الإخوان المسلمون والسلفيون والثورات



رم - مقالات

رضوان السيد

ما تزال التحركات الاحتجاجية بالأردن تشتعل ثم تخبو. وهذا الشرر المتطاير الذي يعقُبُهُ هدوءٌ على دَخَن، ليس سببه وحسْب، ردود فعل الخصوم واقتراب السلطات أو ابتعادها عنهم؛ بل سببه أيضاً حماسة شباب الإخوان، وتردُّد شيوخهم. وللحماسة أسبابُها التي بدأت تظهر على إخوان سورية أيضاً. فقد شاهدوا التقدم الهائل الذي حقّقه الإسلاميون في الانتخابات في ثلاثة بلدان، ويُنتظر أن يحققوه في ليبيا وفي الجزائر عندما تحصل الانتخابات. وهكذا اندلعت في الأوساط الإخوانية اهتماماتُ الوصول للسلطة من طريق الانتخابات، ما دام ذلك مُتاحاً بعكس ما كان يحصل في سورية منذ خمسة عقود، وما صار يحصل بالأردنّ منذ أكثر من عقد. وكما هو معروفٌ؛ فإنّ اليأس من الأساليب التقليدية بالبقاء تحت سقف النظام مهما كلَّف الأمر، كان قد دفع شباناً وكهولاً من الإخوان باتجاه التسلُّف القاعدي أو التكفيري أو الانكفائي/العلمي، فكانت تلك الميول الكاسحة وراء اعتزال الانتخابات في الدورتين الماضيتين، فضلاً بالطبع عن قوانين الانتخاب التي قالوا: إنها ضيّقت عليهم.

إنما المُهمُّ الآن، وبعد الثورات؛ فإنّ الشبان المُعْرِضين عن الانتخابات لأنهم لا يريدون تحكيم “العامة” في مسألة “تطبيق الشريعة”، يتحولون إلى مذهب علي بلحاج بالجزائر والذي أحجم ثم عاد فشارك في انتخابات أواخر الثمانينيات الشهيرة هناك! لكنْ تبرز في وجههم تحديات: تحدي إيضاح الغرض من المشاركة والحصول على الأكثرية، وتحدي العلائق بالسلفيين، وتحدي وضع سياسات بديلة للمسألة الفلسطينية، ومع الفلسطينيين. فلو شاركوا وحصلوا على الأكثرية فماذا ستكون مطالبهم، أو بالأحرى: لماذا يريدون الحصول على الأكثرية؟ إن كان بقصد مكافحة الفساد والسير باتجاه تطوير النظام إلى ملكيةٍ دستورية بخطواتٍ متوازنةٍ، فهذا أمرٌ جيد. أمّا إن ظلُّوا عند حدود التهديد فهذا ليس خطرا عليهم وحسب ، بل وعلى الدولة والوطن أيضاً! ثم إنّ التجربة المصرية عادت ففصلت الإخوان عن السلفيين ولا داعي لذلك غير الصراع على النفوذ والسلطة والمناصب. والطريف أن السلفيين ظلوا إلى شهرين قبل الانتخابات بمصر يتراوحون بين التحريم والتكفير للمشاركين والمرشحين، ثم شكلوا أحزاباً ودخلوها بحماسٍ شديد. وقد لا يحصل ذلك بالأردن وسورية، لكنّ الانفصال وقع بالفعل. وهذا خَطَرٌ آخَر بين أخطار إدخال الدين في بطن الدولة، والتصارُع على ذلك، بحيث يصبح الدين أدياناً، لأنّ الصراع على السلطة يفتت الدين كما تفتِّت المعدةُ الطعام! 

ويبقى الأمر الثالث، أمر المسألة الفلسطينية والفلسطينيين. فنحن جميعاً متفائلون باقتراب المصالحة بين منظمة التحرير والسلطة وحماس والجهاد. ونريد من الإخوان بالأردن أن لا يكونوا حماسيين أكثر من حماس. فاللعبُ في المسألة الفلسطينية من جانب إخوان مصر أو حزب الله بلبنان أو حتى إخوان سورية، أقلّ خطراً بكثيرٍ من صُراخ إخوان الأردنّ أو تحريك جزءٍ من الشارع لهذا الغرض. 

إنّ الاستقرار بالأردنّ الآن بالذات (وسط الجنون الإسرائيلي، والهَبَل من جانب السلطة بسورية)، هو أعلى الضرورات الوطنية والقومية والإسلامية. والمسؤولية تقع الآن على الإسلاميين، كما على السلطة!
















عدد المشاهدات : (5557)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :