الدعوة للتغيير لا تخلط بين الحكومة والدولة



رم - مقالات

نبيل غيشان

اصبح التغيير صناعة لها اسسها وادواتها وهذا ما نشاهده منذ عقدين من الزمن, فقد اختفت دول وظهرت اخرى وركبت دويلات على الخريطة واخرى تنتظر مصيرها, كل هذا لم يكن بالصدفة او على "التساهيل" بل كان بفعل فاعل ونتيجة عمل مباشر او خفي اطلق ما يعرف ب¯ " تثوير العقول" عبر مراكز دراسات ومؤسسات امريكية واوروبية تحاول منذ انهيار جدار برلين إعادة تشكيل العالم وتعويده لا بل ترويضه على سياسة القطب الواحد.

والاقليم العربي لم يكن خارج "ثورة الافكار" التي يجب ان تنسجم مع مصلحة الاحتلال الاسرائيلي اولا وتوزيع القوى الجديدة على خارطة المنطقة ثانيا, في لعبة لا تختلف كثيرا عن مبادئ لعبة "اللوجو" من فك وتركيب.

وهذا ما رأيناه في العراق الجديد واشتداد الوقاحة الصهيونية وهجمتها الاستيطانية في القدس المحتلة وكذلك اختفاء بعض انظمة الاستبداد والفساد في المنطقة وما سبقه من ظهور دولة جنوب السودان وما نشهده اليوم من ادوار وقوى صاعدة ابتداء من ايران وتركيا وقطر. 

ونحن في الاردن لم نكن خارج الاطار بل عملت قوى محلية معروفة ومدفوعة بتأثير خارجي على الترويج للاصلاح والتغيير في اسلوب الادارة السياسية والاقتصادية وتم توظيف الخصخصة ليس كنهج اقتصادي محترم يمكن ان يستخدم في تصحيح مسار الاخطاء ومنح ديناميكية جديدة للاقتصاد بل كنهج سياسي يمكن ان يؤدي الى تفكيك الدولة وضرب الامن المجتمعي داخلها استجابة للبرامج الدولية وخدمة لاهدافها.

وانطلت علينا مقولات "ترهل القطاع العام " وضرورة ترشيق جهاز الدولة حتى وصل الامر الى القوات المسلحة وغيرها, بهدف اجراء تغيير في موازين القوى المجتمعية الحاضنة لمشروع الدولة وعلى رأسها الطبقة الوسطى بصفتها السياسية وليست الاقتصادية.

وكان برنامج القوى الصاعدة صاحبة مشروع التفكيك, يركز على ثلاث قضايا رئيسية اولا: ذم القطاع العام الحكومي لطابعه الشمولي وترويج فكرة "تحجّره وعَجْزه" ومهاجمة دولة الرعاية وضرورة تحويل إدارة الدولة الى ما يشبه إدارة الشركات وثانيا: طلب تفكيك الجيش وتقليص حجمه ودوره لينسجم مع مرحلة السلام الجديدة التي" تحتاج الى اعداد وتسليح اقل", وثالثا: ضرب سمعة جهاز المخابرات لانه والجيش يشكلان صمام آمان واستقرار للبلاد والعباد والنظام السياسي وليس لانه "أداة قمع" لان هذه الاخيرة لا يمكن تسويقها لعدم وجودها.

وهذا ما نراه اليوم من تراجع في هيبة الدولة كنتاج لكل الاعمال الشيطانية التي نسجت بمهارة العنكبوت في مد شباكه وخيوطه ومصائده, والحل ان نفرق بين الحكومة والدولة, فالاولى متغيرة والثانية ثابتة, لا تغيير ولا خلاف عليها.










عدد المشاهدات : (4141)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :