قرارات «الخليجي» وحقن الدماء اليمنية


رم - مقالات


القرارات التي اتخذها وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم الذي عُقد يوم الأحد الماضي في الرياض بشأن الأزمة اليمنية والتي مضى عليها أكثر من شهرين وذهب ضحيتها أكثر من مائة قتيل وآلاف الجرحى والرامية إلى تنحي الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وتسليم السلطة إلى نائبه وتشكيل وزارة من المعارضة لإنهاء الأزمة، تُمثل خطوة إيجابية وذكية من الوزراء الخليجيين بغية إنهاء المشكلة الرئيسة التي تواجه أبناء الشعب اليمني وتحول دون إثارة حرب أهلية في اليمن، واشعال الفتن بين القبائل والأحزاب أو السعي لتفكيك اليمن إلى دويلات متعددة، بخاصة أن الدول الغربية تطمع إلى تحقيق ذلك ليسهل عليها تمرير مشاريعها الاستعمارية والتوصل الى اتفاقات مع بعض القبائل بغية الحصول على مساعدات من أجل ما يسمى بمكافحة القاعدة.

تلك القرارات تُشكل انطلاقة مُحكمة بشأن حل الأزمة اليمنية وإنهاء كل أجواء التشاحن والخلافات وقتل الأبرياء بخاصة بعد أن عقد المعتصمون العزم والإرادة على مواصلة اعتصامهم والبدء بإقامة عصيان مدني في اليمن الأمر الذي سيؤثر على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في اليمن والذي هو بحاجة ماسة إلى الدعم والعون من الأشقاء العرب بخاصة المملكة العربية السعودية التي قدمت وتقدم الكثير لدعم شعب اليمن الشقيق.

إن رضوخ الرئيس اليمني علي عبدالله صالح إلى تلك القرارات مع ضمان خروجه وأبنائه من اليمن او الإبقاء عليهم دون محاكمة من شأنه أن يوقف سفك الدماء وأن يجد الرئيس وأتباعه ملاذا آمنا لهم بعد التنحي عن الحكم بخاصة أن كل قادة دول الخليج أجمعوا على ذلك، وليس «قطر» وحدها كما يدعي الرئيس علي عبدالله صالح تطالب بتنحيه عن الحكم لإنهاء هذا الاحتقان. فاتهام بعض دول الخليج وعدم الإذعان للقرارات المختلفة العربية وغيرها من شأنه أن يُفاقم الأزمة في اليمن ويزيد من الإشكالات والاقتتال بين الإخوة في هذه الظروف الحرجة والتي تستدعي مزيداً من التلاحم والتكاتف لمواجهة الأوضاع الراهنة، فالرئيس اليمني مضى عليه حوالي 33 عاما وهو في سدة الحكم، ولم يقم بأية إصلاحات أو تحسينات لخدمة شعبه ووطنه بل ساهم في إفقارهم، بغية إرضاء بعض الدول الكبرى وبحجة تسخير موارد بلاده لمكافحة الإرهاب والقاعدة، وسمح للطيران العسكري الأميركي بضرب بعض الأرياف والمدن اليمنية تحت ذرائع محاربة القاعدة للحصول على المزيد من المساعدات الأميركية، بل كان يؤكد لشعبه انه هو الذي يقصف مقرات القاعدة في حين أن الطائرات التي كانت تُغير على «المواقع» لما يسمى بالقاعدة كانت اميركية.

فهل يجوز لرئيس أن يواصل حكم شعبه بالقوة كما يفعل الرئيسان اليمني ومعمر القذافي اللذان يقتلان شعبيهما ويسهمان في الاستمرار بالعمل من أجل تكريس حكمهما أو توريث أبنائهما لإدارة شؤون اليمن أو ليبيا؟! إن استمرار التعنت من قبل الرئيس اليمني بالتشبث في الحكم خلال هذه المرحلة الحرجة ليس فيه أي نوع من الحصافة والفطنة أو الديمقراطية، بل ان ذلك يُعد بعيداً عن الشفافية وحقوق الإنسان والحفاظ على مصلحة الشعب بعد أن تخلى معظم شعبه وقياداته عنه، والطلب منه بالرحيل الفوري، والذي أضحى مسؤولا مباشراً عن هذه الجرائم التي ترتكبها السلطات اليمنية عبر «البلطجية» في تعز أو «أب»أاو صفاء أو عدن أو غيرها من المدن التي تشهد تظاهرات واعتصامات ضد الرئيس صالح وأعوانه، والذين يطالبون بإنهاء حكمه الاستبدادي والقمعي وصولا الى ديمقراطية حقيقية من شأنها النهوض باليمن في مختلف المجالات بعيداً عن الاستئثار بالحكم.

فهذه المبادرة الخليجية التي وصفها د. ياسين سعيد نعمان الرئيس الروحي لأحزاب اللقاء المشترك بأنها خطوة لحل الأزمة وطالب بتسريع تنحي الرئيس صالح عن سدة الحكم حتى تلبي هذه الخطوات حاجات وطموح المعتصمين في الشوارع تستدعي من الرئيس صالح العمل بموجبها بأسرع وقت دون أي تأخير.

فالرئيس اليمني المتمسك بالسلطة سبق وأعلن في العام 2003 أنه لن يترشح لولاية ثانية في العام 2006 غير أنه لم يفِ بوعده، وأدى إعلانه للترشح في ذلك الوقت إلى حالة توتر شديدة حيث خرجت التظاهرات الشعبية ووقعت التواقيع المليونية التي تطالب بإنهاء ولايته، غير أنه ترشح وفاز بولاية جديدة، لكنه بعد نجاح ثورة الشعب التونسي في الرابع عشر من يناير 2011 وبعدها ثورة الشعب المصري في 11 فبراير 2011 وخروج الشعب اليمني بمسيرات قدرت بالملايين تطالب برحيل الرئيس صالح عن الحكم أعلن عدم ترشحه لانتخابات 2013 وكذلك عدم نيته توريث ابنه أحمد والذي يشغل منصب قائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، غير أن الشعب اليمني رفض هذه التعهدات قائلا: «إنها مراوغة» وان اعمال الرئيس صالح تعد انقلاباً على الدستور.

أعتقد أن قبول الرئيس صالح بالمبادرة الخليجية كاملة يعد خطوة نوعية، من أجل تجنيب اليمن المزيد من الفتن والحروب وسقوط الضحايا، ويحقق للرئيس صالح اذا ما وافق عليها ملاذاً آمناً بعيداً عن المحاكمة ويكون بذلك قد خضع لإرادة الشعب اليمني وأسهم في تجنب الحرب الأهلية في «اليمن السعيد»!!.




عدد المشاهدات : (2775)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :