عفاف: ساعية البريد التي حملت بطاقاتي


طاقات لا يحملها البريد برنامج اذاعي كنت اكتب نصوصه الشعرية اسبوعياً، وكانت اصوات دافئة ومميزة تتولى حمل هذه البطاقات الى المستمع، كان هذا مطلع الثمانينيات واستمر حتى نهاية هذه السنوات، كنت سعيداً بكتابته واكثر سعادة بأصوات من كن يحملنها مع اغنيات فيروز، واذكر ان الفقيدة عفاف قضماني واحدة من هؤلاء المذيعات وكنت اشعر انها كانت الاكثر انسجاماً مع القراءة والتقديم واختيار الاغنيات.

(ثم احيلت على التقاعد)..

ولأن المبدعين لا يحالون على التقاعد، الا اذا فقدوا قدرتهم على الابداع، ولأن عفاف لم تفقد هذه القدرة الا ان وظيفتها سرقت منها بالتقاعد الذي لم يمنعها من مواصلة ادائها وان خارج الوطن، اعرف انهن جميعاً تقدمن في السن فزدن وقاراً وقدرة على الأداء، واعرف ان الزمن القاسي اخرجهن من المشهد ولكن كثيرين وكثيرين ممن رافقوا مسيرتهن ما زالوا يحتفظون بالكثير، ولم اكن اتصور ان عربة مجنونة ستمر على جسد عفاف قضماني وتنثر دماغها على مساحة ضيقة من الخليج.

عفاف قضماني، سلوى حداد، عائشة التجاني، زهور الصعوب، بتول عباسي، وسواهن كثير، لم تعد اصواتهن تصل الينا وان لم تخرج من ذاكرتنا، ولأننا اكثر ما نفتقدهن الآن فان وجع رحيل احداهن امر مؤلم، وقد شعرت بمثل هذا الالم عندما نعى ناعي الينا الفقيدة الكبيرة المبدعة والانسانة عائشة التيجاني.

احاولت اللحظة ان استقبل بعض لقاءاتي الكثيرة بالراحلة عفاف والجلوس لقراءة نصوصي الشعرية في مبنى الاذاعة، فاجد صعوبة لاننا عندما نفقد بعض الزملاء والاصدقاء يدفعنا الحزن الى عدم تصديق نبأ الرحيل.

على روحها السلام بكل ما عرفنا فيها وعرفنا عنها من خلق وابداع وتميز ووفاء، فقد اعطت وطنها ولم تتوقف عن العطاء وأقل ما نقوله لها: ليكن عملك ولتكن سيرتك هما من يحددان لك مكانك في السماء ومكانتك في القلوب.



عدد المشاهدات : (5017)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :