الحياة اقوى من كل الصعاب


رم - وليد سليمان
كما في كل البلدان.. يتواجد بالاردن خليط ثقافي واجتماعي جميل .. يشكل لوحة من التنوعات المتناغمة عاشت وتشاركت معاً في « المواطنة « أي الحب والولاء للوطن.. لافرق بينهم .

وفي هذا البلد الطيب منذ القديم حضر وبدو وفلاحون عرب كانوا أو شراكسة أو أرمن أو حتى بعض الاجانب.. مثل الاردنيين الذين سافروا ورجعوا متزوجين من أجنبيات.

ومن أهم هؤلاء الذين بنوا وأنشأوا مدينة عمان الحديثة منذ حوالي 150 عاماً هم الشراكسة .. عندما أطلق على عمان قديماً في بداية القران الماضي أو قبل ذلك بقليل ان عمان هي قرية شركسية أي في العام 1880 تقريباً .

الزواج لدى الشراكسة

ربما ان الكثير يعرف عن عادة الزواج القديمة لدى الشركس بطريقة الخطف!.. وهي من التقاليد الشعبية والتراث العريق لديهم في بلادهم بمنطقة القفقاس.

وعندما جاءوا مهاجرين الى بلاد العرب والمسلمين حملوا معهم الكثير .

الكاتب والروائي والمفكر محمد أزوقة في قصته (الخطيفة) ضمن مجموعته القصصية بنفس العنوان لم يروِ لنا عن هذه العادة وطريقتها الصعبة التي تحتاج الى حذر وارادة قوية بأسلوب سردي.. أو كمعلومة اجتماعية .. بل ذهب بنا الى سرد قصة عاطفية ,منها الكثير من القصص المشابهة لدى شعوب العالم حيث قصص وحكايات الحب والرومانسية مثل : روميو وجوليت وقيس وليلى وعنتر وعبلة وجميل وبثينة ...الخ.

لقد روى لنا القاص محمد أزوقة بأسلوب مشوق رغم انه أسلوب واقعي فوتوغرافي عن تلك الأحداث والمشاعر الانسانية التي تدور مابين شخصيات القصة من نساء ورجال والساحر وما يتخلله من شرارت الاعجاب والحب المتنامي.

لدى الشراكسة الزواج إذا لم يتم بالطريقة التقليدية هذه , فانه يلزم الشاب بالخضوع لادارة أهل زوجته – على اعتبار انها أعطيت له باردتهم لا بارادته هو .

لذا يكون الخطف نوع من التمرد والثورة على تلك التقاليد .. وكأنها فروسية لأبطال في الحكايات الشعبية والتقاليد العالمية .

هذا وسيكون زواج الشاب في المستقبل له شأن آخر من الحب العظيم والتضحية وتحمل المشاق اذا ما تزوج بطريقة الخطيفة.

وكأني بالشاعر الذي يؤكد:

ومانيل المطالب بالتمني

ولكن تُؤخذ الدنيا غِلابا

وفي هذه المجموعة القصيصية قصة أخرى تستعرض أسلوب الزواج بالخطيفة وهي قصته (في البحر الأسود) حيث إتمام الزواج بأسلوب الخطيفة على ظهر سفينة مهاجرين شركس من بلادهم إلى أرض الله الواسعة .. تحت ظروف جغرافية واجتماعية صعبة وقاسية .. لكن الحب والأمل والتفاؤل يكون أقوى من كل الصعاب ..إنها قصة أخرى رائعة.

ويشار إلى أن هناك الكثير القصص.. حيث التشويق او المفارقة السلسة فيها..أغلبها حكايات حقيقية ولم يدخل عليها التعديلات من الفن والاضافة والتخيل .

والملفت تطرقها لبعض الاماكن في عمان من خلال قصصه مثل : سوق البخارية،المسجد الحسيني , محطة القطار، رأس العين، عبدون، الشميساني، جبل الطهطور ( جبل الحسين) ،مرج الحمام، وادي صقرة، العبدلي. بالاضافة إلى ورود اسماء ادوات مستخدمة تدون تاريخهم مثل ( آلة الربابة) و (خبز الطابون) في بعض القصص وتكرار اسم ( اسماعيل) في كثير من القصص.

أخيراً.. لتواجد صور ولوحات الفنانين التشكليين الأردنيين شراكسة في بعض صفحات المجموعة القصصية هذه مثل لوحات الفنان فاروق لمنبر ومكرم حغدوقة وفايدة ما توخ اثراً كبيراً. . كلوحات تعبيرية أضفت جمالية وسحر محبب لدى قراءة القصص ومحبي التاريخ.



عدد المشاهدات : (3757)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :