ارحموا الملك والشعب .. ارحلوا


2011-01-30

الرفاعي قادر على التقاط اللحظة التاريخية وانقاذ البلاد من ازمة تتفاقم .

لم تبخل مؤسسات الدولة واجهزتها واعلامها في دعم حكومة الرفاعي منذ التشكيل الاول. قدمت لها كل ما تستطيع لتصمد في مواجهة الازمات التي تفجرت بفعل سياسات استفزازية وقرارات خطأ لبعض الوزراء.

وشاءت الظروف ان يكون الرفاعي رئيساً للوزراء في مرحلة مفصلية من تاريخ البلاد فقد تولت حكومته اعداد قانون انتخاب مؤقت واجراء انتخابات نيابية مبكرة كان الجميع يأمل بان تكون بداية لمرحلة جديدة في مسيرة الديمقراطية وخطوة متقدمة على طريق الاصلاح السياسي.

لكن الحكومة لم تقدر قيمة الموقف واهدرت فرصة لا تعوض فاصدرت قانون انتخاب انقسم المجتمع حوله ثم اجرت انتخابات نيابية وسط مقاطعة واسعة لا تختلف في جوهرها عن الانتخابات السابقة التي من اجلها حُل مجلس النواب الخامس عشر.

وعلى وقع انتصار مفتعل في الانتخابات استمرت الحكومة بتشكيلة جديدة غير ان مسلسل الفرص الضائعة استمر وتراكمت معه الخسائر على الصعيد الوطني. الرغبة الجامحة بالسيطرة حكمت سلوك الحكومة تجاه مجلس نواب جديد كان في لحظة اختبار شعبي حاسم, وللاسف كان لها ما ارادت ثقة قياسية ظهر المجلس فيها بلون حكومي واحد فخسر شعبيته في اولى جولاته.

وظل السؤال معلقاً بلا اجابة: لماذا نضحي بشعبية مجلس النواب بهذه السرعة?

وقبل ان نطوي ملف الانتخابات وتشكيل الحكومة والثقة النيابية كان الشارع الاردني بكل اطيافه السياسية والاجتماعية يطالب برحيل الاثنين "الحكومة والنواب", فهل من خسائر اكثر فداحة للدولة بعد هذا كله?!

ولسوء حظ الحكومة تفجرت ثورة في تونس ايقظت معها ملايين العرب المهمشين والمحرومين والطامحين بالحياة الكريمة والحرية. كان ذلك فيما الحكومة تعد العدة للانقضاض على ما تبقى من دعم في الموازنة وتستعد لقرارات صعبة, لكن سرعان ما استدارت دورة كاملة, وبدأت تقدم التنازل تلو التنازل لاسترضاء المواطنين الغاضبين. لم يكن من موقع المراجعة الصادقة للسياسات التي تحكم برامجها, وانما محاولة لانقاذ شعبية الحكومة المتدهورة في الشارع.

وفي تقدير معظم المراقبين فان حُزَم الاجراءات المتتالية لم تساهم في تحسين صورة الحكومة التي ارتبط اسمها بالازمات والغلاء بغض النظر عن صواب هذا التصور من عدمه.

وفي الواقع ان الوصول الى هذا الاستنتاج لا يحتاج الى تحليل وتدقيق يكفي ان نتابع شعارات مسيرات الجمعة وما يدور في الدواوين والمضافات ووسائل الاتصال والاعلام البديل لنتبين ان هناك اجماعا في الشارع الاردني على شعار رحيل الحكومة.

واجزم ان الرفاعي يشعر بثقل الموقف ويتمتع بحس سياسي رفيع وهو وحده قادر على تقدير الموقف. ثمة اعتبارات كثيرة ربما تحول دون الطلب من حكومته الاستقالة الان سواء ما تعلق منها بظروف داخلية او تطورات خارجية لعل ابرزها ما يجري في مصر. المبادرة بالاستقالة ينبغي ان تأتي من الرئيس سمير نفسه. انها لحظة تاريخية تستدعي موقفاً تاريخياً سيسجل للرجل. يستطيع الان ان يقف مع نفسه وقفة مراجعة ولسان حاله يقول "لقد قدم جلالة الملك كل دعم ممكن لحكومتي ومنحني النواب ثقة تفيض عن الحاجة مضحين بسمعتهم وشعبيتهم, وغفر الناس اخطاء كثيرة لحكومتي الاولى والثانية هذا يكفي علي ان ارحمهم وارحم الملك وارحل".

ستكون خطوة شجاعة وتبقى عالقة في اذهان الاردنيين يذكرونها له كلما حضرت سيرته هذا شيء مشرف وافضل الف مرة من ان تبقى الحكومة تستنزف رصيد الدولة في الشارع وتتشبث بالسلطة ولو تحولت البلاد الى ركام.






عدد المشاهدات : (1840)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :