الى اهلي المطارنة .. الوجع واحد



رم - مقالات

عمر كلاب

من الصعب الحديث عن الوجع الانساني بلغة العقل , واصعب من ذلك اذا انتقلت هذه الاوجاع الى خانة انعدام الحياة بقرار الانتحار , حينها تكون الكلمات ضربا من الخيال ويكون لوقعها في الحلق طعم المرارة الكامل المغموس بطعم الدم المحترق , وتصبح كل ادوات الاستدراك من لو ولماذا بالية وغير نافعة بعد وقوع الواقعة , ومن الواجب تخفيف الضرر عن الذين تبقّوا .

يمكن لاهلنا من المطارنة ان يقولوا كل شيء فالمصاب كبير وخسارة انسان تساوي الدنيا وما فيها , فحرمة الحياة تعادل الدنيا وما فيها والخسارة مؤلمة وطريقة الخسارة بالانتحار مؤلمة اكثر , وابسط حقوق المتوفى ان نحترم ونعالج اسباب الوفاة , فأسباب الوفاة كثيرة ومنها وجع الحياة .

في الظروف الصعبة ومن مدينة بنيت على الحب الازلي جنوب القلب , يكون الوطن اولا , الوطن على مساحته القومية وعلى مساحته الجغرافية الصغيرة , فهي المدينة التي حيثما قرأت اسمها يكون واحدا موحدا “ كرك “ , وهذه الفرادة ليست اسما فقط بل سلوكا صنعه رجالها ونساؤها يوما بعد يوم , بسلوك وطني وقومي منذ ان فقد ابرز رجالها فلذات اكباده ليحمي توأم الروح الفلسطيني بعد ان اجاره , ووجد الكرك ملاذا ليحتمي بها , هكذا الكرك منذ هبتها , ووثيقة وعدها القومي لحماية الثرى الفلسطيني والسوري والعراقي .

هنا وقريبا من رحلة الوجع القومي , يصبح الواجب الوطني أغلى من الافراد والارواح والأموال , وهنا , بالضبط هنا , كما يقول مظفر النواب بوصلة القومية ومغناطيسها الوطني , ونحن نمخر عباب اللحظة مثقلين بجور الجيرة وثقل الجغرافيا , فحدودنا تمور بقراصنة الاحتلالات التي تركت الدنيا وتربصت على حدود تبعد مسافة قبلة عن قلوبنا وحدودنا ولا مناص من القبض على جمر المصلحة الوطنية العليا , وهذا ديدن الكرك ورجالها وديدن كل ابناء الاردن المخلصين .

شمالا وجع سوري يفتح شهية مصاصي الدماء , وشرقا عراق يصيح به الصدى , ومثقل بأدران التفرقة بكل اشكالها وباتت عاصمة الثقل العربي تمور تحت ضربات الاحتلال واختلال الاقليم وتجار الحروب والدماء , وغربا وجعنا الدائم والازلي , القدس تهود وانفاق تحت اساساتها تنخر بنيانا رعاه الرسل والانبياء والشهداء .

لم يبق لنا في البر الشامي كله الا عاصمة اسمها عمان تحرسها الكرك جنوبا واربد شمالا والمفرق شرقا وتحرسها عيون رجال حملوا الوعد الوطني شامة على الجباه وسمارا على الزنود وحبات عرق طاهر على الجبين , فلنحافظ على عاصمة منها انطلقت خيول الدعاة والتقاة نحو سوريا والعراق , فنحن على موعد مع الوجع القومي ومع اماله واحلامه , وقدرنا ان نبقى على مسافة مع الوجع ان لم نكن مركزه الاساس .

هنا يا اهلنا من المطارنة من يحمل وجع ابنكم بصبر المؤمنين , وهم كثر , وهنا يا اهلنا في المحافظات من يبلل كسرة الخبز بماء الكرامة ويأكل وصغاره , فالوجع واحد والامل واحد والدم واحد , ولن يكون هنا من يقول “ انج سعد فقد هلك سعيد “ فكلنا هالكون ان اضعنا هذه اللحمة والحرص الوطني , وكلنا ناجون ان ضغطنا على جراحنا من اجل وطن اقسمنا على حمايته من التجار والفُسّاد والفجّار .

وطن ننتمي اليه بل نفخر اننا ابناؤه .






عدد المشاهدات : (3434)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :