داعشيون فكرياً


رم -

معاذ أبو عنزة

 

أحداثٌ تعاقبت الحدث تلو الآخر في ظل ثورة تكنولوجيا المعلومات المهولة متزامنة مع ثورة الحريات التي تجاوزت الحدود والتي جابت العالم دولة تلو الأخرى ، حيث أن مراقبة الوضع الراهن والذي أصبح شئت أم أبيت واقع حال من ردات فعل الناس الأولية ومتابعة تغريداتهم وتعليقاتهم على مواقع التواصل الإجتماعي مؤخراً والتي يُمكن وصف كمٍ هائلٍ منها بالسموم الإلكترونية ، فنجد أن هذه المشاركات أياً كان نوعها هي مرآة فكرية لما يجول في خاطر الشخص من أفكارٍ وصراعات فكرية ولربما عقائدية، يقوم بتفريغ محتواها بعدة سطور، إلا أن هذه السطور قد تكون أشد خطورة من حد السيف أو فوهة البندقية على المجتمع المحيط كما تم التنويه سابقاً في أحد المقالات، فالقلم في كثير من الأحيان وفي العديد من الظروف فاق قوته وتأثيره قوة وتأثير سلاح أوتوماتيكي كالكلاشنكوف ، فنحن نعلم وعلى مر التاريخ بأن السلاح قد يقتلُ أنُاسً بعدد أصابع الكف الواحد إلا أن القلم قد يُشعل حرباً أساسها سياسي أو إقليمي ويكون امتدادها طائفي وعقائدي ويكون نِتاجها جغرافي ودموي يموت فيها الآلاف يَصعُبُ إخمادها لسنوات، فقد يكون كاتب أو رسام مثقف متعلم يتقن ما يعمل سلاحه القلم أشد خطورةً على لُحمة وتماسك المجتمع العالمي واستقراره الديني من مقاتل على حدود أحدى الدول المشتعلة تابع لأحد التنظيمات سلاحه الكلاشينكوف، كما حدث في صحيفة «تشارلي إيبدو» سابقاً بغض النظر عن إختلاف الأفكار والآراء.

 

حادثة إسطنبول الأخيرة «رينا» كانت الدليل والبرهان على أن وسائل التواصل الإجتماعي خرجت عن الهدف والغاية التي وُجِدت من أجلها لتؤكد أنها أصبحت منبر من لا منبر له، حيث أصبح واضحاً خروج المستخدم عن المألوف لتراه قاضياً تارة ومفكراً سياسياً تارةً أخرى مروراً بالإقتصاد والموضة وصولاً للفلك في بعض الأحيان ،لنرى محور النقاش الأساسي حول حادثة تركيا بأنهم شهداء أم ضحايا، كفار أم مؤمنون، متناسين أمرا في غاية الأهمية بأن القاعدة الالهية تقول إن الله عز وجل «رب العالمين» أي رب أهل الكتاب « اليهود والنصارى» والمسلمين ومن لا دين له أيضاً فرحمة الله وسعت كل شيء فلا يحق لأيٍ كان أن يكفر فلانا أو أن يطلق الأحكام الربانية دون وجه حق فهي مقرونة بالخالق لا المخلوق، ناهيك عن القاعدة الإخلاقية التي تقول «تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الأخرين» غافلين عن أن الحادثة إنسانية بحته تحمل في طياتها العديد من المأسي فقد كانوا ضحية عمل إرهابيٍ غادر تقشعر له الأبدان .

 

من هنا يجب التفكير ملياً في كيفية استخدام مثل هذه التطبيقات وفق تشريعات صريحة ضمن ضوابط لا تقيد أو تقلل من الحريات المشروعة والمعروفة وإنما تضمن الإلتزام بالإخلاقيات وخطوطها العريضة، ومن جهة أخرى العمل على إنتاج جيل واعٍ مثقف معتدل قادر على تحمل الأعباء والمضي قدماً نحو مستقبل مشرق وتجنب خطر الفكر الداعشي المسمم الذي قد يحمله العديدون دون أن يكون لهم أدنى فكرة بذلك ولا يكون ذلك برأي الشخصي إلا من خلال إعادة النظر في ثلاثة أمورٍ في غاية الأهمية تساهم مساهمة فاعلة في تنشئة الفرد تنشئة فكرية وثقافية معتدلة بعيدةً عن مظاهر التشدد والتطرف بإختلاف أنواعه ونتائجه وتأثيره على المجتمع ألا وهي مؤسسات التعليم والإعلام ودور العبادة أي المساجد والكنائس، فهي الأساس واللبنة الأساسية للفرد في فترةٍ من فترات حياته إن لم تكن في جميعها فكان لها كالأرض الخصبة أي كالمادة الخام إن صح التعبير وكانت في معظم الأحيان نتاجه الفكري ومستقبله القريب.

 


نقلاً عن - الرأي -




عدد المشاهدات : (7108)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :