خطــة للتحــوّط السيـاسي على غـرار الإقتصــادي


اعادة تعريف مصادر تهديد الامن الوطني وانتهاج دبلوماسية جديدة في الاقاليم

يسهب رئيس الوزراء نادر الذهبي في شرح وتحليل تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية على الاردن ، يعرض بالارقام الدقيقة نتائج الاقتصاد العام الماضي وتوقعات حكومته للعام الحالي ، ولا يقف في عمله عند هذا الحد ، فقط طور خطة للتحوط الاقتصادي على المسارات كافة. وسواء اتفقنا او اختلفنا مع بنودها فان احدا لا يستطيع ان ينكر وجودها ، وكان لها اثر ايجابي في تجنيب الاردن بعض التداعيات السلبية للازمة خاصة قرار الحكومة بضمان ودائع البنوك لمدة عام وحزمة اجراءات التحفيز الاقتصادي الى جانب تأسيس صندوق للتحوط المالي ويتحدث الذهبي عن المشاريع الكبرى وكأنه يقرأ عن خارطة امامه.

على المستوى السياسي الداخلي يحاول رئيس الوزراء تطوير خطة مشابهة لتعزيز تماسك الجبهة الداخلية عنوانها الاصلاح السياسي وتطوير منظومة التشريعات المتعلقة بالتنمية السياسية وفي مقدمتها قانون الانتخاب.

ولا ينكر الذهبي اثر العوامل الخارجية في اعادة احياء اجندة الاصلاح الداخلي وتحفيز خطة التنمية السياسية خاصة بعد فوز الديمقراطيين في الانتخابات الامريكية ، الذهبي يتوقع ان تركز الادارة الديمقراطية على قضايا الحريات وتربطها بالمساعدات واستباقا لاي ضغوط خارجية تسعى الحكومة الى اتخاذ خطوات اصلاحية في المجال السياسي استنادا الى المصالح الوطنية بعيدا عن الاملاءات الخارجية.

خطة الذهبي للاصلاح السياسي ما زالت في مراحلها الاولى وهي مجرد افكار عامة لم تتحول بعد الى برنامج تنفيذي وهو ما وعدت الحكومة بانجازه قريبا وسط تشكيك احزاب سياسية بنوايا الحكومة الاصلاحية استنادا الى تجارب حكومات سابقة رفعت شعار الاصلاح السياسي وتراجعت عن وعودها.

لكن الامر يختلف عندما ننتقل في الحديث الى التحديات الاقليمية التي تواجه الاردن ، يحلل الذهبي المشهد السياسي ابتداء من الانتخابات الامريكية ونتائج العدوان الاسرائيلي على غزة وفوز اليمين في اسرائيل ويضع قائمة من التوقعات بناء على المعطيات القائمة وفي هذا الصدد يبدو الذهبي متشائما ازاء فرص حل الدولتين ويتهم اسرائيل بتعطيل جهود التهدئة في غزة.

وفي مقابل الرهان على دور امريكي فاعل في العملية السياسة يخشى رئيس الوزراء من نفوذ اللوبي الصهيوني في امريكا في الحد من دور ادارة اوباما في الشرق الاوسط. ويبدي تفاؤلا حذرا تجاه جهود المصالحة العربية والفلسطينية التي يؤمن بأنها الشرط الاساسي لاعادة احياء الدور العربي.

وتراقب الحكومة عن كثب توجهات الادارة الامريكية الجديدة تجاه سورية وايران وحركة حماس في الوقت الذي لم تحسم بعد سياساتها حيال هذه الاطراف. بخصوص العلاقة مع حركة حماس يقول الذهبي ان لقاءات جلالة الملك مع شخصيات سياسية اظهرت تباينا في الاراء بين مؤيد للعلاقة مع حماس ومعارض متشدد ضد اي شكل من اشكال الاتصال مع الحركة.

بيد ان التحليل الشامل لعناصر المشهد الاقليمي والاحاطة بالتطورات الجارية لم يساهم لغاية الان في بلورة سياسة اردنية واضحة المعالم. الصورة عند الحكومة تبدو ضبابية والتحركات التي نشهدها لا تعدو كونها مناورات سياسية.

هناك ادراك لحجم التحديات والمخاطر المقبلة لكن الحكومة لم تنجز خطة للتحوط السياسي على غرار ما فعلت في الجانب الاقتصادي تتضمن تقييما جديدا لمصادر تهديد الامن الوطني الاردني.

الاسئلة التي تطرحها التطورات في اسرائيل والساحة الفلسطينية وما يحدث من اتصالات بين سورية والسعودية ومصر ما زالت معلقة.

يحتاج الاردن الى بناء تصور شامل للتعاطي مع السيناريوهات المحتملة وثمة اجراءات داخلية لا بد من اتخاذها في اطار سياسة التحوط كما ينبغي العمل وبسرعة لتطوير دبلوماسية اردنية جديدة لادارة العلاقات مع الاطراف الاقليمية والدولية واعادة تعريف الحلفاء والاعداء.

[email protected]




عدد المشاهدات : (2686)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :