الغرايبة: حزب "زمزم" ليس ذراعا سياسيا لأحد


رم - قال المنسق العام للمبادرة الأردنية للبناء "زمزم" الدكتور رحيل الغرايبة إن التوجه لترخيص المبادرة كحزب سياسي يأتي لـ"استيعاب المرحلة الانتقالية السياسية التي تمر بها المنطقة والأردن، وإحداث توافق سياسي تشاركي على الأرض بعيدا عن أي امتداد أيديولوجي أو ديني"، مؤكداً "أن الحزب المرتقب ليس ذراعا سياسية لجمعية جماعة الإخوان المسلمين المرخصة، ولا غيرها".
وبين، في لقاء خاص مع "الغد"، أن المبادرة عقدت نحو 52 اجتماعا تشاوريا مع مختلف الأطياف السياسية خلال الأشهر الماضية لبحث حيثيات الإطار السياسي الجديد، معتبرا أن المرحلة السياسية الحالية والمقبلة "هي ليست مرحلة الإسلام السياسي ولا الأطر الايديولوجية أو القومية أو اليسارية، بل الأطر الوطنية المدنية".
كما اعتبر الغرايبة أن عمل جمعية الإخوان المرخصة "يجب أن يقتصر على الجانب الدعوي دون السياسي، وأن أي مشاركة في العملية السياسية لها لا بد أن تكون فردية، ومن خلال الأحزاب القائمة التي يمكن أن تدعم توجهاتها دون تدخل من الجمعية".
وعن مبادرة "الشراكة والإنقاذ" التي أعلنت عنها مجموعة من قيادات الحركة الإسلامية مؤخرا، قال الغرايبة إنها تختلف في طرحها عن "زمزم"، حيث تبنت الأولى دعوة "إنقاذ جماعة الإخوان المسلمين"، بخلاف الثانية التي أعلنت عن نفسها إطاراً وطنياً عاماً تخص الشعب الأردني كله اليوم خارج إطار الجماعة وحزب جبهة العمل الإسلامي و"غادرت مربع الاشتباك معهما".

وفيما يلي نص المقابلة:

* لماذا أعلنت "زمزم" توجهها الآن لترخيصها كحزب سياسي؟ وإلى أين وصلت المشاورات حول ذلك؟
- عندما خرجنا بالمبادرة خرجنا بمجموعة من الأفكار المناسبة للمرحلة، والنقطة الجوهرية هي التأسيس لعبور المرحلة الانتقالية السياسية التي تمر بها المنطقة والأردن. أعتقد أن التعامل مع مقتضياتها يختلف عن المرحلة المستقرة والمقصود بها هنا هو الانتقال نحو الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة على مستوى العالم العربي، وهذا لا يأتي فجأة ولا بالانتقال السريع.
إذ يجب تكثيف البحث من الأطراف السياسية مجتمعة على الصيغة التوافقية التشاركية بحيث تكون كل القوى المؤثرة في المشهد السياسي شريكا بهذا الانتقال، وأن يعبر المجتمع عنق الزجاجة عبورا جماعيا، بمعنى أنه لا تستطيع أي قوى منفردة حتى لو امتلكت الشرعية أو جاءت عبر صناديق الاقتراع أن تستفرد بالمشهد السياسي في هذه المرحلة.
وهذا الفهم الذي ارتكزنا عليه، وفي العالم العربي اليوم لم يحدث هذا التوافق، في تونس التي اقتربت من التوافق تبدو أقرب للنجاة من الأقطار الأخرى، كما أننا توقعنا أن فشل الشعوب في تحقيق مرادها في الربيع العربي سيفتح الباب على مصراعيه للتطرف والعنف.
ولذلك قلنا دائما إن ظاهرة التطرف والعنف تجد البيئة المناسبة في حالة الفوضى وبغياب الدولة المركزية، ونلاحظ أن ظهور العنف بأقطار عربية كان سببه ضعف الأنظمة المركزية فيها. فدعونا إلى أن يكون هناك موقف اتجاه جمهرة الشباب حتى لا تنزلق نحو العنف.
أضف إلى ذلك أن الأردن يعيش حالة استقرار نسبي، لكنه يحتاج إلى المحافظة على هذا الاستقرار والبناء عليه للأمام وأن لا نعود بالأوضاع إلى الفوضى، ولا أن ننزلق بالأردن إلى ما انزلقت إليه الأقطار المجاورة، هذه هي النقاط الرئيسة التي تحدد النظرة العامة للمرحلة التي نتعامل معها ومستقبلا، كمرحلة انتقالية.
خلال الأشهر القليلة الماضية أجرينا اتصالات ومحاورات كثيفة مع كل الأطراف بلا استثناء، وحتى الآن عقدنا نحو 52 جولة حوار مع مختلف الاطياف السياسية على الصعيد الشعبي والنقابي والحزبي والرسمي.
ونحاول أن نجد صيغة توافقية مشتركة بغض النظر عن الشركاء فيها، والتوافق يعني البحث عن نقاط التقاطع وتعظيم مساحات التوافق وتقليل مساحات التناقض، لأن التخندق والتركيز على نقاط الاختلاف هو الذي يؤدي إلى حمل السلاح والمواجهة العنيفة.
رأينا أن هذه الأفكار لا بد أن يكون لها أداة سياسية، ولا يكفي النشاط المجتمعي عبر إطار المبادرة الذي طرحناه، لأن هذا الفكر يحتاج إلى تواصل على الأرض مع الاطراف السياسية ضمن واجهة سياسية، ورأينا أن الحزب حقيقة لا بد من التوجه نحوه حتى يحمل هذه الأفكار ويسير بها. الحزب الذي نريده نريد أن نقفز به على كل التجارب والأفكار التقليدية السابقة.

* لكن هناك أطر وليدة ظهرت كامتداد للحركة الإسلامية في وقت هناك تخوف من فكرة الإسلام السياسي اليوم؟
- برأيي الشخصي أننا نريد أن نتجاوز مرحلة "الإسلام السياسي"، إن الإسلام السياسي أخطأ فرصته الأخيرة في الربيع العربي، نريد أن نتجاوز فكرة الامتداد للأطر التقليدية السابقة في الأردن الذي عاش حالة حزبية مختلفة ومعظم الأحزاب هي امتداد لأحزاب سياسية خارج الحدود أو لأفكار عابرة، ولذلك كانت جزءا من أو تابع لفكرة أخرى.
وأرى أن هذه الفكرة يجب التغلب عليها في الأردن، نحن نريد حزبا وطنيا أردنيا، والمقصود بالوطني الأردني الذي لا يمثل شريحة معينة، بل تمثل كل من يعتبر نفسه جزءا من هذ الشعب بغض النظر عن الأصول والمنابت.
لذلك فإن كلمة مشروع وطني لا تخص مكونا أو فئة بعينها، وليس لها علاقة بأصل مسقط رأس الجد، كل من يؤمن بهذه الدولة وكل من يريد الانخراط في مشروع يجعل هذه الدولة قوية وتحقق طموحات شعبها هو جزء من هذا المشروع حتما.
وبالنسبة لفكرة "الإسلام السياسي" فهي واضحة، نحن مع فكرة الدولة المدنية بكل وضوح وبدون رتوش وقولا واحدا، فالحزب يجب أن يكون مدنيا. لست مع قيام حزب ديني ولا حزب له أي سمة تجعله في خانة المربع الايدولوجي، لأن الأحزاب وظيفتها إدارة الدولة، وإذا كانت كذلك يجب أن ترتكز على البرامج لا الشعارات، والميل أكثر نحو امتلاك القدرة على حل مشاكل المجتمع وإيجاد الكفاءات والتخصصات القادرة على إدارة الشأن المجتمعي بكفاءة.
من خلال هذه الفكرة يجب أن يتم تقليل تركيز الأحزاب على التبشير بالإسلام أو القومية أو اليسارية، لأن الإسلام يشكل تراث الأمة وإطارها الحضاري الواسع، بمعنى أن هذا الإطار الحضاري ليس ملكا لفئة ولا لحزب ولا لجماعة، والمسيحيون هم جزء من هذا الاطار الحضاري.
لذا فإن طرح الإسلام بهذه الفكرة بعيدا عن طرحه بشكل حزبي يخص فئة من فئات الأمة في مواجهة فئة أخرى، يلحق الضرر بالإسلام وبمستقبل الدولة ويثير التعصب، فالإسلام عامل من عوامل القوة يجب أن لا يستخدم كخط مواجهة لأي مكون من مكونات الدولة.

* ما هي طبيعة الشراكة بينكم في المبادرة وبين جمعية الإخوان المرخصة، فالبعض أشار إلى أن "زمزم الحزب" سيكون بمثابة الذراع السياسية لها؟
- "زمزم" انطلقت قبل جمعية الإخوان بثلاثة أعوام، وفكرتها هي إطار وطني واسع للإسلاميين وغير الإسلاميين، لذلك هي لم تكن خطوة تكتيكية بل فكرة حقيقية، نحن نريد شركاء في هذه الفكرة من كل أشكال الطيف الأردني ووجدنا شركاء، لدينا إخوة من المسيحيين ومعنا من لديهم ميول وأفكار حزبية قومية وبعثية ويسارية ممن اقتنعوا معنا وهم على استعداد لتشكيل شراكة حقيقية.
لذلك من يقول أن هناك شراكة مع "الإخوان" يتحدث عن تجربة سابقة هربنا منها أصلا، يعني نحن في الفترة السابقة عندما كنا بحزب جبهة العمل الإسلامي، كنت مع فئة تناضل أن يكون "العمل الإسلامي" حزبا جبهويا مستقلا، ليس خاضعا لجماعة الإخوان المسلمين أو ذراعا لها، لكن هذا لم يتحقق.
ليس من المعقول تكرار ذات التجربة ونحن هاربون منها. هذا الحزب، ليس ذراعا سياسية لجمعية الإخوان ولا لغيرها. فهو حزب وطني واسع وليس هناك إملاءات، ووضعنا هذه الفكرة أمام القائمين على الجمعية وقلنا لهم لا بد أن تبقى الجمعية إطارا فكريا دعويا عاماً لكل الأردنيين، وأن تترك الأمور السياسية للأحزاب، ولا يجوز أن يكون لديها وصاية على أحد، فهذا خطأ دستوري وقانوني.
أعتقد أن جزءا كبيرا من القائمين على الجمعية مقتنعون بالفكرة، بأن تبقى مظلة فكرية دعوية تخدم الإسلام وفكره بشكل عام، توحد الأمة وتدعم كل الشخصيات النظيفة العاملة في حقل الدولة بهذا المستوى.

* لكن أعضاء في الجمعية تبنوا مفهوم الشراكة معكم في "زمزم" وهناك أعضاء مشتركون؟
- نحن لا نغلق الباب على أي طرف، ومن يعبر في الجمعية عن فكرة الشراكة بيننا يخونه التعبير حول طبيعة هذا التنسيق.
نحن قلناها بالعربي الفصيح لهم ولغيرهم وللإعلام، لن نتراجع عن هذه المسألة كل منهما جهد منفصل، و"زمزم" ليست تحت وصاية أحد، قد تكون "زمزم" معبرة عن آمالاهم لكن لا وصاية ولا تبعية.
لذلك الآن إذا أنشأنا حزبا، لن يكون من هم في قيادة الحزب بقيادة الجمعية حتى لا يحدث الخلط. من يريد أن يتفرغ للشأن الدعوي فله ذلك في الجمعية، وهناك من يرغب أن يعمل في المجال السياسي فهناك "زمزم"، أما التنسيق فهو موجود وهو قائم مع كل الأطراف الأخرى، ومع الأحزاب السياسية والجهات الرسمية.

* هل هذا تحضير صريح للمشاركة في الانتخابات العامة المقبلة؟
- الانتخابات النيابية حتى الآن في الأردن ليست بحاجة إلى حزب سياسي، لكن الأحزاب تسعى في أي محطة سياسية أن يكون لها حضور خاصة بالانتخابات، سنحرص أن يكون لنا حضور بالقدر الذي نستطيعه، والحضور ليس متوقفا على تأسيس الحزب أو عدم استكماله، لأن القوائم المقترحة في مشروع قانون الانتخاب الحالي، لا تشترط القوائم الحزبية.

* وما هو الموقف من مشروع قانون الانتخاب الجديد؟
- قانون الانتخابات الحالي حتى الآن، هو خطوة على طريق طويل نحو إنتاج قانون انتخاب قادر على تمثيل الشعب الاردني تمثيلا صحيحا، لكن برأيي أن المشروع بشكله الحالي لن يكون قادرا على إيجاد صيغة حزبية، ولا على إنضاج فكرة الحكومة البرلمانية، لأن القوائم المقترحة هي قوائم صغيرة نسبية ومفرقة على مستوى المحافظات، والعمل فيها ضمن قائمة حزبية واحدة على مستوى الوطن سيكون في غاية الصعوبة.
أعتقد أن الفكرة الأولى في القانون السابق، فكرة القوائم الوطنية، لو تم تطويرها فهي أقرب إلى فكرة الحكومة البرلمانية خاصة أن المقاعد المخصصة للمحافظات تضم غالبا 4 أو 5 مقاعد، وهناك نحو 27 دائرة لا تتجاوز هذا العدد باستثناء دائرتين هما الكرك والبلقاء، وتصل فيها المقاعد إلى 9 أو 10.
فعندما تكون القائمة نسبية، بأربع أو خمس مقاعد يعني أن القائمة في كل محافظة ستنال مقعدا واحدا، والتنافس على مقعد واحد هي صيغة قريبة إلى صيغة الصوت الواحد.
من خلال تجربتي في الحركة الإسلامية هذا القانون يقلل أصوات القائمة الواحدة، لكن لا يعني مقاطعة الانتخابات، لأن النضال نحو تطوير الحياة السياسية يفرض على القوى السياسية أن تكون موجودة في الحياة السياسية، والمقاطعة تأثيرها أقل في الحضور السياسي.

* ما رأيك بمبادرة "الشراكة والإنقاذ" التي ولدت أيضا بسبب خلافات داخل الحركة الإسلامية، هل تعدد الأطر على هذا النحو حالة صحية وهل بينكم تنسيق؟
- هناك عدة أسباب لتشرذم الحركة الإسلامية، القيادة التي تتولى إدارة جسم جماعة الإخوان لم تكن بذلك الأفق الواسع للحفاظ على إطار الجماعة الواحد، وافتقدت إلى الرؤيا التي تجعلها قادرة على التعامل مع المرحلة الحالية والمستقبل، هم حكموا على أنفسهم وعلى الجهد الذي عمره سنوات طويلة بأن يتبعثر.
أي أسلوب من أساليب الحركة الإسلامية يجب أن يبقى ناميا ومتطورا، وإذا لم يستطع قراءة المرحلة والظروف الجديدة هو الذي يحكم على نفسه بالاندثار.
ما أطرحه ما يلي، الحل ليس بالإسلام السياسي ولا بالأطر الايديولوجية، بل الحل بالتقدم نحو إطار وطني واسع، وهو ما طرحناه سابقا، بالقفز فوق كل الأفكار التقليدية السابقة التي عمرها نصف قرن.
الحزب الذي يريد أن يثبت وجوده يجب ان يكون قادرا على إيجاد برنامج سياسي قادر على إدارة الدولة التي ينتمي إليها وينافس في هذا المجال ويجب أن تكون مرجعيته وطنية وليست مرجعية من خارج الحدود قطعا وقولا واحدا.

* وهذا ينسحب على جمعية الإخوان المرخصة؟
- نعم أن تكون جمعية مرخصة لا يكون عملها كحزب سياسي، بل أن تبقى في إطار المظلة الفكرية والدعوية التي تعبر عن ضمير الشعب الأردني وتنمي القيم وتسهم في وحدة الشعب الاردني وزيادة التسامح بين أفراده.
أما المشاركة السياسية فيجب أن تكون بشكل فردي من خلال الأحزاب التي يرونها أقرب لهم، وأفرادهم لا يخضعون إلى إدارة الجمعية في هذا الموضوع.
أما مبادرة الشراكة والإنقاذ، ففكرتهم قائمة على إنقاذ جماعة الإخوان المسلمين وهذا بالنسبة لنا الآن لسنا معنيين به. نحن خارج إطار الجماعة وخارج إطار الحزب تماما، وإذا أردنا طرح فكرة الانقاذ فهي للوطن. غادرنا مربع الخلاف مع الجماعة وأغلقنا الصفحة معهم، نتمنى من الذين يريدون إنقاذ الجماعة ان يفلحوا في ذلك الآن أو بالمستقبل.
هناك رسائل تمرر لنا من تيار "الشراكة والإنقاذ" تدعونا للتمهل بإنشاء حزب زمزم، نحن نقول لهم إن الفكرة لم تعد ملكا لنا بل هي فكرة الشعب الاردني والوقت لا يسعفنا بالمزيد من الانتظار.
والإطار الذي نريد ان نشكله لا يهم من سيقوده، المهم أن يكون أقرب إلى النجاح، لا يمكن أن نغلق الباب أمام التنسيق مع "الشراكة والانقاذ"، وكذلك الحال مع المجتمع الأردني. نريد أن يقدروا أن خطوتنا في الاتجاه الصحيح وفكرتنا الجديدة ليست امتدادا للطيف الإسلامي ولا للبعثيين ولا القوميين واليساريين ولا نضع شروطا أيدولوجية لمن ينخرط معنا في هذا الإطار.
الخلاص لا يكون إلا بالخروج من إطار تشكيل أحزاب دينية ومذهبية وقومية وعرقية، بعيدة عن تصنيفات المعارضة والموالاة، بل تكون أكثر صوابا ونظافة وقدرة على محاربة الفساد.



عدد المشاهدات : (2704)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :