لماذا ندافع عن الدولة «3-6» «فقه المواقع الرسمية»


رم - عمر كلاب
لم نزل في التأصيل والتحليل للدفاع عن الدولة لكن ظروف اللحظة تستدعي تقديم ما يستوجب التاخير , فقد كانت هذه الموضوعة وستكون خاتمة لسلسلة المقالات حيث يتم رسم الصورة وبعدها نضع الاطار , فالصورة هي المنهج والاطار هم الشخوص الذين سيقومون بتنفيذ المنهج , والصورة لم تكتمل بعد – اي منهجية فهم الدولة - , وبحكم تشكيل الحكومة الجديدة ومجلس الاعيان بات واجبا عدم القفز عن الاطار النظري الجامع لسُلطة ونصف – كل السلطة التنفيذية ونصف السلطة التشريعية او الغرفة الثانية للتشريع – ولمزيد من التوضيح فإن النقد جزء من الفهم وبالتالي فعملية تحليل الحكومة الجديدة والغرفة التشريعية الثانية واجبة لفهم الية عمل ماكينة الدولة ومدى استجاباتها لاماني وتطلعات الاردنيين الذين هم محور واجبات الدولة وخدمتهم اساس تعريفها ووجودها لاننا قلنا في المقال الاول ان انضج تعريف للدولة هو ما تفعله وما الذي ينبغي على الدولة ان تفعله.
كان السائد في بداية تشكيل حكومة الدكتور هاني الملقي كاستجابة موضوعية للشرط الدستوري حيال استقالة الحكومة التي تُقدم على حل البرلمان , بأنها حكومة تسيير اعمال سرعان ما يبني الرئيس حكومته بعد الانتخابات , لكن القراءة الاولى للحكومة الجديدة انها اقرب الى تعديل وزاري على الحكومة وليس بناءً جديدا لها , فقد بقي وزراء السيادة والخدمات في مواقعهم , مما يعني ان الحكومة جاءت استكمالا لما قبلها وليس تسييرا للاعمال , فلا يوجد نهج جديد ومحاولة ابتكار حلول لازمات الواقع الاردني , وربما اسهمت تركيبة مجلس النواب الجديد في ذلك , فالمجلس الجديد لم يكسر النمط المألوف فكريا وسياسيا بل انتج اسماء جديدة في احسن احواله , تنتمي الى نفس التربة الفكرية التي تُنتج النواب بالعادة , مما خفف على الحكومة من اعباء التغيير المنهجي وهي ستعبر حاجز الثقة بسهولة ويسر وعلى المواطن ان يستعد منذ اللحظة لاجراءات اقتصادية وسياسية تتراوح بين اليمين المحافظ واليمين , بمعنى تحرُك الاصلاح بصعوبة واستمرار منهج الانغلاق السياسي والحرياتي مع بقاء الاقتصاد دون حلول ابتكارية.
فقه الغرفة التشريعية الثانية في النهج الاردني هو استكمال ما نقص في الانتخابات البرلمانية العامة وتصويب الاختلالات المهنية والسياسية وملئ النواقص , لذلك حمل مجلس الاعيان اسم مجلس الحكماء وظل في منأى عن الانتقاد بوصفه عنصر الامان الذي يلوذ المجتمع اليه حال انفلات مجلس النواب او محاولته شراء الشعبية الانتخابية على حساب الضرورة الوطنية والقانونية , ووفق هذا الفهم فإن مجلس الاعيان الحالي مطالب ان يجيب على الاسئلة بذاته دون انتظار الاجابة من المواطن , فدلالته الاولى لا تتطابق والفهم الاردني عن مجلس الاعيان الراسخة في العقل الوطني , وغلبت عليه صفة التعويض والتوريث اكثر من صفة الخبرة والحنكة والتجربة , ولو تمعنّا قليلا في اشتراطات الدستور لنيل عضوية الاعيان لوجدناها اقرب الى الخبرة التراكمية والمعرفة المهنية , مثل امراء الالوية في الجيش والنائب الذي اجتاز ثلاث دورات وهكذا الى آخر المادة الدستورية.
اشارات الاطار الجامع للصورة تبدو معاكسة وغير متآلفة مع الصورة وكأن المنهج يمتلك ادوات تسيير اعماله لوحده وهذا يعني اننا نبحث عن اصلاح دون اصلاحيين ونبحث عن بناء متين دون ادوات بناء مطابقة للمواصفة الوطنية وهذا اقرب الى الاستحالة او الخضوع لشروط الصدفة وضرورتها , والصدفة بالعادة لا يمكن المراهنة عليها حتى لو كانت حظوظنا قوية , ونحن بالتأكيد دولة محظوظة لكنها لا تستثمر الحظ ولا تحوله الى فرصة لاننا بالعادة لا نؤمن بنظرية الاستعداد ونركن على نظرية الفزعة , والفرصة بالعادة وحسب التعريف المنهجي تحتاج الى استعداد وحظ.

الدستور




عدد المشاهدات : (2741)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :