اي مكانة سيختارها النواب لمجلسهم


العودة الى سياسة الامتيازات والعطايا يعني السير في نهج تدمير المؤسسات الدستورية .

العلاقة بين السلطتين التشريعة والتنفيذية ستشكل في المرحلة المقبلة التحدي الاكبر للدولة وتبين مدى مصداقية عملية المراجعة التي بدأت بحل المجلس الخامس عشر واجراء انتخابات نيابية مبكرة. فاذا كانت الدولة جادة في مسعاها لبناء علاقة جديدة بين السلطتين فعليها ان لا تسمح بتغول "التنفيذية" على "التشريعية" كما كان الحال في السابق.

لقد انهارت الثقة الشعبية بالنواب ومن ثم بمؤسسات الدولة بفعل شعور الاغلبية من المواطنين بان مجلس النواب مجرد دمية بيد الحكومة وفي احسن الاحوال ديكور لديمقراطية بلا مضمون. واظهرت استطلاعات الرأي على الدوام اعتقادا لدى معظم الاردنيين بان غالبية النواب يسعون لتحقيق مصالحهم على حساب المصلحة العامة.

لم ينشأ هذا الانطباع الراسخ من فراغ انما استند الى حقائق ملموسة. فالنواب كان يلهثون خلف الامتيازات الشخصية والخدمات الفردية لقواعدهم والحكومات كانت تشجع هذا السلوك لتضمن القبول لسياساتها وتشريعاتها وحين يتمنع بعض النواب عن قبول الامتيازات كانت الحكومات تبادر لاغرائهم بشتى الوسائل. وقد تورطت حكومات عديدة في شراء دعم النواب بالدفع النقدي المباشر او بالامتيازات الوظيفية والخدمية. وبهذه الطريقة تحولت الاغلبية النيابية الى مجرد "بصّيمة" للحكومات.

الاستمرار في العلاقة بهذه الطريقة يعني اننا نمضي في سياسة تدمير المؤسسات الدستورية والحط من مكانتها في اعين الشعب فمن له مصلحة في ذلك?!

قبل الانتخابات النيابية سمعنا من الحكومة خطابا مختلفا حيال العلاقة المستقبلية مع مجلس النواب يعكس الرغبة في تأسيس نموذج جديد يقوم على المبدأ الدستوري القاضي باستقلال السلطات. وبصرف النظر عن الموقف من فكرة مدونة السلوك الحكومي بشأن العلاقة من النواب فان الامر الجوهري الذي ينبغي التمسك به هو رفض العودة الى الاسلوب السابق من العلاقة الريعية مع النواب والدفاع عن التعديلات التي اقرت بشأن تقاعد النواب.

تبدو المسألة صعبة في البداية نظرا لقوة التقليد السائد بين السلطتين على مدار عشرين سنة مضت لكن الهدف المنشود يستحق مواجهة التحدي.

فهناك وزراء ومسؤولون يعتقدون ان الطريق الاقصر لقلوب وعقول النواب هو جيوبهم. وهناك نواب لا يطمحون من النيابية غير الامتيازات.

ينبغي مقاومة الاتجاهين. من حق الحكومة اي حكومة- ان تسعى الى كسب تأييد النواب بسياساتها. لكن ذلك يتم بالاقناع ومقارعة الحجة بالحجة وليس بالرشى وتوزيع الوظائف, وعلى النواب ان يقنعوا قواعدهم الانتخابية بان آلاف الوظائف التي قدمت للنواب السابقين لم تنه مشكلتي البطالة والفقر بل فاقمت منهما وبان مصلحة الجميع هي في سيادة القانون والمساواة في الفرص.

وغياب الامتيازات لا يعني ارتداد الاغلبية النيابية نحو المعارضة العدمية والحفر في اساسات الحكومة لاسقاطها, انما الحرص على ممارسة الحق الدستوري بالتشريع والرقابة على نحو مستقل ومن دون حسابات كيدية.

ليس المهم ان تكون هناك معارضة وموالاة في مجلس النواب الاهم ان يشعر الرأي العام الاردني بوجود سلطة تشريعية فاعلة ومحترمة تمارس دورها كاملا غير منقوص وذات تأثير ملموس على السياسات التي تمس حياة الناس ومستقبلهم. عندها يصبح اسقاط الحكومات او منحها الثقة بارقام قياسية امرا طبيعيا وفي سياق صحيح ونظيف.


[email protected]

 




عدد المشاهدات : (1547)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :