وزير المالية إذ يقول (لا)


22-12-2010

عندما يركز رئيس الحكومة في بيان الثقة أمام النواب على خطورة العجز في الموازنة وتفاقم المديونية كتحد أول يواجه الحكومة ، فهذه فرصة وزير المالية ليستعمل كلمة (لا) في مواجهة الطلبات التي تنهال على رأسه ورأس الموازنة العامة من مختلف الجهات.

التحذير من خطورة العجز والمديونية لم يأتِ لاستهلاك النواب ونيل الثقة ، فهو موقف سياسي يجدر بجميع المسؤولين ، وفي المقدمة وزير المالية ، أن يلتقطوه ، وأن يتسلحوا به ويتصرفوا على ضوئه.

قرأنا كثيراً عن قوة التفكير الإيجابي ، وجاء الوقت لاستكشاف قوة التفكير السلبي عندما يأتي في المكان المناسب ، ذلك أن دفع الخطر أولى من جلب المنافع وتلبية المطالب.

(لا) كلمة مهمة تشكل قراراً ، فلا غرابة إذا كانت معظم الوصايا تبدأ بهذه الكلمة: لا تقتل ، لا تسرق ، لا تكذب ، لا تزن ِ ، لا لا لا. هكذا فإن وزير المالية الذي لا يقول (لا) يصبح مسؤولاً عن العجز والمديونية ، وإذا كان من حق الجميع أن يطلبوا فإن من واجب وزير المالية أن يرفض.

لا أدري إلى أي مدى يستعمل وزير ماليتنا كلمة (لا) في وجه مطالب الزملاء القطاعية ، التي لا تأخذ بالاعتبار الصورة الكلية للوضع المالي الصعب والإمكانيات المتاحة ونظام الأولويات في استخدام الموارد المحدودة.

لكن قراءة مسودة الموازنة العامة للسنة القادمة لا توحي بأن الوزير استعمل الكلمة السحرية بالدرجة الكافية ، فقد قبل تخصيص 1230 مليون دينار لمصاريف رأسمالية ، بعضها استملاكات لاقتطاع أراض زراعية خدمة لمشاريع لم تثبت جدواها ، فالوضع المالي لا يسمح بهذا التوسع.

منذ سنوات والحكومات تقول أنها انسحبت من أعمالها السابقة عندما كانت تتورط في أعمال الصناعة والتجارة وإدارة الفنادق وتركتها للقطاع الخاص الذي يقدم الاستثمارات على أسس مدروسة ، فلماذا لا تترك بعض المشاريع للقطاع الخاص والمستثمرين من محليين وأجانب بدلاً من تخصيص مئات الملايين من الدنانير للنفقات الرأسمالية كلها ممولة بالمديونية. 

وزير المالية الدكتور محمد أبو حمور يتمتع بشعبية عالية ، وسبق اختياره أفضل وزير مالية في الدول النامية عندما انخفض العجز في الموازنة إلى مستوى 200 مليون دينار ، ولكن العجز الآن يتجاوز مليار دينار ، فهل يعيد معاليه اكتشاف فضائل كلمة (لا).







عدد المشاهدات : (1628)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :