من السهل أن تقرر الحكومة تخفيض أو إعفاء ضريبي كامل أو جزئي بسبب ظروف معينة. ومن الصعب التراجع عن هذا الإعفاء حتى بعد زوال الظروف الخاصة. ومن هنا فإن على الحكومة أن تتريث كثيراً قبل التبرع بإعفاء يصعب التراجع عنه.

ينطبق ذلك على تخفيض الرسوم على التداول العقاري بنسبة 50%، مما أدى إلى خسارة الخزينة 177 مليون دينار، بضمنها 33 مليون دينار في شهر واحد كما يقول تقرير الدائرة، فهل هناك مبرر لاستمرار الإعفاء.

تشير تقارير دائرة الأراضي والمساحة إلى أن حجم التداول العقاري في سنة 2010 بلغ ستة مليارات من الدنانير، بضمنها حوالي مليار دينار في شهر كانون الأول الماضي وحده، وأن التداول يزيد عما تحقق في السنة السابقة بنسبة 26%، أي أن هناك رواجاً هائلاً في سوق العقارات يجعل استمرار التخفيض غير مبرر.

من ناحية أخرى فإن هناك فرقاً بين إعفاء الشقق التي لا تزيد مساحتها عن 150 متراً مربعاً لأسباب اجتماعية لأن مشتري هذه الشقق من محدودي الدخل، وبين إعفاء أول 150 متراً مربعاً من أي وحدة سكنية، لأن الصيغة الثانية تقدم إعفاء للمباني الكمالية الكبيرة والعالية التكاليف، التي يستطيع المشتري والبائع أن يتحمل رسومها. 

هناك انطباع خاطئ أن القطاع العقاري يمثل العمود الفقري والرافعة الأولى للنمو الاقتصادي، ولكن إحصاءات الناتج المحلي الإجمالي تدل على عكس ذلك، فالقيمة المضافة محدودة والمساهمة في النمو ضئيلة جداً.

من تحليل الموازنة العامة يتضح أن التنازل عن 177 مليون دينار من الإيرادات على التداول العقاري بضمنها 150 مليون دينار في سنة 2010 وحدها، تعني زيادة عجز الموازنة وارتفاع المديونية بهذا المقدار، أي أن الخزينة تدعم تجار العقارات بأموال مقترضة.

المفارقة أن ارتفاع التداول العقاري بنسبة 26% في سنة 2010 رافقه انخفاض في إيرادات دائرة الأراضي والمساحة بنسبة 3ر11% مما يؤكد الاختلالات التي تخلقها الاستثناءات.