حتى لا تكـون حـكومــة حصــار!!


عندما يشدد الرئيس الفلسطيني محمـود عباس (أبو مازن) على ان حكومة الوفاق الوطني التي من المفترض ان تتشكل، هذا إذا قيَّض الله للحوار بين الفصائل الفلسطينية ألاَّ يفشل وأن ينتهي نهاية سعيدة ، يجب ان تلتزم بمبادرة السلام العربية وبحلِّ الدولتين وبكل الإتفاقات المبرمة مع الإسرائيليين وإلاَّ فإنها ستكون حكومة حصار وسيقاطعها الأميركيون والأوروبيون وكل الدول الفاعلة التي لها أدوار في مساعي حلِّ أزمة الشرق الأوسط.

والمسألة هنا ليست مسألة شروط مسبقة أنها مسألة واقع من المفترض الانطلاق منه لمواجهة استحقاقات هذه المرحلة واستحقاقات هذه المرحلة فلسطينياً وعربياً ودوليّاً ليست الكفاح المسلح ولا العودة للحروب على غرار ما بقي مستمراً عشرات الأعوام حيث كانت النتائج هي هذه النتائج القائمة وإنما خوض المعركة السياسية بموقف سياسي موحد متفق عليه من قبل العرب كلهم ومدعوم من قبل المجتمع الدولي بأسره.

ولذلك فإنه لابد من ان تكون الأمور واضحة ومتفقا عليها منذ الآن فالحكومة التي يجب وبالضرورة ان تكون حماس شريكاً رئيسياً فيها حتى تنجح وحتى تنجز كل مهماتها وعلى رأسها إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في الموعد المتفق عليه لابد وأن تكون مقبولة بصورة عامة من إسرائيل ومن الأوروبيين ومن الأميركيين ومن باقي دول العالم المؤيدة للمسيرة السلمية والملتزمة بحل الدولتين على أساس القرارات الدولية وخارطة الطريق وإتفاقات أنابوليس.

لا يمكن للموفد الأميركي جورج ميتشل، الذي يُعوَّلُ على مهمته الشيء الكثير، ان يتعاطى مع حكومة فلسطينية لا تعترف بالقرارات الدولية المتعلقة بأزمة الشرق الاوسط ومن بينها القرار 242 والقرار رقم 1860 الذي هو آخر قرار أصدره مجلس الأمن الدولي ولذلك حتى تكون هذه الحكومة المنتظرة حكومة تسهيل وليس حكومة تعقيد وحكومة إنفراج وليس حكومة تأزيم فإنه يجب ان يكون معروفاً ومنذ الآن إنه عليها ان تعترف بما تعترف به منظمة التحرير وإن عليها أن توافق على كل ما وافقت عليه هذه المنظمة منذ اتفاقيات أوسلو وحتى الآن.

غير مطلوب من حماس كحركة وكحزب سياسي ان تعترف بإسرائيل وأن تنبذ العنف فحركة فتح لم تتخذ مثل الموقف علناً وهذا لم يطلب منها بالأساس لكن عندما يشارك أعضاء من حركة المقاومة الإسلامية بغض النظر عن مواقعهم في الهرم القيادي لهذه الحركة في الحكومة المنتظرة التي يجري الحديث عنها فإن عليهم ان يلتزموا بما تلتزم به هذه الحكومة التي مرجعيتها السياسية منظمة التحرير.

على حماس، إن هي أرادت الحفاظ على طهارتها السياسية وأن لا تلتزم بما تُطالب به، ان تقبل بدور المعارضة الإيجابية أي ألا تشارك في هذه الحكومة المنتظرة لكن ان تتعهد بعدم عرقلة جهودها بالنسبة لعملية السلام وبالنسبة للتعاطي مع الإسرائيليين إن لجهة القضايا المعاشية اليومية وإن لجهة استحقاقات العملية السلمية.

إن ما قاله أحد الناطقين باسم حماس ردّاً على تصريحات أبو مازن الآنفة الذكر وبخاصة التأكيد على ان حركته لن تقبل بأي حكومة وحدة تعترف بإسرائيل يعني ان هذه المفاوضات، رغم أجواء التفاؤل التي سادت في الأيام الماضية، ستنتهي الى الفشل الذريع ويعني تقديم كل الذرائع والمبررات التي يريدها بنيامين نتنياهو للتهرب من الاستحقاقات المستحقة الدفع التي يطالبه العالم بدفعها وفي مقدمة هذا العالم الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.




عدد المشاهدات : (2162)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :