يوم القيامة في حلب!


رم - محمد ابو رمان
هكذا كتب السياسي والناشط السوري، الصديق د. عبدالرحمن الحاج، على صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وهي الصفحة التي تملؤها، كما هي حال كثير من صفحات السوريين، صور الأطفال الذين قضوا في المذابح المروّعة هناك، ومشاهد من القصف العنيف الذي سوّى أغلب أحياء حلب الشرقية بالأرض، ما أدى -وفق التقديرات الدولية- إلى مقتل وإصابة الآلاف، خلال أيام فقط، نسبة كبيرة منهم من الأطفال!
لماذا القصف الروسي العنيف وتعمّد استهداف المدنيين؟ الهدف واضح، وهو تركيع المعارضة وإجبارها على الخضوع، وإيصال رسالة واضحة لهم بأنّ الروس مصرّون على إنهاء حالة حلب مهما كان الثمن، حتى لو أبيدوا جميعاً؛ وأنّه لا أحد في العالم اليوم يقف في وجه بوتين وحلفائه الإيرانيين، ولن يساعد أي طرف إقليمي أو دولي السوريين المحاصرين في حلب الشرقية.
الخيار الوحيد الذي يقدّمه الروس للمقاومة السورية، بعد انهيار المحادثات في أميركا وتبخّر الهدنة العسكرية، هو الاستسلام والخروج لا غير، واستنساخ ما حدث في داريا في حلب، أي تطهير طائفي وهندسة ديمغرافية.
على العموم، الروس محقّون، ورهانات المعارضة سابقاً على وجود حلفاء خاطئة؛ فلا أحد مع السوريين في حلب اليوم، لا أحد على الإطلاق. ولعلّ العامل الحاسم في هذه "المعادلة" ليس الموقف الأميركي المتخاذل أصلاً، بل هو الموقف التركي بعد الانقلاب، ما تحدّثنا عنه سابقاً مراراً. فأردوغان ترك حلب اليوم لتباد، وفضّل الالتفات إلى مصالحه وأمنه الوطني ومواجهة الكابوس الكردي على حدوده الجنوبية، واستبدال المقاربة السابقة بإقامة منطقة آمنة في شمال حلب.
هل جاء ذلك وفق صفقة مع روسيا وإيران، بعدما ساعد الأتراك الحلبيين مؤخراً على كسر الحصار في منطقة الراموسة، قبل أن يعود الروس والإيرانيون وجيش بشار إلى إحكامه مرّة أخرى؟ أظن ذلك؛ فالتغير في الموقف التركي واضح تماماً، ويشي بوجود تفاهمات تركية مع الروس والإيرانيين من جهة، والأميركيين من جهةٍ أخرى، أي استدارة تركية كاملة في سورية.
ماذا عن باقي الأطراف؟ السعودية تراجع دورها بصورة ملحوظة أيضاً، أولاً بسبب التراجع التركي، وثانياً الإرهاق من حرب اليمن، وثالثاً الضغوط الدولية عليها وإلصاق تهمة دعم الإرهاب بها؛ إذ رأينا كيف أن الكونغرس الأميركي يعدّ لمواجهة "فيتو" الرئيس باراك أوباما، فيما يتعلق بحق أميركيين بمقاضاة الحكومة السعودية في مسؤوليتها عن أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001.
الأطراف العربية الأخرى مشلولة تماماً، وهناك من يقف إلى جانب الأسد إما علناً أو سرّاً. أمّا الأميركيون والأوروبيون فبالرغم من انهيار الهدنة وتوقف محادثات السلام راهناً، فإنّهم لن يتدخلوا في دعم المعارضة عسكرياً، بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
بالطبع الرهانات الضعيفة الأخرى تلاشت تماماً، مثل الرئيس الإصلاحي في إيران حسن روحاني، الذي أصبح أكثر تشدداً من قاسم سليماني في الملف السوري.
لماذا نذهب بعيداً؟ أين هي المعارضة في الجنوب السوري في درعا، مهد الثورة، والمحطة القادمة لتصفية حسابات النظام وشركائه الإيرانيين؟ فالفصائل هناك لم تحرّك ساكناً تجاه ما يحدث في حلب، وكأنّها تعيش في دولة أخرى، وبالرغم من تململ بعض فصائل الجبهة الجنوبية، إلاّ أنّ ارتباط المقاومة هناك بالحسابات الإقليمية جعلها مكبّلة اليدين تماماً.
ما لا تدركه المقاومة في درعا أنّ أهوال القيامة المقبلة ستكون في درعا؛ إن لم تكن روسية، فهي إيرانية، وأنّ المثل العربي الشهير ينطبق عليهم تماماً "أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض"، وكل الضمانات والوعود الحالية ستذوب مباشرة!



عدد المشاهدات : (1938)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :