مظاهرات فرنسا والضمان !



تتحدث الصحافة الفرنسية عن وجود 5ر3 مليون متظاهر في فرنسا ضد مشروع اصلاح الضمان الاجتماعي.. والذي لخصته في نقطة واحدة هي زيادة عمر العاملين من ستين عاماً الى اثنين وستين عاماً.. في بلد يبلغ متوسط عمر الانسان فيه الى 82 عاماً!!

والتظاهرات قد لا تكون كلها تستهدف وقف التغيير في قانون الضمان الاجتماعي, فالجزء الاكبر منها هي تظاهرات طلابية.. أي أنها تشمل قوى اجتماعية ما تزال لم تدخل في اشتراك الضمان. ولعل تشبيهها بمظاهرات الطلاب في نهاية الستينات, هو تشبيه صحيح. لكن «ثورة الطلاب» في فرنسا بالذات.. وكان نجمها كوهين بندت, كانت ثورة سياسية في مواجهة مشروع الجنرال ديغول للجمهورية الخامسة, ولفرنسا خارج حلف الاطلسي, وبمواجهة الاميركيين في خلق اوروبا جديدة.. غربية بمفهوم الانقسام في الحرب الباردة, لكنها ليست خاضعة لسياسات الولايات المتحدة, وكانت فيتنام وقتها مصدر صدام, كما كانت الصين وشرعية نظامها مصدر صدام آخر, وكانت قضية الاحتلال الاسرائيلي لاراضي دول عربية ثلاث مصدر صدام ثالث!!

ثورة الطلاب في اوروبا والعالم لم تكن موحدة الاهداف والاسباب.. ففي الولايات المتحدة.. ومن جامعة بيركلي بالذات كانت ثورة اليسار المثقف على المؤسسة المحافظة المتعفنة. وفي المانيا كان زعماء الطلاب في برلين الحرة يتحدثون عن تحالف مع العالم الثالث, وعن المانيا خارج صراع المعسكرين وحلفي الاطلسي ووارسو. أما في بريطانيا فلم تكن هناك ثورة طلاب.

في باريس, وبعد معارك «الباريكادن» في شوارعها خرجت مظاهرة الديغولية ومسحت كل اثر للشغب. فكان هناك ملايين الفرنسيين الذين خرجوا لحماية الجمهورية الخامسة. وللذين يحبون الكلام عن «اطاحة الجنرال ديغول» أن يتذكروا التواريخ والسبب الذي استقال الرجل التاريخي من اجله. واستمرار الجمهورية الخامسة بهياكلها التي وضعها الجنرال حتى الان!! فمن هم بومبيدو وفاليري جيسكار ديستان وشيراك ثم ساركوزي؟!

الطرافة في موضوع الضمان عندنا, أن المدير السابق د. عمر الرزاز اكتشف أن مال الضمان في الاردن مصاب بالنضوب, لأن المشترك في الاردن يستطيع ان ينام على فراشه كمتقاعد حين يصل الى الخمس والاربعين من عمره المديد!! وقد اخذت الرجل اكثر من سنتين ليقنع الناس برفع السن الى الخمسين.. فمال الضمان ينضب لدفع رواتب «الشيخوخة» على اناس قادرين على العمل او هم يعملون فعلياً, وحصة هؤلاء المستفيدين أقل من مائة وخمسين ديناراً.. أي أنها حصة قليلة لا تقيم أود المتقاعدين!! فالرأي العام في بلدنا كما في كل بلد لا يحب التغيير حتى لو كان لمصلحة الناس. ففي المانيا يفكر المسؤول عن الضمان برفع سن التقاعد الى 68 عاماً ذلك ان صحة الناس جيدة, وحاجة المانيا الى العاملين حاجة ملحة.. بدل استيراد عاملين من الخارج!!



عدد المشاهدات : (1432)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :