الدوائر الوهمية .. اصلاح وهمي


النظام المقترح لقانون الانتخاب لا يحقق الاصلاح السياسي ويكرس العشائرية

تحيط الحكومة مداولاتها بشأن قانون الانتخاب بسياج من السرية والتكتم وتكتفي بالقول ان المشروع الجديد سيكون جاهزا نهاية ايار المقبل. ويعتقد بعض المراقبين ان المناقشات حول القانون تتم في دوائر خارج نطاق الحكومة او اللجنة الوزارية التي شكلت لهذه الغاية, ولهذا السبب تجد الحكومة نفسها محرجة من الحديث عن امور تجهل تفاصيلها مثلنا كما تشير المعلومات المتسربة من مصادر رسمية الى وجود تباينات بين الوزراء والمسؤولين حول شكل النظام الانتخابي المناسب, لكن ذات المصادر ترجح اعتماد صيغة غير مسبوقة في قوانين الانتخاب المحلية تقوم على مبدأ الدوائر الوهمية. وترى المصادر ان هذا الاقتراح يحظى بدعم وقبول شخصيات عديدة في الدولة. وتقضي الصيغة المقترحة بمنح مقعد واحد لكل دائرة "وهمية" ويحق لكل عشيرة التسجيل في الدائرة التي تختارها لمرشحها في نطاق المحافظة.

النظام المقترح سيؤدي الى تصغير الدوائر وتحشيد العشائر كأساس للعملية الانتخابية ويقطع الطريق على اية محاولة لتأطير الناس في مؤسسات مدنية وحزبية. واذا كان قانون الانتخاب الحالي ونظام تقسيم الدوائر قد ساهم في تراجع الحياة النيابية والدور الرقابي والتشريعي لمجلس النواب, فان الصيغة المقترحة ستكرس العشائرية كأساس وحيد لتركيبة المجلس وتؤسس لمحاصصة ديمغرافية.

المداولات الدائرة بشأن تعديل قانون الانتخاب ما زالت محكومة بالهواجس والمخاوف اكثر من اهتمامها بالاصلاح والتطوير وهذا الامر يشل قدرة المسؤولين على اجتراح صيغ خلاقة تراعي الهواجس الديمغرافية وهي مشروعة ومنطقية, لكن تستجيب في نفس الوقت لحاجات وضرورات الاصلاح السياسي.

لا يؤيد احد قفزات في الهواء او الرضوخ لضغوط الخارج, واصحاب نظرية المحاصصة فكلها وصفات مدمرة للمجتمع وتهدد استقرار الدولة ونظامها, فما نحتاج اليه هو نظام وطني للانتخاب يضع الاصلاح السياسي وتطوير اسلوب ممارسة الحكم في البلاد هدفا اولا له, وفي جعبة السياسيين والخبراء المستقلين بدائل كثيرة من بينها ما اقترحه الزميل جميل النمري بالامس لنظام "التمثيل النسبي للقوائم المفتوحة في المحافظات".

لكن ما نخشاه ان الجهات الرسمية لم تعد مستعدة لاستقبال الاقتراحات البديلة وان كل ما قيل عن حوار وطني حول القانون المنشود مجرد غطاء لتمرير صيغة جاهزة لم يتسن حتى للجنة الوزارية المكلفة باعداد القانون ان تناقشها او تتحاور بشأنها.



عدد المشاهدات : (2466)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :