من يوقف «الرصاص المصبوب» على رؤوس الليبيين؟


من يوقف «الرصاص المصبوب» على رؤوس الليبيين؟ 
 


لا أدري متى سيدرك الغرب بأن عليه أن "يحرك ساكناً" في ما يخص الأزمة الليبية ، وأن أفعاله يجب أن تنسجم مع أقواله ، وهو الذي ما فتئ يمطرنا بوابل من الموعظ والإرشادات حول "منظومته القيمية والإخلاقية"...لا أدري ما حد الإجرام المنظم الذي الذي يتعين على النظام الليبي اقترافه ، حتى تعترف الأسرة الدولية بأن ما يجري في "جماهيرية" القذافي هو جرائم حرب يتعين وقفها.

الليبيون العزّل ، الذين يواجهون آلة الحرب والقتل والإجرام الليبية ، بحاجة إلى ما هو أبعد من بيانات الإدانة والتنديد...هم لا يريدون من يقول لهم إن ما يجري "فظيع وبشع" ، هم يعرفون ذلك ، بل ويكتوون بناره ويدفعون ثمنه أنهاراً من الدماء ، وما خفي كان أعظم.

الليبيون لا يريدون "صلاة كلينتون" ، بخاصة حين تطول صلاة سيدة الدبلوماسية الأمريكية وتستطيل بأكثر مما ينبغي ، أنهم يريدون موقفاً يفضي إلى وقف "الرصاص المسكوب" على رؤوس أبنائهم وبناتهم.

ليس الآن وقت فرض العقوبات التي لن تعطي أكلها إلا بعد شهور طويلة وسنوات...الليبيون بحاجة لخطوات عاجلة على طريقة الغريق والمصاب الذي يحتاج لإسعافات أولية لإبقائه على قيد الحياة ، وبعد ذلك لكل حادث حديث...الليبيون يريدون من يوقف هذا الجنون الدامي ، اليوم ، الآن ، الآن وليس غداً.

بمقدور أوروبا وأمريكا ، وبمقدور مجلس الأمن أو حتى الحلف الأطلسي ، أن يعلن ليبيا منطقة حظر طيران ، فلا تحلق في أجوائها طائرة حربية ، مقاتلة أو عامودية ، ولا يسمح لطائراتها الخاصة بنقل رموز النظام الفارين ومسروقاتهم ، وحدها طائرات الإغاثة والإخلاء من سيكون بمقدروها عبور الأجواء الليبية.

الليبيون بحاجة لتدخل عاجل من نوع إعلان قوائم "مجرمي الحرب" ، وتجميد أرصدتهم وأرصدة عائلاتهم ، وعدم السماح لهم بالسفر ، وتوزيع أسمائهم كمطلوبين للعدالة الدولية ، وإصدار مذكرات جلب بحقهم ، ما لم يعلنوا انشقاقهم عن النظام والتحاقهم بالثورة أو على الأقل وقوقهم على الحياد.

الليبيون بحاجة لطلعات جوية حربية كتلك التي ضربت النظام الفاشي في صربيا ، تدمر مقار النظام ومعسكرات ، وتسحب من بين يديه آلة القتل والتدمير ، وتسرّع في انهياره ورحيله المكلفين...لا يجب أن نتردد في الحديث عن أمر كهذا .. كنا نأمل أن تقود الجامعة العربية قوة تدخل عسكري سريع ، جوي وبحري وبري ، لإنقاذ شعب ليبيا من هجمية الديكتاتور ودمويته ، أما وقد بدا ذلك متعذراً ، فلا بأس أن يتم الأمر تحت أية مظلة ، شريطة ألا تنتشر قوات أجنبية على الأرض ، وأن يكتفى بتحييد قواته الجوية والبرية.

ليس الآن وقت فرض العقوبات على ليبيا أو وقف تصدير السلاح ، فلدى العقيد ما يكفي من الأموال والسلاح والعتاد لإرهاب شعبه...ليس الآن وقت العقوبات الاقتصادية ، فهذه سيدفع ثمنها الشعب الليبي وليس النظام... ليس الآن وقت وقف العلاقات الدبلوماسية ، فهذه مقطوعة ومقطّعة من جانب نظام الديكتاتور على أقل تقدير...المطلوب الآن اتخاذ سلسلة من الخطوات السريعة والفورية التي تسهم في وقف شلال الدم.

وعلى الدول التي تحتفظ بعلاقات دبلوماسية وتمثيل مع ليبيا ، أن تخيّر بعثات القذافي وسفاراته ومكاتب "الإخوة" التابعة لنظامه: إما الانحياز للشعب واستمرار تمثيله في عواصم هذه الدول ، وإما الرحيل عن الحكم ومواجهة قرارات التسفير وإغلاق السفارات وطرد السفراء.

يجب أن يطارد القذافي واعوانه كما تطارد الجرذان...ألم يصف "العقيد" شعبه بالفئران والجرذان ، يجب أن يختبر حياة الفئران ويقلد سلوك الجرذان وهو في الهزيع الأخير من حكمه وعمره...يجب أن يشعر كل من يمت له بصلته ، بخاصة أبنائه الأجلاف والاستعلائيين والفاسدين ، بأنهم من سلالة الجرذان المُطاردة كذلك... يجب أن يشعر جيش المرتزفة والأفّاقين بأن الأرض ستضيق عليهم بما رحبت ، وأن أوان الحساب قد أزف ، وأن انسحابهم اليوم قبل الغد من المعركة ، قد يوفر لهم "عذراً مخففاً" عندما تحين ساعة الحساب والعقاب.

لدى الغرب ما هو أكثر من الإدانة والصلاة ليقدمه لشعب ليبيا... لدى الغرب فرصة للبرهنة على جدية التزامه بمنظومته القيمية... لدى الغرب فرصة سانحة ليثبت لمرة واحدة بأن الأخلاق والقيم لا تقل أهمية عن المصالح والنفط...لدى الغرب امتحان يتعين كسبه للتخلص من لعنة "الكيل بمكيالين" ، فهل يتحرك قبل فوات الأوان ، هل يغتنم هذه الفرص؟.




عدد المشاهدات : (2477)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :