«المخدوعون» .. دائما


رم - مقالات



كلما تأملتُ واقعنا تذكرتُ رائعة الكاتب الراحل غسان كنفاني «رجال في الشمس» التي تحولت الى فيلم سينمائي عام 1972 بعنوان «المخدوعون» للمخرج توفيق صالح.

تدور الأحداث، أحداث الرواية،في عام 1958 بالبصرة، حيث يقرر ثلاثة فلسطينيين الهرب إلى الكويت، وكانوا ينتمون إلى أجيال متباينة: الأول، أبوقيس من جبل نكبة الطرد فى الأربعين من عمره، والثانى أسعد من الجيل التالي، طرد من الرملة، وهو يمارس الهرب للمرة الثانية، بعد أن جاء من الأردن، أما مروان، فهو فتى هربت به أسرته من فلسطين وهو طفل.

الثلاثة لا يثقون فى المهربين الذين سبق لهم أن تركوا الهاربين وسط الصحراء، يوافقون على الاختباء داخل خزّان ماء، رغم أنهم فى شهر آب الحار جدا، وعند مبنى الجمرك يقوم رجال بممازحة السائق أبو الخيزران بينما يموت الهاربون داخل الخزّان لقلة الأكسجين ولارتفاع درجة الحرارة، ثم يلقي السائق بجثثهم على كوم الزبالة. 

الغريب أن السائق حين سُئل عن هذا الموت « الدرامي»، كان رده: لماذا لم يدقّوا الخزّان؟

أي لماذا لم يشعره أحد من الرجال المحشورين في « الخزّان « أنهم على وشك مفارقة الحياة؟

وهو تساؤل قبيح مثل الزمن العربي والزمن الفلسطيني الذي لم يتغير منذ « النكباااات» المتتالية.

وكما السياسة ، كذلك في الحياة اليومية ثمة كائنات « مخدوعة « ومنهم من يستمتع بالخداع ويتلذذ بدور « الضحية « سواء كان ذلك بإرادته أو بحكم مصالحه وعلى «أمل» أن يتحقق شيء منها.

ومثل « سائق الشاحنة الذي حشر الرجال الثلاثة في الخزّان لكي يعبر بهم الحدود / العربية» نجد « سائقين « كثر»يقودون الناس بحكم حاجتهم إلى العمل ويتفننون في تعذيبهم وإغراقهم بالوعود وقتما يشاؤون، ثم ينفضّون عنهم ويرددون عبارة « سائق الشاحنة» : ولكن، لماذا لم تدقوا الخزّان؟

لقد كبر « الخزّان « ، بل أن الحياة أصبحت « خزانا « كبيرا ونحن فيه نلوذ كل منا في ركن منه. الكل محشور في عتمة أرادها لنفسه أو أجبرته الظروف عليها. فنحن لم نختر « السائق» وبالطبع لم نكن معجبين ب « الخزّان «.

لكنه المُرّ وقالوا في المثل « إيش أجبرك على المُر ، قال : اللي أمرّ منه!!

المهم ، لا تنسوا أن « تدقّوا الخزّان».

« ولّ عليه هالخزّان!!.




عدد المشاهدات : (3190)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :