ابليس بها خلال موسم الحج ، يصل الى عدد فلكي ، يصل الى مليارات الحجارة ، التي يضربها الحجاج ، ويتم جمعها من جديد واعادتها الى اماكن جمع الحجارة ، استعدادا لقدوم حجاج جدد ، يكررون العملية بطريقة ميكانيكية ، والواقع يشي بأكثر من ذلك ، فهؤلاء ، يقدمون الحج ، على اي فريضة اخرى ، ولو بالاستدانة من اخرين ، او رشوة اخرين لتأمين فيزا الحج ، والفريضة الغائبة ، هي تخليص المنطقة ، من الشيطان الاصيل ، الجالس ، الى صدورنا ، والذي دب الخراب بكل اشكاله ، منذ ان داست قدمه المنطقة ، ونرى اصابعه ، وراء كل مصيبة ، في كل بلد عربي واسلامي ، قريب او بعيد من اسرائيل ، فان لم يكن بافتعال الحروب ، كان بدب الفتن الدينية والمذهبية ، وكل اشكال الفتن ، والتخريب الاقتصادي ، والزراعي ، وجعل كل السوار المحيط بفلسطين ، مهلهلا ، ضعيفا ، لا يقدر ان يرد ذبابة عن وجهه ، في فصل الصيف.
هل من فتوى تبيح تغيير طقس الرجم ، من موقعه الحالي الى مواقع اخرى ، بالطبع الفقهاء لدينا يخافون ولا جرأة لديهم للتفكير بمثل هذا السؤال ، برغم ان واقع الحال ، يؤشر على ان للضرورة احكاما ، وان وقوف الحاج بأتجاه القبلة الاولى ، ورجم الحجارة باتجاه من يحتلها ، ولو من بعيد هو امر جائز ، في هذا الزمن ، ليس من باب الافتاء ، ولكن من باب الرمزية ، على الاقل ، والحجارة المتساقطة ، في اي موسم ، قادرة على فتح معابر غزة ، ووصل الضفة بالقطاع ، وقادرة على مدى مواسم الحج ، ان تغرق تحت وطأتها ، كل المدن التي تم استحداثها ، منذ الاحتلال حتى يومنا هذا ، دون ادنى شك ، وهي قادرة ، على ايقاظ الضمائر الغافية ، في شرق المتوسط ، وجنوبه ايضا ، اذا ما تم ضرب الضمائر بها ، بشكل او اخر.
ينتهي موسم الحج ، ويعود الحجاج ، بالمسابح الصينية ، وسجاجيد الصلاة التركية والتايوانية ، وبالمساويك التي لا يعرف من جذع اي شجر ، يتم انتزاعها ، ويعود هؤلاء ، وقد قبل الله اعمالهم بأذنه ، وقد نحروا ايضا ملايين الخراف ، لكنهم ينسون مثلما ننسى ، ان الشيطان ما زال يمارس اعماله بكل قوة ، وانه في عز الرجم ، كان اهل غزة يعذبون ، وكان اطفالهم يجوعون ، وانهم في عز نحر الخراف ، كان غيرهم يتم نحره ، ايضا ، ليبقى السؤال مفرودا ، بين يدي الجميع ، حول الرجم ، اين يجب ان يكون ، وفي اي موقع ، وعلى اي شيطان ، البديل ام الاصيل؟ وهل مليارات الحجارة ، التي رمتها هذه الايدي ، تعادل رمية حجر لطفل غزي ، كان شجاعا ، ورجم بها دبابة اسرائيلية ، مقرا بذلك ، ان الطقس ليس مطلوبا لحد ذاته ، وانما لجوهره ، وفرق كبير بين الجوهر ، واستحداث المهارب في حياتنا ، وعلى مستويات مختلفة. ولم يعد بامكاني سوى الاعتذار لابليس الصغير ، الذي نرجمه كل عام ، لافعاله وحثه على الشرور ، حين نرى معلمه الكبير الذي لا يتم رجمه ، كيف يتفرد بالقوة ، والحصانة من الرجم ايضا ، وعدم تلفتنا اصلا الى افعاله.
كل عام وغزة بألف خير.
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
|
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |