الإحتـواء النـاعم للإعــلام .. نتــائج مؤسفـة ..


الإحتـواء النـاعم للإعــلام.. نتــائج مؤسفـة تستــحق المراجعـة

دراسة غير مسبوقة ترتب مسؤولية مباشرة على نقابة الصحافيين ومؤسسات الإعلام

أعلن مركز القدس للدراسات نتائج دراسة غير مسبوقة حول ظاهرة « الإحتــواء النــاعـم » للاعلاميين في الاردن ، والمفارقة ان الدراسة المسحية ذاتها تعرضت لمحاولة « الإحتــواء النــاعـم » من قبل جهات رسمية تدخلت لمنع الصحف من نشرها وقد استجاب البعض لنصيحة الحكومة.

الظاهرة كما تقول الدراسة ليست اردنية ، وهذا صحيح ، لكنها المرة الاولى التي تخضع فيها للدراسة والتحليل ، فالتقارير الخاصة بالحريات الصحافية والاعلامية تركز في العادة على اشكال التدخل المباشر والانتهاك الخشن للحرية الصحافية كالتوقيف والمنع من الصدور او الكتابة.

كما ان وسائل الاعلام في الاردن التي تتصدى لكشف التجاوزات والانتهاكات واشكال الفساد في المؤسسات الرسمية والخاصة ظلت تلوذ بالصمت عما يجري داخل بيتها الصحافي والاعلامي ، باستثناء اشارات عابرة في مقالات الكتاب وتعليقات المواقع الالكترونية.

النتائج التي اظهرتها الدراسة تشير الى ان ظاهرة الاحتواء الناعم في الاردن منتشرة على نطاق واسع في الوسط الاعلامي ، حيث افاد المسح ان نحو 65% من الصحافيين والاعلاميين قد حصلوا على وظائف حكومية ومنح واعطيات واعفاءات جمركية ومعاملة تفضيلية من قبل المسؤولين ، وان 50% من قادة الرأي « الكتاب ورؤساء ومدراء التحرير ورؤساء الاقسام » خضعوا لانماط مختلفة من الاحتواء الناعم الذي يتجاوز الحكومات ليطال القطاع الخاص ورجال الاعمال اضافة الى السلطة التشريعية.

نتائج مؤسفة بلا شك تستدعي وقفة لتحليلها ومراجعتها وليس التعتيم عليها. وهذه مسؤولية نقابة الصحافيين بالدرجة الاولى لانها الجهة المعنية بتفعيل القانون وميثاق الشرف الصحافي خاصة وان غالبية الصحافيين يؤيدون استمرار العمل بمبدأ الزامية العضوية للنقابة.

هناك اسباب عديدة تضعف قدرة الاعلاميين على مقاومة الاحتواء الناعم او الخشن من بينها حاجة الصحافي الى تحسين دخله ويمكن معالجة هذه القضية بالعمل مع المؤسسات الاعلامية لتحسين اجور الصحافيين والاعلاميين.

لكن هذا العامل لا يكفي لتفسير الظاهرة لان معظم الاعلاميين الذين يخضعون للاحتواء الناعم هم من الشريحة الاولى التي تحقق دخلا جيدا من العمل في الاعلام.

« الإحتــواء النــاعـم » كما أكدت الدراسة ينتشر في كل دول العالم. فالحكومات تحاول بكل الوسائل المتاحة استمالة وسائل الاعلام الى جانبها. وهناك اساليب مشروعة لاقناع الكاتب او الصحافي بدعم سياسة الحكومة تقوم على مبدأ الحوار وعرض الحقائق والمعلومات على ان يترك له حق تقدير الموقف الذي يراه مناسبا. المشكلة هي في اللجوء الى وسائل احتواء غير مشروعة وغير اخلاقية لتحقيق هذه الغاية. والمسؤولية في هذه الحالة تقع على الصحافي ومؤسسته بالدرجة الاولى.

اضافة الى ذلك كله فان الدراسة الممولة من جهة اجنبية « كندية » تطرح سؤالا مشروعا حول ما اذا كان التمويل الاجنبي يصنف ضمن اشكال « الإحتــواء النــاعـم » لمؤسسات المجتمع المدني ام لا.

مع تعاظم دور الاعلام في صناعة الرأي العام والتأثير على متخذي القرار ستتواصل محاولات الاحتواء من الاطراف كافة دفاعا عن مصالحها وسياساتها مما يعرض مبدأ الاستقلالية الى تحديات مستمرة باعتباره المبدأ الاساسي في عمل وسائل الاعلام.

خلاصة القول: علينا كاعلاميين وصحافيين ان لا نتخذ موقفا سلبيا من الدراسة او الجهة المنفذة لان ذلك لا يفيد في المعالجة. ينبغي الاعتراف بالمشكلة كخطوة اولى للتصدي للظاهرة.

[email protected]




عدد المشاهدات : (3051)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :