القرار الاقتصادي بين الذكاء وعدم المعرفة


رم - مقالات


مطلوب من الصناعة الأردنية أن تنافس الصناعة السـعودية والإماراتية بالرغم من أن أسـعار الكهرباء والمحروقات هنـا تعادل أربعة أمثـال أسـعارها هناك.

في وضع كهـذا ، لم تتـردد الحكومة الأردنية في عقـد اتفاقات تجارة حـرة مع دول مجلس التعاون الخليجي ، ليتم التنافس على قـدم المساواة في سـوق مشتركة. ويتمتع الجانبان بإعفـاء ضريبي أو عـدم ازدواجية ضريبيـة ، مع أن الضرائب ثقيلـة هنا ورمزية أو معدومـة هناك.

ليـس غريباً والحالـة هـذه أن تقام مصانع على الجانب السـعودي من الحـدود الأردنية لتتمتع بالدعم غير المحدود هنـاك ، مع أن إنتاجها مكرس للبيع هنا ، وأبرز مثال على ذلك صناعة الكلنكر التي قتلـت صناعة الإسـمنت الأردنية فحوّلت أرباحهـا إلى خسائر وهـددت عمالها وموظفيها بالتسـريح.

المسؤول والمفاوض الأردني ذكي ، ولا تفـوته هذه الحقائق ، ولكنه يتظاهر أحياناً بعدم المعرفة ، ويقـوم بدور الجانب المغبون لأسـباب ليست اقتصاديـة أو تجارية ، بل لاعتبارات سياسـية أحـياناً وإعلامية أحـياناً أخرى ، فهناك غرام خاص لـدى المسؤولين الأردنيين بتوقيع الاتفاقيات أمـام كاميرات التلفزيون ، ولو كانت مليئـة بالألغام.

تجارة حـرة مع أميركا ، اتفاقية شـراكة مع الاتحاد الأوروبي ، انفتاح كامل على أسواق تركيا ودول الخليـج ، وكلهـا تعمل باتجاه واحد ، الأمر الذي يعرّض السـوق الأردنية للاجتياح ، فيقتل الصناعة الأردنية ، ويحرم الخزينة من الإيرادات الجمركية ، وقد يـؤدي في وقت لاحق إلى نقل الاسـتثمارات المحلية للخارج ، فهناك صناعات أردنية مزدهـرة في مصر والإمارات العربية ، وهناك خـدمات مهنية انتقلـت إلى البحرين لأسـباب ضريبية. 

في التعامل مع أسـعار المحروقات قـررت الحكومة مؤخراً رفع أسعار المحروقات المستعملة في الصناعة والنقـل ، أي في الجانب الإنتاجي ، وتثبيت أسـعار المحروقات المستعملة في المنازل والسـيارات الخاصة أي في الجانب الاستهلاكي ، لأن صوت المستهلك عال ، وصوت الصناعة خافـت. 

الحكومة ليست بحاجـة لتفريخ لجنـة أخرى لتعتني بالجانب الاقتصادي ، وتفتي حول تحفيز الاقتصاد الأردني ، فلديها المجلس الاقتصادي والاجتماعي الاستشاري ، ولديها خبراء أكفياء في الوزارات والمؤسسات العامة والبنك المركزي ، إذا كانت تعوزها الأفكـار.




عدد المشاهدات : (2488)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :