بصراحة .. «فوبيا الإخوان» ومليونيرات عمان


رم -

بسام بدارين

لا يحتاج المراقب لأي قدر من الجهد لاستنباط المشهد المرتبك الذي يسيطر على الإيقاع السياسي في البلاد عشية انتخابات عامة لا أحد يستطيع قراءتها ولا توقع نتائجها التي لا تقف بكل الأحوال عند فرز الصناديق.
وجود مؤسسة برلمان قوية وفاعلة تساعد الحكم والدولة وتساند النظام وتلعب دور الحلقة الوسيطة في الحفاظ على التوازن العام مسألة ملحة وضرورية ليس فقط لأن مؤسسة البرلمان تغيبت عن المشهد العميق طوال السنوات الماضية بسبب العبث بنتائج الانتخابات مرة والحرص على وجود «أصوات» وليس برلمانيين مرة أخرى.
ولكن لأن الظروف مغرقة في الدقة والحساسية ومؤسسة الإدارة البيروقراطية مكشوفة على مختلف أصناف الأزمات وسط سواد لثقافة الإنكار وإستعصاء على صعيد النخب وتكلس في الأدوات ومشاعر سلبية محبطة وغياب الرؤية الموحدة إزاء قانون تطبيقات قانون الانتخاب الجديد.
تعرف شخصية سياسية رفيعة ووازنة من طراز طاهر المصري المقاصد والرسائل والغايات عندما تفسر إحجام الشخصيات الكبيرة عن الترشيح للانتخابات بالإشارة للخوف من «التزوير» تارة والتحول لشهود زور تارة أخرى.
الوتر الذي يضرب عليه المصري وقبله عبد الرؤوف الروابدة عندما استفسر عن الأب الشرعي لقانون الانتخاب واضح ومباشر، فطبقة رجال الدولة تشعر انها خارج الاتصال والسياق ومعزولة ولا يصغي لها أحد وبلا دور وينهشها التشكيك حتى يتم «تخوين»بعضها بتهمة مغادرة المسيرة ونهش الدولة في بعض الأحيان.
اعتاد الأردنيون بمختلف إتجاهاتهم على الاستماع جيدا عندما يتحدث سياسي وطني من حجم المصري.
المفارقة ان الرجل لا يستمع له أحد اليوم في مؤسسة القرار كما لا تجد العشرات من الشخصيات ذات الوزن النوعي عربيا وإقليميا ودوليا آذانا من أي صنف داخل الطبقة التي تتقلد المناصب الرفيعة تتفاعل معها.
حجم التشويش قبل الانتخابات المراهن عليه للنهوض من حالة إحباط عامة ومواجهة تحديات اساسية جذرية كبير جدا وأكبر من ان تستوعبه كل الحملات التي تحرض الناس على المشاركة وتحاول إقناع الرأي العام بجدوى وإنتاجية العملية الانتخابية.
القصر الملكي يريد للأردنيين ان يقفزوا عبر الانتخابات نحو المستقبل بخطوات ثابتة تبررها الجرأة في إسقاط قانون الصوت الواحد وصياغة قانون ينطوي على تحول لا يمكن إنكاره.. لكن مستويات التنفيذ ينتج عنها ويخرج منها ما يغرد خارج النص الملكي وما يوحي بان ممارسة بعض العادات القديمة في التدخل بالانتخابات والحرص على وجود نوعية محددة من النواب قد تطل برأسها مجددا مع الاقتراب من ساعة الحسم المفصلية.
الرافعة التي يمكن ان تقفز فوق الواقع والمشهد لتبرر اي تدخلات وعبث مستقبلا موجودة وهي فوبيا الإخوان المسلمين مجددا.
صديق خبير ومحنك ووطني بإمتياز وضعني للأسف أمام خيارين لا ثالث لهما انحشر بينهما الواقع اليومي الأردني حاليا : تقدم ملموس ومحتمل للاخوان المسلمين عبر الانقضاض على الانتخابات كما لم يحصل من قبل يقابله سيناريوهات التدخل والتزوير بسبب فوبيا الإخوان المسلمين.
يشعر كل من قابلتهم في بلدي من كبار الساسة والخبراء بهذا المأزق المفارقة فإكتساح الإخوان المسلمين لعدد كبير من مقاعد برلمان المستقبل سيعني التشنج مرة اخرى والدخول في صدام تشريعي وسياسي وإحياء سيناريو حل البرلمان والجهات النافذة إذا أرادت ان لا تصل لمثل هذه الخيارات ستلجأ مبكرا للعبث بالانتخابات حتى لا يعبر الإسلاميون بواسطتها للمعادلة السياسية بصورة تضر بتحالفات وتعهدات الأردن خصوصا مع بعض الدول الخليجية الصديقة التي ترتاب بجماعة الإخوان ولا يمكنها الموافقة على مشاركتها بالإدارة والحكم في الأردن عبر مؤسسة البرلمان.
يقال خلف الستارة وبصراحة بان التدخل في نتائج الانتخابات محتمل في اللحظة التي تشعر فيها الجهات الرسمية بان الإخوان المسلمين في طريقهم لتسجيل مفاجآت لا يمكن هضمها من حيث العدد والنوعية، الأمر الذي يعني بالنتيجة تحمل كلفة العبث بالانتخابات والإساءة مجددا لصورة المملكة بالخارج مع الخصم قبل الصديق.
في الماضي كانت الدولة تجلس مع كبار الإخوان المسلمين وتتفاوض معهم على تفاصيل حجمهم البرلماني…في عالم اليوم لا يوجد ولا مسؤول واحد يستطيع الإعلان عن رغبته في مفاوضة الإخوان المسلمين أويتجرأ على مغادرة الصوت الإقصائي في مخاطبتهم بسبب عدم وجود «عقلاء» كثر وفي الطرفين في الواقع.
الخيارات صعبة بمعنى ان الشعب الأردني الطيب بين إنقضاضين… إنقضاض الإخوان المسلمين على الانتخابات والمقاعد وبالتالي المجازفة باحتمالية التزوير والعبث أو انقضاض طبقة بائسة وسقيمة من البرلمانيين الأثرياء على المقاعد البرلمانية بحيث يحرم النظام نفسه من مؤسسة رديفة أساسية ويحرم الشعب الأردني من حقه في التشريع والرقابة.
بتنا نحتاج للمزيد من ضمانات نزاهة الانتخابات في ظل ما نسمعه من إنقضاض محتمل وتفصيلات وتدخلات تتم في العتمة بعضها بل ابرزها هذه المرة لا علاقة له بالدولة نفسها بقدر ما له علاقة بطبقة مرشحين يحملون لقب مليونير مستعدين للانقضاض على مقاعد البرلمان بمالهم وليس ببرامجهم الانتخابية فيما تترك لهم السلطة الحبل على غاربه تحت يافطة الحرية الديمقراطية وعدم وجود شبهات مال سياسي.
شخصيا لا أجد ما يمنع ممارسة التقليد القديم القاضي بتجنيب البلاد أزمة عميقة حيث تتحدث الدولة مع قادة الإخوان المسلمين وتحاول البحث عن طريق ثالث معهم.




عدد المشاهدات : (3573)

تعليقات القراء

المطلع الكركي
استاذ بسام
المال السياسي هو ايضا حصان الاخوان مع الفارق انهم اشتروا بالمال اعوانهم
ومحاسبيهم وادعيائهم ورحم الله الذي اطلق ايديهم خلال نصف قرن غيروا فيه وزارة التربية وفرضوا المناهج السلفية والحجاب والجلباب ، فهم والمليونورية اخوة في شراء الضمائر
هل تعلم ان الاخوان لهم موجودات تقدر بملياري دينار وهم يزوجون الاف الشباب والشابات ويعالجون في مستشفياتهم مئات الالف وكل هؤلاء يسبحون بفضلهم ويبخرون شيوخ الاخوان المرتبطين بحماس واردوغان
0000
استاذ بسام ما حدا احسن من حدا ،وخذ على راسها كما يقول الكركيون
27-07-2016 11:32 PM

أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :