بغداد


لم تعد الدعاية الانتخابية ناضجة بما يكفي من الذي يضع لهم الشعارات....؟ لم تحضر بغداد في الشعارات أبداً.

لو كنت مرشحاً لكان شعاري: «يا مذلولة اش بقى بعمري غير الألم والحسرة وجسمي عايش في بغداد وروحي ساكنة البصرة».... يا الهي ما اجمل الشعار حين يبدأ في بغداد وينتهي على باب البصرة... ما أجمل الشعار حين يكون (أغنية).

أريد أن ازور بغداد، فقد كان لي مشاوير إليها، وأظنها نست عبدالهادي.. فقد نمت على كفها ذات يوم وكان النهر وسادتي.. وحلمت أن «الأعظمية» .. قصيدة، و(الجاذرية) «تميمة» يعلقها العشاق على الصدر.

اتذكر.. اني حين كنت ازور (بغداد) اذهب الى شقة مجموعة من الطلبة الأردنيين كانوا صغاراً... وأنا كنت أمارس عليهم النضوج وأقدم لهم نصائح قومية رصينة، وحين اذهب معهم في الصباح إلى الجامعة (المستنصرية) أذوب.. واسأل كيف جادت بغداد على الأمة بكل هذا الحسن والجمال.. وأبقى في الجامعة أرصد حركة الغزلان ومسارها، وأقول في قلبي ان أهداب البنات هي الأخرى تقاتل في بغداد.

كنت أجلس تحت نخلة أمام كلية الآداب.. واكتشف أن بغداد لا تعلمك الحرف والكتاب وإنما تطوع قلب المبتدئ في الحب وتعلمه احتراف الغرام.

نصحتُ الطلبة أن يستمعوا (لفؤاد سالم) فقط، وأن يبحثوا عن «الكببجي» .. وقدمت لهم فيما بعد اقتراحات تتعلق بالطعام منها ان (الباجلق) وجبة مهمة في الفجر... وان سوق (الشورجة) فيه كل شيء.. ولأني اسرفت في النصائح بقيت هناك حيث عاد الوفد الأردني الى عمان وان نسيت نفسي وعدت طالبا جامعيا.. يبحث عن الدنيا في ثنايا تلك المدينة.

صدقوني حين تغادر بغداد يبقى النهر معك الى ان تصل الحدود وهناك يودعك على امل ان تعود اليه.

غابت بغداد هي الأخرى عن الشعارات لم تحضر أبداً... ولكنها في قلبي حاضرة... وفي عيوني وأحياناً حين يأتي خبر في التلفاز عنها احس باليتم القومي... واقول في داخلي (الله يحرمو نظرو إلي كان السبب)... واضحك فأمريكا ليس لديها نظر أصلاً.

لو كانت أمريكا تقرأ الشعر جيداً لقرأت علي بن الجهم:

عيون المها بين الرصافة والجسر

جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري.

ولكنها لا تقرأ فقد ذبحتني وذبحت ذكرياتي .. ونصائحي والنخلة التي جلست تحتها في كلية الآداب أراقب عيون الغزلان العراقية.

... أمريكا من دون نظر.



عدد المشاهدات : (1811)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :