معركة الرطبة .. التفاؤل الحذر


رم - فهد الخيطان


ينتظر الأردن نتائج المعركة ضد "داعش" في الرطبة. ليس هذا فقط؛ إنما يُظهر الاستعداد الكامل لتقديم ما يلزم من عون لإنجاز المهمة بأسرع ما يمكن.
تنظيف الرطبة من الإرهابيين هو المفتاح لبوابة معبر طريبيل الحدودي مع العراق، وما يعنيه ذلك لحركة التجارة بين البلدين، التي ينتظر القطاعان الصناعي والتجاري استئنافها بفارغ الصبر.
وهنا تلتقي المصلحة الوطنية الأردنية مع مصلحة التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب الذي انخرط الأردن فيه مبكرا، لاحتواء خطر الجماعات الإرهابية في سورية والعراق، وصولا إلى القضاء التام عليها.
ومن هذا المنطلق يعمل الأردن مع الشركاء العراقيين والأميركيين على تنسيق العمليات العسكرية قرب حدوده، وتبادل المعلومات الاستخبارية، بما يساهم في تحقيق أهداف العملية الجارية لتحرير محافظة الأنبار كاملة من مسلحي "داعش".
لا تتوفر أي دلائل على دور عسكري مباشر في العمليات؛ فالجيش العراقي ومقاتلو العشائر يتولون إدارة العمليات في الميدان، مدعومين بالغطاء الجوي الأميركي. لكن الأردن، وبحكم الجوار والصلات الوثيقة مع التجمعات العشائرية في غرب العراق، وخبراته الاستخبارية في الميدان، قادر على لعب دور مؤثر في سير العمليات العسكرية، طالما امتدحه الجانب العراقي الرسمي.
كان الأردن حريصا، منذ بدء عمليات التحالف ضد "داعش" في العراق، على منح مناطق غرب العراق، ومدينة الرطبة على وجه التحديد، أولوية على سواها من المناطق الواقعة تحت سيطرة التنظيم الإرهابي، لاعتبارين أساسيين: الأول، تأمين الطريق الدولي بين البلدين، لاستئناف حركة النقل بعد توقف طويل أضر باقتصاد الجانبين. والثاني، الحرص على عدم تنفيذ عمليات واسعة في مناطق أخرى؛ شمالا، تدفع بمسلحي "داعش" إلى الهروب غربا صوب المناطق القريبة من الحدود الأردنية، ما يؤدي إلى تفاقم خطر الجماعات الإرهابية على الأمن الوطني الأردني، في وقت يخوض فيه الأردن معركة الحدود الآمنة مع سورية.
من المتوقع أن تتمكن القوات العراقية، مدعومة بالحشد العشائري والقصف الجوي الأميركي، من استعادة السيطرة على مدينة الرطبة. لكن استئناف حركة النقل يتطلب عمليات موازية في مناطق أخرى على طول الطريق. وحتى الآن، لم تعط السلطات العراقية موعدا لانتهاء العمليات العسكرية، أو فتح معبر طريبيل مجددا.
كما أن الانتكاسات في حالة العراق غير مستبعدة أبدا، مثلما تدل التجارب السابقة. تحرير الرطبة من سيطرة "داعش"، لا يعني أن عودة المسلحين إليها مستبعدة في المستقبل.
العراق يتأرجح على جميع المستويات، ويعاني من أزمة سياسية تؤثر، بشكل واضح، على الأوضاع الأمنية. وقد استغل "داعش" حالة الارتباك الحاصلة، لتنفيذ عمليات إرهابية في عمق المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. وفي حالات سابقة، تمكن التنظيم من استعادة السيطرة على مناطق خسرها من قبل، وفي الأنبار تحديدا.
ولذلك، يتعين على المسؤولين الأردنيين الحذر إزاء التطورات الأخيرة على الحدود، وعدم رفع سقف التوقعات، والاستعداد لتطبيق الخطة "ب" في حال إغلاق الحدود في المستقبل.
الجميع يأمل أن تكون معركة الرطبة هي آخر المعارك على حدودنا مع العراق. لكن التجارب المريرة علمتنا أن لا نركن للأمنيات، ونستعد دائما للأسوأ.



عدد المشاهدات : (8076)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :