الباب الموارب في السياسة!



رم - مقالات

طارق مصاروة

لا يمكن ترك الأزمات الدولية الحادة، إلى التصريحات، والإعلام، ومناورات قوى الداخل أو القوى الإقليمية. فقد يسبب خطأ يسيطر في صِدام عسكري لا يريده الطرفان، ولا يستوجبه الصراع السياسي!!.
التأزم الأميركي – الإيراني مثلاً، فأي عاقل يعرف أن وضع التأزم في يد تصريحات وزارة الدفاع الأميركية، أو خطابات احمدي نجاد في فنزويلا، أو مناورات البحرية الإيرانية في مضيق هرمز، في مواجهة أسطول بحري أميركي، وقواعد وحاملات طائرات تعد الأخطر والأقوى في العالم، يمكن أن تؤدي إلى شرارة تشعل النار في منطقة النفط!!.
تركيا تجد نفسها معنية بهذا التأزم، فهي ترسل وزير خارجيتها أوغلو إلى طهران يحمل أفكاراً، ونوايا، ومقترحات قد تخفف من الاحتقان، وتبعث طهران بأذكى رجال التفاوض علي لاريجاني، إلى أنقرة يحمل الردود.. وأفكار جديدة، فالموضوع هو موضوع المشروع النووي الإيراني، وتركيا كانت قد دخلت على الخط بأفكار، وبدور جاد في عملية التخصيب النووي، ونقله إلى المراكز العلمية الأوروبية، ثم إعادته بعد النضوب، وكان لاريجاني ممثل إيران في هيئة الطاقة النووية الدولية في فينا، ثم فجأة تداخلت الصراعات الداخلية الإيرانية في مسيرة التفاوض الدقيقة، وأصبح علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى.. وعادت الأزمة إلى التصريحات النارية، والإعلام!!.
إيران الآن بحاجة إلى الوسيط رغم الصوت العالي، وتركيا مستعدة، وكان يمكن لروسيا أن تقوم بالدور لولا أن مناوراتها تقتصر على سوريا ومجلس الأمن والبحث عن دور  في الشؤون الدولية قاله أمس الرئيس بوتين، بعتب وغضب على جيرانه الأوروبيين بالذات.
إيران بحاجة إلى الوسيط، وتركيا مستعدة. والولايات المتحدة قابلة بدور تركي، فالعلاقات بين الدولتين لم تكن أفضل في أي وقت، بعد وضع قواعد الرادارات والصواريخ الكاشفة والمضادة للصواريخ. وهذه اعتبرتها إيران وروسيا بمثابة تهديد لها، وبعد هذه الرعاية التركية للمعارضة السورية، ولأخذ موقف حاد من النظام السوري.. مع الاستعداد غير المخفي لدور عسكري في قضية المناطق الآمنة.. شرط موافقة مجلس الأمن!!.
العرب وحدهم، لا يتعاملون بالأبواب المواربة في أزماتهم وخلافاتهم الداخلية والخارجية. ولذلك تتجمد قضاياهم، وتصبح مادة استغلال إقليمية ودولية..
وإذا تجاوزنا القضية الفلسطينية، وفرضنا حالة معنا أو ضدنا على العالم، فهناك قضايا عربية يمكن حلها بوساطة عربية أو إقليمية تخفف التأزم، وقد توصل إلى تفاهم وعلاقات عادية. مثل قضايا الخلاف المزمنة بين المغرب والجزائر، والسودان الشمالي والجنوبي، والسودان ومصر على منطقة حلايب، والمشكلات بين العراق والكويت، والأردن وسوريا، وأهمها قضايا المياه، ومشكلات سوريا ولبنان كلها تبقى تحت الجمر، وتحرق في العلاقات الثنائية وراء الكواليس!!.
لا يعيب أميركا أن تبحث على أرضية توافق على حل مع طالبان، ولا يعيب طالبان أن تتخلى عن الإرهاب، والقاعدة، ولا تخسر قطر من دورها بين العدوين، فالباب الموارب، هو ذكاء في السياسة، وقبول الوسيط، وتمريره من الباب الموارب هو ذكاء ومصلحة، وإذا كان كل خلاف سيوصل إلى الحرب.. فإنّ العالم لن يكون عالماً قابلاً للحياة.





عدد المشاهدات : (4535)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :