مقاييس خاطئة لتقييم الموازنة



رم - مقالات

د. فهد الفانك

خطأ جوهري ارتكبه معظم الذين تصدوا لدراسة مشروع الموازنة العامة وتقييم أرقامها، وهو الحكم على صحة مخصصات أي باب من أبواب الإيرادات أو النفقات بمقارنتها بما كانت عليه في العام الماضي.
 الفرضية الضمنية التي ينطلق منها هذا التحليل هي أن العام الماضي كان مثالياً، وإن إنجازات الموازنة كانت طبيعية، فرضتها الظروف العملية، وليس السياسات المالية الرخوة التي كان معمولاً بها.
 بهذه الطريقة حكم هؤلاء بأن الإيرادات المحلية مبالغ فيها، فكيف تزيد بنسبة 6ر12% عما تحقق في العام الماضي.

 الفرضية الخاطئة هنا أن الإيرادات المحلية في السنة الماضية هي كل ما يمكن تحقيقـه، وإن السياسة المالية لا تستطيع زيادة هـذه الإيرادات بإلغاء بعض الإعفاءات التي استنفدت أغراضها ولم تحقق أهدافها، وإيجاد مصادر جديدة للإيراد.   
بهذه الطريقة حكم هؤلاء بأن تقدير النفقات الجارية ليس واقعياً، فكيف يمكن ضغط هذه النفقات بحيث لا تزيد عما كانت عليه في السنة السابقة كما تقترح الموازنة؟.

الفرضية مرة أخرى هي أن نفقات السنة الماضية كانت كلها لازمة، ولا مجال لتخفيض أو إلغاء بعضها، وأن السياسة المالية لا تستطيع التأثير على حجم النفقات بالإنقاص أو الزيادة إلا بقدر ما يسمح به معدل النمو الاقتصادي ونسبة التضخم المتوقعة والتي قـدّر وزير المالية مجموعها بحوالي 8% وليس 6ر12%.

هذا ليس دفاعاً عن مشروع الموازنة المعروض على مجلس النواب، ولكنه اعتراض على منهجية بعض الانتقادات التي وجهت إلى الموازنة، فقد تكون الموازنة سيئة ومرفوضة ولكن لغير الأسباب التي ذكرها النقاد المحترمون.
الموازنة المقدمة إلى المجلس بصيغتها الحالية يمكن اعتبارها صحيحة إجمالاً، وقابلة للتطبيق، وتستحق المصادقة عليها إذا كان لدى وزير المالية سياسة مالية حازمة لتغيير النمط الذي كان سائداً في العام الماضي، وإذا كانت الحكومة ستطلق يد الوزير في إدارة السياسة المالية واتخاذ القرارات اللازمة لضبط المالية العامة ووقف الانحدار الذي ساد في السنوات الأخيرة.

أما إذا كانت شعارات ساحة النخيل هي التي تقرر الاتجاه العام، فإن الموازنة تستوجب التغيير بحيث يرتفع العجز إلى ثلاثة مليارات من الدنانير وليكن ما يكون!.






عدد المشاهدات : (4273)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :