شبرية لأسامة وكرسي لصدام


قبل أيام وفي لحظة من جهل الشباب وعمى الغضب، امتدت يد ابن عمي صدام ابو هزيم بـ(شبرية) نحو ابن عمه وابن عمي أسامة العبادي، فأزهقت روحه، بسبب خلاف بدأ على كرسي (حسبما اخبرني أحد مسؤولي التحقيق) وانتهى بإهراق دم الطرفين: أسامة الذبيح، وصدام الذي قد يكون وصوله الى حبل المشنقة أهون بكثير من سنوات طوال في السجون بين أرباب السوابق، ليخرج بعدها بلا ماض ولا حاضر ولا مستقبل.. يا الله كم هو قاس هذا الحال عندما يجد المرءُ نفسه في مصائب ثلاث: ابن عم مقتول، وابن عم قاتل، ونار تشتعل لتلتهم أواصر جيرة وقربى بين عنصرين من عناصر هذا الوطن، وتمتد ألسنتها لتضع كل أردني في مرمى الاتهام، ولتعيد الركيزة الأهم من ركائز المجتمع الاردني والعربي وهي العشائرية والقبلية، الى موضع الشبه والتجريم. جيراني وأبناء عمي من قبائل عباد خسروا ابنهم الذي خرج في الصباح طالبا جامعيا متوجها الى جامعته، وعاد في الظهيرة جسدا هامدا متوجها الى قبره، وجيراني وأبناء عمي من آل ابو هزيم ومعهم أبناء السلط وعشائرها خسروا ابنهم الذي خرج في الصباح طالبا جامعيا متوجها الى جامعته، وعاد في الظهيرة مجرما مكبلا بالأغلال ينتظره مصير قد يكون الموت أهون ما فيه. وقبل أن نتهم هؤلاء او هؤلاء، وقبل ان نَسُب العشائرية، وننعتهم بالعصبية الجاهلية، ليضع كل منا نفسه في موضع هذا الطرف او ذاك، فأنت ايها الأب ماذا ستكون ردة فعلك الأولى لو جاءك ابنك محمولا مقتولا؟ وانت ايها الاخ ماذا ستفعل لحظة علمك ان اخاك أصبح قاتلا وعائلتك أمست ملزمة بدم القتيل وديته؟ كاذب من يقول ان اللجوء الى القانون والقضاء هو اول ما سيخطر في باله أو بال اي انسان، وكاذب من يقول أنه إن استطاع أن يضبط نفسه وغضبه فسيستطيع أن يضبط أهله وشباب عائلته، واولئك الرجال الذين يَرَوْنَ دم ابنهم مهرقا مسفوحا، لكننا تعلمنا من سُنّة نبينا ومن تراث رجالاتنا أن: (الشديد ليس بالصرعة وإنما الشديد من ملك نفسه عند الغضب)، وان الرجال الرجال ليسوا من يثيرون الحروب والضغائن بل من ينهونها، فاؤلئك الذين يذكرهم الناس ويحفظ سيرهم التاريخ. وهذا ما أثبته كلا الطرفين وبالأخص بنو عباد عندما قبلوا جاهة عشائر السلط ووجهائها. والآن يا بني عمي من قبائل عباد وعشائر السلط، ليضع كل منكم نفسه في موضع الآخر، ولنر الشبرية في يد ابننا المقتول اسامة، ولنر الكرسي الذي اثار الضغينة مع صدام، ثم لينظر آل ابو هزيم في وجه ابنهم ويتخيلوه مقتولا، ولينظر بنو عباد الى صورة ابنهم ويتخيلوه قاتلا وراء القضبان، أكان ما حدث من ثورة وردة فعل هو ما يحبون له ان يقع من أنفسهم ومن الطرف الآخر؟ بني عمي قبائل عباد، وبني عمي عشائر السلط، سألتكم بالله والوطن ودم وصفي وهزاع.. بني عمي قبائل عباد وعشائر السلط، سألتكم بحق تاريخ نمر الحمود وتاريخ الاردن الذي قال في عبّاد (عبّاد ملح البلاد ونزّالين الوعر).. سألتكم بحق الجيرة بينكم التي اوصى بها الله قبل العبد، وبحق جيرتكم لكل اردني، وسألتكم بحق تراب أبينا الحسين بن طلال الذي اختار جيرتكم ولم يهجرها في احلك لحظات تاريخ البلاد، فاختار السلط والبلقاء وبقي مرابطا في الحمّر فيما القصف يطال داره قبل عاصمته، بحق هذا كله، وبحق الاردن وابناء الاردن وتاريخ الاردن وسمعة وهيبة الاردن الذي ما لنا سواه ولا له سوانا، أن تضعوا سلاحكم وتتركوا غضبكم، وتذكروا اسم الله لينزل ماء باردا على قلوبكم وعلى روح ونفس ابنكم وابننا القتيل، وابنكم وابننا الذي ضاع حاضره وماضيه ومستقبله، واحتسبوهما عند ربهما ذبيحين انقذ التسامح بدمهما دماء نفوس شتى، وتاريخ وطن نريد له ان يبقى عطرا. أهلي وعزوتي وبني عمي من بني عباد وأبناء السلط، قفوا للحظة وتخيلوا الخنجر في يد أسامة والكرسي لصدام، واعلموا ان كل سكين تسن وكل رصاصة تطلق وكل صيحة للثأر، ما هي الا سكين تغرز في قلب كل اردني، ورصاصة تطلق في صدر الأردن، وصيحة للثأر من تاريخنا وتاريخ هذا الوطن



عدد المشاهدات : (8248)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :