مـلاحظتـان على التعديـل الوزاري قبـل وبعـد


- الملاحظة الاولى ما تردد من ان اسباب تأخير التعديل من اسبوع الى اسبوع ومن يوم الى آخر هو البحث عن وزراء لاشغال الحقائب التي ستشغر وهذا قد يكون مفهوما ، لكن بقراءة متأنية لاسماء الوزراء نجد ان المحاصصة تغلب عليها واقصد المحاصصة الجهوية والعشائرية فاذا خرج وزير من المحافظة كذا ، فيجب ان يأتي آخر منها ، واذا عُيّن وزير من عشيرة ما فمن اللازم ان يخرج وزير آخر اذا كان من العشيرة نفسها ، اضافة الى محاصصات اخرى لا طعم لها ولا لون ولا رائحة.

الاستمرار بمثل هذه الالية في تشكيل الحكومات او تعديلها يقود الى حالة من اقتصار هذه المحاصصات على جهات وعشائر بعينها في لعبة كراس تقف فيها الاغلبية الشعبية متفرجة ، وكأن البلد خال من اصحاب الكفاءات والمسؤولين والقادرين على العطاء. وهو ما يفسر رؤية وزراء ما ان نشاهد اكتافهم المغادرة للحكومة حتى نرى وجوههم تعود الى الناس في حكومة اخرى ، من دون ان يعرف احد لماذا تم اختيارهم ولماذا هم مغادرون.

في التشكيلة الجديدة لا ارى اضافة لها دلالاتها ، غير دخول نايف القاضي وزيراً للداخلية. انه صاحب رأي ومواقف معروفة في السياسة الداخلية واعتقد ان وجوده ، مرة اخرى ، على رأس الوزارة يتماشى مع مرحلة جديدة في المنطقة تحمل من مخاطر تأثيرات وتعقيدات خارجية قد تؤثر على الاوضاع الداخلية التي تتطلب يقظة وحذرا.

واذا كان معظم الوزراء الذين دخلوا الحكومة في التعديل ، هم وزراء سابقون او وزراء انتقلوا من حقيبة الى اخرى فان توقع مفاجآت في الاداء الحكومي ليس واردا ، اما الوزراء الجدد ومنهم وزير الصحة الدكتور نايف الفايز فاتمنى له النجاح في حقيبة وزارية هي الاصعب ، وقد تكون اهم نجاحاته ان يتجنب تأثير المشاكل السابقة المستوطنة في الوزارة على ادائه.

- الملاحظة الثانية هي حالة الانكار التي عشناها كصحافيين ورأي عام ، امام ألغاز الولادة العسيرة للتعديل الوزاري ، الذي اصبح بحد ذاته قصة ، لانه تحول الى ما يشبه « الأحجية » او فوازير رمضان من حي وقت حدوثه واسماء الوزراء الخارجين والداخلين الى الحكومة.

منذ اكثر من ثلاثة اشهر والرأي العام الاردني يسمع عن التعديل المنتظر ، وخلال أشهر واسابيع كان عنوانا في الصحف وعلى واجهات المواقع الالكترونية. لكن كل ما خرجنا به « كإعلاميين وصحافيين » من هذه « السولافة » اننا اثبتنا لقُرائنا بان ما ننشره هو كلام جرايد ، وان مصادر معلوماتنا لم تكن دقيقة الى درجة استطيع بها القول بان الحكومة التي اصدرت قانون « حق المعلومات للصحافة » هي التي تعمل بإمتياز على حجبها.

في مقالتي امس الاول استشهدت بـ « الديمقراطية » الاسرائيلية مقابل الحالة المضادة للديمقراطية في العالم العربي ، وامام جدلية التغيير والتعديل الوزاري وألغازه الاردنية استشهد ايضا بتصرفات عدونا. فحتى فضائية الاردن وصحافته كانت خلال الاسبوع الماضي تستهل نشراتها بأخبار المشاورات التي يجريها شمعون بيريز من اجل تشكيل حكومة اسرائيلية جديدة ، وعلى شاشتنا الوطنية كما على شاشات الفضائيات نرى بيريز يستقبل ويشاور ويكلف. وبالمقابل نرى سياسيين يؤيدون وآخرين يعترضون ، اي اننا امام مفاوضات وحوارات علنية على الاثير لتشكيل الحكومة.

ما دامت الحكومات في بلدنا لا تأتي كثمرة انتخابات عامة وفوز اغلبية نيابية ، فمن ابسط الحقوق ان نرى تشكيلا شفافا وتحت الاضواء عند التغيير والتعديل.

نحلم بمشهد نرى فيه مندوبي الصحف ووسائل الاعلام يرابطون امام مقر الحكومة في الدوار الرابع لتوجيه الاسئلة وتلقي الاجابات ، ليس فقط من الرئيس ولكن ايضا من الذين يستدعون الى مكتبه او منزله للتشاور « عند التعديل او التشكيل الجديد » هل هذا كثير ان نطالب به في شهر شباط من العام التاسع في القرن الواحد والعشرين ، وفي عصر ما بعد الحداثة ؟؟؟

[email protected]




عدد المشاهدات : (1397)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :