ليس دفاعا عن الوزير المجالي



رم - مقالات

عبدالله محمد القاق

إذا كان الأردن يفتخر بالحرية، والديمقراطية والهامش الجيد للتعبير عبر قبة البرلمان لتفعيل الحياة السياسية والوقوف على الأخطاء ومحاولة معالجة المثالب او الثغرات التشريعية والحد من الفساد.. والنهوض بالأجهزة الحكومية على أكمل وجه.. إلا أن مجلس النواب الذي نعتز بجهوده يجب أن يكون متفاعلا إلى حد كبير مع نبض الشارع وألا يبدي السادة الأعضاء انزعاجهم.. أو استياءهم من الإعلام كونه احيانا يدعو الى إعادة النظر ببعض القضايا المتعلقة بالمجلس لأن هذا المجلس كغيره من أجهزة الدولة ليس محصنا، وبالإمكان انتقاد أوضاعه.. لتصحيحها.. كما أنه لا يجوز لهذا المجلس عندما تنتقد صحافتنا الوطنية نهج بعض النواب أن يدعو الى عملية تصحيحية شاملة للإعلام الأردني الذي يضطلع اعلامنا الوطني بدور حيوي لبناء الدولة الحديثة وتعزيز اركانها، والقائم على تعزيز تقاليد الحوار وتثبيت دعائم الديمقراطية والتعددية وتكريس التضامن بين مختلف فئات المجتمع.

وقد شهد الإعلام الاردني اصلاحات واجراءات عديدة ومتتالية هدفها تطوير هذا الخطاب الاعلامي لمواجهة التطورات وثورة الربيع العربي بغية اثراء مضامينه وترسيخ حرية الرأي والتعبير كما يدعو لها جلالة الملك عبدالله الثاني في اكثر من مناسبة ومجال والارتقاء بأداء الاعلام ليكون اداة فاعلة لتعميق الوعي، بالواقع الوطني القومي.

واذا كانت وسائلنا الاعلامية تسلط الضوء على القضايا بشكل موضوعي، وبجرأة، لتجنب الوقوع في اشكالات عديدة لمسؤولين، والسعي للبناء والتعمير، فإننا نعتقد ان إقدام حوالي 45 نائبا على استجواب السيد راكان المجالي وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال لكونه لم يحضر اجتماع لجنة برلمانية مرتين بسبب ارتباطه بمواعيد طارئة وحساسة تتعلق بزيارات سريعة لشخصيات عربية مثل رئيس مجلس الشورى السعودي او غيره، فإن مثل هذه الاستجوابات لا تقنع الشارع الوطني بأهميتها لأنها لا تتعلق بقضايا ملحة وذات شأن خطير.. فبالإمكان تأجيل هذا الاجتماع.. بخاصة ان الوزير حاول الحضور وتأخر بعض الشيء بسبب زحمة وعرقلة المرور!

فالمعارضة البرلمانية التي نقدرها في مجلس النواب هدفها الاصلاح.. وليس وضع العصي في الدواليب، وتجسيد الديمقراطية هو غريزة لدى الانسان، وقد طبع بها الاردنيون جميعا.. لذلك فإن تنادي 45 نائبا لطرح الثقة بالوزير المجالي لأنه يدافع عن الاعلام والاعلاميين في مجلس النواب والاعيان ويقف سدا منيعا امام المادة 23 في قانون مكافحة الفساد.. ويرفض الاعتداء على الصحفيين سواء في احداث المفرق او في مناطق عديدة في الاردن ويدعو لمزيد من الحريات العامة للصحافة كونه نقيا سابقا للصحفيين ورئيس تحرير لأكثر من عشر سنوات لصحيفة الرأي وكاتبا لصحيفة “الدستور” ولصحف عربية ومتعددة.. فإن ذلك يعد مجافيا للواقع.. والحقيقة، بخاصة ان هذه الاستجوابات التي طوي الكثير منها في السنوات الماضية لعدم اهميتها او جديتها.. بالرغم من انها حق للنواب لاستخدامها عند الضرورة يجب ان تنطلق من رؤى حقيقية واساسية تتعلق بعدم الاستجابة لقضايا الوطن او الاخلال بالوظيفة او بتجاهل اعمال المواطنين او مخالفة مواد قانونية مهمة. 

اما ان يكون الاستجواب لتغيب وزير عن اجتماعات اللجان البرلمانية فهذا لا يمكن القبول به.. لأن الاستجوابات هي المحك الذي يميز الديمقراطية الحقيقية عن غيرها.. وهذا ينطبق على الوزراء كلهم طالما ان الدستور لا يمنع المساءلة..

اننا نعتقد ان تأخر وغياب الوزير راكان المجالي عن حضور جلستين للجنة برلمانية لا يحتاج لمثل هذا الضجيج والاشكالات التي يضعها بعض النواب في هذه المرحلة الحساسة.. بل اننا نرى في دولة رئيس مجلس الاعيان الاستاذ طاهر المصري وغيره من الحكماء القيام بدور فاعل من اجل انهاء عملية الاستجواب التي لم تشتمل على اية اخطاء او مساءلات للوزير للتقصير بعمله او التراخي بحل المشكلات لا سيما ان الوزير المجالي مهتم كثيرا بقضايا الاعلام والاعلاميين وبذل جهدا كبيرا ودورا بارزا لتطوير الاعلام والنهوض به خلال فترة وجيزة من بدء عمله.. وهو يسعى لتفعيل الحريات العامة لدى صحافتنا واعلامنا الوطني لمواجهة التطورات الراهنة.

الأمل كبير بأن يكون لوقفة الصحفيين امام مقر نقابة الصحفيين الاردنيين الذين طالبوا بوقف هذا الاستجواب ضد الوزير المجالي أذن صاغية بغية انهاء هذا الاستجواب وطيه، كما طويت استجوابات سابقة وفي دورات متعددة لكونها لم تحقق النتائج المرجوة ولا تخدم مسيرة الاردن الديمقراطية التي ننشدها والتي تتطلب من الجميع التضامن والتكافل بغية بناء وطننا بعيدا عن المناكفات والاشكالات التي تحد من تقدمه وازدهاره.

فهل يضع النواب استجواب وزير الدولة لشؤون الاعلام راكان المجالي جانبا ونحن في مطلع العام الجديد وبذلك نسهم بإيجاد تعاون نيابي حكومي لتجسيد مسيرة الاصلاح التي نرنو اليها في هذه المرحلة الحساسة من تاريخنا لمواجهة التحديات الراهنة على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية.

نأمل ذلك







عدد المشاهدات : (3630)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :