حكاية ثورة: وأخيراً إنصاف الأردن


رم -

رم - المحليات

على الرغم من حساسية الملف الذي فتحته "الجزيرة" (حكاية ثورة) حول الثورة الفلسطينية، (إعداد عمر العيساوي) وخصوصاً فترة تواجدها في الأردن، وهي المرّة الأولى التي يتمّ مناقشتها بهذه الصراحة، فإنّ غير مراقب رأى في الحلقتين اللتين عرضتا في الأسبوعين الأخيرين موضوعية نادرة، وإنصافاً للسلطة والجيش الأردني بعد أن تعرّضا لحملة تشويه تاريخية. (الحلقة الأولى تعلّقت بمعركة الكرامة وأنصفت دور الجيش الأردني).
وقال سياسي أردني لـ"اللويبدة": إنّ التركيز على قول بسام أبو شريف الذي كان عضواً قيادياً في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: "الإعتراف بالخطأ فضيلة" بعد أن إستعرض تجاوزات الفدائيين، يعطي البرنامج أهمية خاصة،  كما أنّ الإفراج عن معلومات من الأمير الحسن تتعلق بلقاء الدكتور جورج حبش في السبعين بالسفير الأميركي في بيته، وتأكيدها من أبو داود قائد الميليشا في حركة فتح حينها، يزيد موضوعية البرنامج الوثائقي.
وكان الأمير الحسن قال في البرنامج أنّ معلومات "وردتنا عن لقاء بين جورج حبش والسفير الأميركي في بيته في عمان، فاستدعيت السفير في اليوم التالي"، ولم يُفصح عن تفاصيل اللقاء، ولكنّ  أبو داود أكدّ أنّ الملك الحسين قال له حين اصطحبه من السجن للحرية إنّ الأميركيين قلّصوا في تقديم المساعدات للأردن، وحين سألهم عن السبب قالوا: إنّهم سيكون مع الحصان الرابح، بمعنى أنّهم كانوا يعتقدون أنّ التنظيمات الفلسطينية أقوى من النظام، وأنّهم سيربحون السباق، وامتدح أبو داود الملك على إنسانيته.
ومن المعلومات التي أفرج عنها البرنامج، عبر أحد أعضاء الجبهة الشعبية، أنّ الدكتور جورج حبش وجّه رسالة للدكتور وديع حداد، قبيل عملية خطف الطائرات التي سبقت أحداث أيلول بأيام، قال له فيها: ولّعها.
وقال الأمير الحسن في البرنامج إنّ الملك الحسين سكت عن تجاوزات التنظيمات طويلاً لأنّه كان تعاطفاً مع قضيتهم خصوصاً وأنّه كان مجروحاً من حرب السبعة والستين، وسمّى نفسه أيّامها بالفدائي الأوّل، ولكنّ التجاوزات زادت على حدها كثيراً بعد ذلك ممّا استدعى الحركة.
أمّا ممدوح نوفل، القيادي العسكري في الجبهة الديمقراطية حينها فقدّم إنتقاداً ذاتياً كبيراً حين أكّد أنّ هناك من الآراء ما كان يظهر ويقول: لماذالا تحتل اسرائيل الاردن، فهذا يعني توسيع دائرة المقاومة، وأكّد نوفل أنّ هذا كان من باب الطفولة اليسارية.
وممّا جاء في البرنامج أنّ فكرة هانوي العرب جاءت للمرة الأولى من وصفي التل، بحيث تكون عمّان هي الرافد والمؤمّن للثورة داخل فلسطين المحتلة والعودة اليها، ولكنّ التنظيمات أخذّت الفكرة وروجتها باتجاهات مختلفة، كما ورد في البرنامج مقطع نادر من لقاء لصلاح خلف (أبو إياد) مع القيادات الفلسطينية ومنها خليل الوزير (أبو جهاد) يعرض فيها تصرّفات  تجاوزية لكلّ الأخلاق لبعض عناصر التنظيمات الفلسطينية.
وجاء فيه أيضاً أنّ الملك الحسين عرض على ياسر عرفات رئاسة الوزارة الأردنية لدرء الأزمة ولكنّه رفض لأنّه لا يريد سلطة، كما جاء في البرنامج أنّ عرفات رفض عرضاً من ضباط في الجيش الأردني يعرضون فيه القيام بانقلاب على الملك، وعرضت في البرنامج مشاهد توثيقية لشوارع عمّان تجوب فيها دوريات الكفاح المسلح وكأنّهم أفراد الشرطة الأردنية يسيطرون على الشوارع في ما لا يخفى على المشاهد ممارسة حقيقية للسلطة في الشوارع.
كما عرض البرنامج مشاهد من المظاهرات التي جابت وسط عمان، مقابل مقهى السنترال، وهي تكيل الشتائم للرئيس جمال عبد الناصر لسبب قبولة مبادرة روجرز، الأمر الذي دفع بعبد الناصر لموافقة تقليم أظافر التنظيمات، وقال للملك الحسين حسب أبو داود: أفرك ذانهم، وأدّبهم، وبعدها ذهب عبد الناصر لمرسى مطروح ليبتعد عن الساحة أيام القتال.
واستعرض برنامج "الجزيرة" مشاهد وروايات تؤكد أنّ الجيش الأردني كان مجروحاً وأراد ردّ الإعتبار لنفسه،  كما استعرض الدور المتناقض الذي لعبه وزير الدفاع العراقي حردان التكريتي في تلك الفترة من تشجيع للفدائيين على قلب الحكم، والعمل ضدّهم في الخفاء كما جاء في رواية أبو داود، حين التقى ياسر عرفات مع الرئيس العراقي أحمد حسن البكر ونائبه صدام بحضوره وابراز وثيقة عراقية بهذا الخصوص، وتطرّق الأمير الحسن أيضاً إلى مواقف حردان التكريتي المتقلبة أيضاً.
واستعرض البرنامج الأيام التي سبقت الأحداث، وتشكيل الحكومة العسكرية، وخطف الطائرات وتفجيرها في قيعان حنا "مطار الثورة"، بجانب المفرق، كما أفرج السيد عدنان أبو عوده عن معلومة أنّه عيّن عضواً في الحكومة العسكرية ليكون مفاوضاً للتنظيمات الفلسطينية، ولأوّل مرة يعلن أنّ وصفي التل لم يكن يعرف بالاحداث التالية وقال له: نريد أن "نهمّر عليهم، يعني أن نخوّفهم" وتحدّث عن قناعته بأنّه لم يكن يعرف التفاصيل ولكنّه تبنّاها في ما بعد باعتباره كان رئيساً للوزراء، وكان يقصد على ما يبدو الأحداث التالية لأيلول.
السياسي الأردني  يقول لـ"اللويبدة": يقتضي الإنصاف أن نعود إلى التاريخ بأخذ كلّ الجوانب، وعدم إغفال أيّ جانب منها، وإذا كان هناك من أخطاء فقد كانت من الأطراف كلّها، وقد استمعنا اليوم ولأوّل مرّة من يعطي جانب السلطة والجيش حقّهما، وأنهى بالقول متحفّظاً: وأنا هنا لا أتحدّث عن الحلقة التالية التي لم أشاهدها بعد!
وعلمت "اللويبدة" من مصادر داخلية في الـ"الجزيرة أنّ البرنامج الوثائقي كان جاهزاً للعرض منذ فترة، ولم يبثّ إلاّ بعد تحسّن العلاقات الأردنية القطرية مؤخراً، ويبدو أنّه يأتي في إطار ذلك التحسّن."

*نقلا عن مجلة اللويبدة




عدد المشاهدات : (4057)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :