سالم النحاس


31-1-2011

في عيد الميلاد المجيد ، قبل ست سنوات ، كتبت مقالة حمل عنوانها اسم صديقي سالم النحاس ، فاتصل بي وقال: مشكلتي بعد موتي أنني لن أقرأ ما ستكتب في رثائي ، فرددت عليه بأنّ الأعمار بيد الله ، وقد يكون مضطراً للعودة للكتابة فيكون رثائي منه لا العكس.

ولا أعرف يا أبا يعرب ماذا سأكتب هنا ، وقد سبقتني إلى هناك ، ولست أجد من الكلمات أفضل ممّا كتبته عنك في حياتك فقرأته وأعجبك: فاجأني صديقي سالم النحّاس في يوم بورقة يحملها في محفظته ، فضضتها لأكتشف أنّها جزء من مقالة نُشرت في هذه الزاوية عن معاناة سيّدنا محمد صلوات الله عليه ، تتحدّث عن حادثة الطائف ، وكيف جلس الرسول على حجر وتوجّه إلى ربّه بالشكوى: اللّهم إليك أشكو ضعف قوّتي وقلّة حيلتي وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت ربّ المستضعفين ، وأنت ربّي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجّهمني أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي ، ولكنّ عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظُلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تُنزل بي غضبك أو يحلّ عليّ سخطك ، لكّ العتبى حتّى ترضى ولا حول ولا قوّة إلاّ بك.

ولم يكن في تلك المقالة تكملة القصّة ، فقد أتى غلام نصرانيّ اسمه عدّاس إلى محمّد بعد أن تابع كيف سبّه الناس وصاحوا به ، وأعطاه قطفاً من العنب ، وجالسه وحادثه وآمن به بعد أن استمع إلى حديثه. وفي تلك الليلة أخذنا الحديث إلى معاناة المسيح أيضاً ، وبالضرورة إلى قصص معاناة الثوار والمناضلين.

أتذكّر ذلك كلّه وأنا أقرأ خبراً حول تكريم رابطة الكتّاب لسالم النحاس ، وفي يوم عيد الميلاد المجيد ، فلا أملك إلاّ أن أربط هذا بذاك ، فصديقي الكاتب المناضل الذي تعب جسده في مراد نفسه العظيمة يستأهل منّا التكريم بعد الآخر ، ليس في عمّان فحسب بل في القدس ودمشق وبيروت والقاهرة ، وفي كلّ مكان عمل من أجله.

ولست أنسى سيارة سالم الفولكس فاغن القديمة التي كان يتنقّل فيها في إعلان صريح عن نزاهته ، ولا جملته الشهيرة في رواية "تلك الأعوام" حول حدود مادبا بالمقابر والمخيّم ، فكأنّ هذا مقبرة أيضاً ، وفي كلّ الأحوال أتمنّى أن تكون استراحة المحارب سالم النحّاس مناسبة له للكتابة ، فقد اشتقنا لقلمك يا أبا يعرب.






عدد المشاهدات : (1881)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :