إضراب الأطباء .. والدور الإنساني والحقوق


رم - مقالات


يلعب الاطباء الاردنيون دوراً رئيساً وفاعلاً في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين وفق استراتيجية صحية اعتمدتها الدولة تهدف الى توفير افضل مستوى من الخدمات العلاجية والوقائية، وحققت المملكة نجاحاً قياسياً في تقديم المساعدات الطبية للدول الشقيقة والصديقة عبر توفيرها مستشفيات متنقلة في العديد من الدول بغية الاسهام في دعم الخدمات الطبية وحقق اطباؤنا الانجازات العلمية الحديثة التي نفخر بها على الصعيدين العربي والدولي. فضلاً عن أن الحكومة أولت اهتماماً خاصاً بتطوير برامج شاملة للخدمات الوقائية والعلاجية والتعزيزية فطورت الاستراتيجيات للبر امج الموجهة لكافة شرائح المجتمع خاصة الاطفال والامهات وبرامج السرطان والامراض المزمنة والسارية التي تنفذ من خلال جميع المستشفيات والمشافي الصحية والطب الوقائي، وقامت الحكومة بتوسيع قاعدة الخدمات الطبية لتصل الى كل المحافظات والالوية والقصبات، مرتكزة على مفهوم الرعاية الصحية الاولية والرعاية الطبية والتأهيلية، وامتدت الخدمات كما ابلغني بعض وزراء الصحة السابقين لتشمل الطب العلاجي والوقائي والتعليم الطبي المستمر والتنمية البشرية والقطاع الخاص ووحدات الامومة والطفولة وغيرها.

ولعل هؤلاء الاطباء الذي نفتخر بهم، ونقدرهم والذين يعملون في القطاعين الحكومي والخاص، بحاجة الى الدعم والانصاف من قبل الحكومة لمواصلة أعمالهم على أكمل وجه في هذه المرحلة الراهنة وايجاد كادر متطور لهم يُعطيهم حقوقهم الكاملة وينصفهم أسوة بأقرانهم في الدول الشقيقة ويحول دون تذمرهم او عدم الرضوخ الى مطالبهم العادلة في النظر بمستوى دخولهم المتدنية التي هي اقل كما علمت في دول شقيقة في هذه المرحلة الراهنة، الامر الذي يتطلب من وزير الصحة، ان ينظر الى طلبات زملائه بعين الاهتمام الكبير بغية انهاء هذا الاشكال الذي يُضر بدون شك بالمرفق الصحي بوجه عام!.

ولكن.. ثمة نقطة جديرة بالاهتمام وهي ان هؤلاء الاطباء الذين يحملون رسالة الانسانية، والرفق بالمرضى من المواطنينن مطلوب منهم عدم التوقف عن العمل او الاضراب الجزئي او الشامل، لأن هدفهم نبيل، ومهنتهم يقدرها الكثيرون، فهذه المسألة يُمكن حلها بالحوار وبالتفاهم المشترك دون اللجوء الى التهديد، خاصة وان عدم معالجة المرضى أمر في غاية الخطورة ويخالف القسم الذي يؤدونه في مستهل ممارسة اعمالهم الطبية!.

لقد حدثني احد المواطنين المرضى امس فقال: ذهبت الى مستشفى البشير منذ يومين لكون «السكري» انخفض بصورة كبيرة وارتفع ضغطي، فراجعت مسؤول الاستعلامات وأنا لست بقادر على الوقوف، فرد عليّ أنا لا استطيع ان اسمح لك بالدخول الى الطبيب، الا بعد ان تذهب وتسأله هل يوافق على معالجتك لانه منضم الى زملائه المضربين عن العمل، فدخلت الى الطبيب، وبعد رجاء شديد كدت من خلاله ان أرتمي على الارض من شدة المرض والمعاناة، تكرم الطبيب بمعالجتي باعطائي بعض الحبوب السريعة، لتحسين وضعي الصحي فقط لمرحلة قصيرة، فهل يجوز لهؤلاء الاطباء الاضراب وعدم معالجة المرضى لمجرد ان وزارة الصحة لم تنصفهم، فهل انعدم الحوار!؟ وهل يجوز لهؤلاء الاطباء التوقف عن العمل والتهديد باجراءات «لتفريغ» المستشفيات من الاسرة الطبية والتمريضية! فأين الرسالة الطبية والانسانية التي ينشدها اطباؤنا!؟.

واذا كنا نقدر نقابة الاطباء في دورها الانساني للنهوض في مجال الطب والاختصاص والرعاية الصحية، الا اننا نرى في مواقفها لدعم الاضراب «خطوة خطيرة» ليس لها مثيل في الاردن او غيره، الامر الذي ينبغي وقف هذا الاضراب، والسعي مع الحكومة لتحسين وانصاف الاطباء! فهل فقد الأمل في التوصل الى اتفاق!؟ لا اعتقد ذلك لأن وزير الصحة صرح اكثر من مرة بان هدفه تطوير وتحسين اوضاع الاطباء بصورة شاملة، غير ان الظروف الراهنة المالية والاقتصادية ربما تكون السبب وراء تحقيق ذلك على وجه السرعة، فهل يعني اغلاق مستشفياتنا ومراكزنا الصحية بسبب توقف هؤلاء الاطباء عن العمل نتيجة عدم حصولهم على «حقوقهم» في زيادة رواتبهم وانصافهم اسوة بأقرانهم من الدول العربية!؟.

اعتقد انه حان الوقت لدراسة مطالبهم بكل جدي، وان يشكل رئيس الوزراء لجنة من مختلف الوزارات خاصة وزارة المالية ونقابة الاطباء ووزارة الصحة للنظر في هذه المطالب العادلة وصولاً الى كادر جديد ومتقدم ينصف هؤلاء الاطباء ويضع حداً لاستمرار هذا الاضراب غير الصحي! في هذه المرحلة الراهنة!؟.

فالاطباء الذين يُعتبرون رسل الانسانية والمحبة لدورهم الكبير في معالجة المواطنين وغيرهم ينبغي ان يتوقفوا عن الاضراب حتى تصل اللجنة المختصة المشكلة لبحث اوضاعهم وانصافهم الى النتائج المرجوة للنهوض بهذا القطاع والحد من هذه الخلافات التي تفسد الدور الذي يقوم به الاردن في مختلف برامج الصحة بالداخل والخارج والذي شهدت قطاعاته توسعاً مستمراً وحضوراً متميزاً وسريعاً في مواقع الاحداث الداخلية والخارجية بدعم وتوجيه من جلالة الملك عبدالله الثاني الثاني الذي يولي القطاع الصحي كغيره من مرافق الدولة الاخرى الاهتمام الكبير حيث زار المشافي والمستشفيات بصورة سرية واطلع على اوضاعها وأمر بتطويرها وتفعيلها فضلاً عن دوره الكبير في الاهتمام بقواعد التضامن الانساني ومساندة الشعوب التي تعاني من وطأة الظروف الصعبة والقاهرة كما هو الحال في غزة وغيرها بما عزز مكانة الاردن في ساحات العطاء الانساني العالمي!.





عدد المشاهدات : (3696)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :