عن الإصــلاح مــرة أخـرى


مؤسسات الدولة حاضرة في كل تفاصيل حياة المواطن الأردني فهي التي بنت القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية( فوسفات، بوتاس، مصفاة البترول، محطات توليد الطاقة، الميناء الوحيد، صوامع القمح، وهي ايضا اكبر رب عمل و مالكة لمعظم المدارس والمستشفيات، وبالرغم من الخصخصة التي طاولت بعض الانشطة الاقتصادية الا ان الدولة تبقى القابلة القانونية للمجتمع الاردني: اذن فالدولة هي الحقيقة الفيزيقية الاكثر سطوعا في حياة الاردني.

ان اردنا اصلاح التعليم فلن يكون بمقدور قطاع التعليم الخاص قيادة ثورة بيضاء في هذا المجال ان لم تبدأ شرارة الاصلاح في المؤسسات التعليمية الحكومية ، وان تردت الخدمات في القطاع الطبي الحكومي فان القطاع الخاص غير قادر على ملء الفراغ ولا يغيب عن البال ان عشرين عاما من الدلال المتواصل للقطاع الخاص لم يفض الا عن بضع قصص نجاح محدودة اذ لا زالت الدولة هي المبادر في جميع القطاعات وهي المسؤولة عن كل نجاح وعن بعض الفشل في مناحي حياة الأردني.

هل هذا الوضع صحي؟ لست ادري اكان صحيا ام لا خصوصا ونحن نشهد امواج الحنين الجارف الى التأميم والخصخصة المعكوسة تداهم اعتى قلاع اقتصاديات السوق بحيث يبدو السؤال عن جدوى منح القطاع الاهلي فرصة للقيادة سؤالا غير مبرر اطلاقا، فالقطاع الخاص الذي فشل على مدى عشرين عاما في بناء 1% مما بناه القطاع الحكومي لا يمتلك الاهلية القيادة أي قطاع خصوصا ونحن ? كجزء من العالم - نعبر حقبة مأزومة لا احد يعرف على وجه الدقة اين وكيف ومتى ستنتهي.

في سياق الحديث عن الاصلاح السياسي فان احدا لا ينبغي ان يتوهم ان الاصلاح هم يومي للمواطن الاردني وبالرغم من ذلك لا يمكن لاحد ان يقلل من كون الاصلاح ضرورة مصيرية لا مناص من تنفيذ استحقاقاتها، لكن الاصلاح يبقى حاجة ملحة للدولة اكثر منها حاجة لقطاع اهلي او تشكيلة اجتماعية محددة لان الاصلاح بمعناه العميق هو تعبير عن مصالح حيوية تستعصي على التحقق ما لم تكن هناك بيئة سياسية واقتصادية واجتماعية مهيئة .

لا استطيع الجزم لكنني اكثر ميلا الى الاعتقاد بان الابقاء على الاوضاع الراهنة محليا دون اصلاح لن تزعج او تقض مضجع احد من المواطنين ولن يستشعر المواطن الاردني حاجته الفعلية لاصلاح سياسي لانه شب على النظر الى الدولة بوصفها صانعة المبادرات والمسؤولة عن النجاح والاخفاق على حد سواء، فغياب الاصلاح من وجهة النظر الشعبية سببه الدولة وتسريع الاصلاح بالتالي مهمة الدولة اما القطاعات الاهلية فهي تمارس دور المنتظر للمبادرات الرسمية.

سياتي يوم ولعله قريب يصبح الاصلاح حاجة ماسة للدولة قبل الناس وكلما تأخر الاصلاح سيكون ثمن ذلك باهظاً على الاطر الرسمية قبل الافراد وبالتالي فان الاصلاح حاجة ماسة للدولة قبل كل شيء.

هناك طرفة كانت محل تصديق حتى وقت قريب ومفادها ان الاصلاح لا بد وان يبدأ من الاسفل وصولا الى الاعلى لكن انكشاف اهل هذه الرؤية بوصفهم دعاة تجهيل وتغييب للتفكير العلمي الخلاق جعل من نظريتهم في الاصلاح المتدرج طرفة غير مضحكة فضلا عن ان رأس الدولة جلالة الملك هو الضمانة الاولى في هذا المضمار.

الدولة هي الحقيقة الفيزيقية الاكثر سطوعا في حياة الاردني وبالتالي فان الاصلاح هو مهمة الدولة وهي صاحبة المصلحة في انجازه وهي المتضرر المحتمل من تأخره اما العوامل الخارجية سواء اقليمية او دولية فهي محدودة التأثير ان توفرت الارادة في الداخل.




عدد المشاهدات : (2123)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :