68 طفلا استفادوا من برنامج الأسر الراعية البديلة


رم - بعد قضائه عاما ونصف العام، في إحدى دور الرعاية الاجتماعية، حظي الطفل زياد (اسم مستعار) أخيرا بفرصة العيش في إطار أسرة طبيعية، ليكون بذلك واحدا من 68 طفلا استفادوا من برنامج الأسر الراعية البديلة، الذي تنفذه وزارة التنمية الاجتماعية.
لم يعرف "زياد" منذ ولادته سوى دار الرعاية، إذ إنه، ونتيجة لظروف قانونية معقدة، كان لم شمله مع أسرته البيولوجية أمرا مستحيلا، خصوصا بعد أن وصلت قضيته بأروقة المحاكم الشرعية إلى نهاية مسدودة، فقررت الأم التنازل عن حضانة ابنها لترعاه أسرة أخرى.
وقبل أعوام، كانت فرص الحصول على رعاية أسرية للأطفال المشابهين لزياد، شبه مستحيلة، فرغم أن وزارة التنمية تطبق برنامج الاحتضان (وهو البديل الإسلامي للتبني) منذ ستينيات القرن الماضي، والذي يوفر رعاية أسرية دائمة للأطفال مجهولي الأب والأم، لكن البرنامج لا ينطبق في شروطه سوى على فئة قليلة جدا من هؤلاء الأطفال المحرومين من السند الأسري.
أما برنامج الأسر الراعية البديلة، الذي أطلقته الوزارة العام 2011، فيتيح الفرصة للأطفال الذين لا تنطبق عليهم شروط الاحتضان، الحصول على أسرة بديلة، حيث يوفر رعاية أسرية قد تكون دائمة أو مؤقتة لهم، حسب حالة وخصوصية كل منهم، فيما بلغ إجمالي الذين استفادوا منه حتى نهاية العام الماضي 68 طفلا.
ويشكل البرنامج أيضا بارقة أمل ليس للأطفال فقط، إنما لعائلات ترغب برعاية أطفال داخل الأسرة، ممن لا تنطبق عليهم شروط الأسر الحاضنة، أو ممن عانوا من الانتظار على قائمة الأسر الراغبة بالاحتضان.
وفي هذا الصدد، تقول سوزان (اسم مستعار): "بعد 7 أعوام من الزواج، باتت فرصتي بإنجاب طفل معدومة، فتقدمت وزوجي لبرنامج الاحتضان، فوجئنا بوجود عدد كبير من العائلات على القائمة، ما يعني أني سأضطر للانتظار مدة قد تصل إلى ثلاثة او أربعة أعوام".
وتتابع "علمت من معارف لي عن برنامج شبيه بالاحتضان يسمى الأسر الراعية البديلة، ورغم الاختلاف بالشروط وإعلامنا بإمكانية أن يعود الطفل لأسرته البيولوجية، لكنني اتخذت قراري بالاندماج بالبرنامج".
وتضيف: "انطبقت علينا كافة الشروط، ومنذ اللحظة الأولى للقائي بابني "زياد" في دار الرعاية، شعرت برابط عاطفي تجاهه، صحيح أنني لم أنجبه من رحمي، لكني تعهدت أمام الله بأن أهبه الحياة الأفضل التي يستحقها".
حياة عائلة سوزان، كما تقول، تغيرت كثيرا بعد أن انضم زياد لها، "هناك روح في البيت وحياة، ونأمل أن تكبر عائلتنا مستقبلا، فنحن مسجلون بقوائم الاحتضان، ويوما ما سينضم طفل آخر لعائلتنا".
ولا تستبعد سوزان إمكانية أن يعود طفلها زياد إلى عائلته البيولوجية، لكنها تقول "هذا الاحتمال وارد، لكنه ضئيل جدا، نتيجة للوضع المعقد لعائلته البيولوجية، ولا أستطيع الآن تحمل فكرة أن ينفصل ابني عني، ولا أحب التفكير بالموضوع، لكني في النهاية مسؤولة أخلاقيا لضمان ما هو أفضل له ولمستقبله".
وكانت وزارة التنمية أطلقت مشروع الأسر الراعية البديلة، كبديل للرعاية المؤسسية، بالتعاون مع مركز دراسات جامعة كولومبيا الشرق أوسطي للأبحاث في عمان، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
وبلغ إجمالي الأطفال الذين استفادوا من البرنامج 68 طفلا، فيما بلغ عدد الأطفال الذي استفادوا من برنامج الاحتضان أكثر من 1193 طفلا، منذ العام 1967 ولغاية نهاية العام الماضي.
ويعزز الإقبال الكبير من الأسر على احتضان الأطفال فاقدي السند الأسري، فتوى صادرة عن دائرة الإفتاء، تقول إن "الإحسان إليهم واجب على المجتمع، والذين يقومون بحضانتهم يقومون بفرض كفاية عن المسلمين، يثابون عليه ثواب كفالة اليتيم".
إقبال كبير وزيادة في أعداد المنتفعين
في السياق، يقول مدير الأسرة والطفولة في الوزارة محمود الجبور: "ثمة إقبال كبير على برنامج الاحتضان، وهو البرنامج الأقدم، إذ يبلغ عدد العائلات على قائمة الانتظار نحو 200 عائلة، أما الأطفال الذين تنطبق عليهم شروط الاحتضان فمحدودة جدا، وتتعلق بفئة الأطفال مجهولي الأب والأم، مقابل ذلك فإن العدد الأكبر من الأطفال في دور الرعاية هم من فئة معروفي الأمهات، والذين لا يطبق عليهم الاحتضان".
ويتابع "برنامج الأسر الراعية البديلة يعالج هذه المسألة، والوزارة تسعى إلى إعادة الطفل ودمجه بأسرته البيولوجية، لكن في حال تعذر ذلك، يتم إدماجه بالبرنامج مع بقاء احتمال عودته لعائلته لاحقا".
ويشير إلى التمكن حتى الآن من دمج 68 طفلا بأسر راعية بديلة، فيما تسعى الوزارة للوصول إلى 250 طفلا مع منتصف العام الحالي، حيث يعمل البرنامج الآن بمحافظات عمان، والزرقاء وإربد، ويتجه للتوسع قريبا في مأدبا وباقي المحافظات.
يقول الجبور: "التوجه أن تكون الرعاية أسرية وليست مؤسسية، والأخيرة خيار أخير"، لافتا إلى الزيادة الملحوظة في أعداد الأطفال المستفيدين من برامج الأسر البديلة، بشقيه الاحتضان والرعاية البديلة.
وتظهر أرقام مديرية الأسرة والطفولة أن "نحو 57 % من الأطفال الداخلين لدور الرعاية غير المثبت نسبهم عند الولادة، حظوا برعاية أسرية بديلة خلال الفترة من 2010 إلى 2015، مقابل ما نسبته 44% فقط من ذات الفئة للفترة من 2000 إلى 2009".
ووفقا لأرقام، حصلت عليها "الغد" للفترة من 2000 إلى 2015، دخل إلى دور الرعاية 1307 أطفال غير مثبتي النسب عند الولادة، منهم 653 دمجوا بأسر، سواء عبر الاحتضان أو الأسر الراعية البديلة.
وبلغ عدد الأطفال الداخلين لدور الرعاية غير المثبت نسبهم 552 طفلا، عاد منهم 35 إلى أسرهم البيولوجية بعد تصويب وضعهم القانوني، فيما تم دمج 314 منهم بأسر، منهم 68 دمجوا ببرامج الأسر الراعية البديلة، و246 في برنامج الاحتضان.
وتعكس هذه الأرقام تطورا ملحوظا في تبني الوزارة لبرنامج الرعاية الأسرية كبديل أساسي للرعاية المؤسسية، بحسب الجبور، خصوصا إذا قورنت بأرقام الفترة بين 2000 و2009، إذ تشير إلى دخول نحو 755 طفلا غير مثبتي النسب عند الولادة إلى دور الرعاية، وتم تحضين 339 منهم.
يشار إلى أن نسبة من الأطفال بدور الرعاية بتلك الفترة تم تصويب وضعهم، وعادوا لعائلاتهم البيولوجية.
كما تشير أرقام الوزارة للعام 2015، إلى جود 825 طفلا حاليا في دور الرعاية، يشكل معروفو الأم ومجهولو الأب النسبة الأكبر منهم، بواقع 314 طفلا، يليهم الأطفال ضحايا التفكك الأسري (305 أطفال)، فالأيتام (169)، فمجهولو الأب والأم (37)، فيما يتوزع هؤلاء الاطفال على 28 دار رعاية حكومية وتابعة للجمعيات الخيرية.
ويبقى حق الطفل بالرعاية الأسرية حقا أساسيا وأصيلا للطفل، إذ تنص المادة 20 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، على أنه يجب على الدول الأطراف تأمين حماية ومساعدة خاصتين لطفل محروم بصفة مؤقتة أو دائمة من بيئته العائلية، وفي هذه الحالة، ينبغي التأكد من توفير رعاية عائلية أو مؤسساتية بديلة له، مع الأخذ بعين الاعتبار الخلفية الثقافية للطفل.
معيقات ومطالبات بتشريعات تحمي الأطفال
رغم ارتفاع نسب الأطفال الملتحقين بالأسر البديلة، فإن عائلات محتضنة ترى أن معوقات قانونية وإجرائية يجب التعامل معها لضمان مستقبل أفضل للأطفال وأسرهم البديلة على حد سواء.
يقول (حكيم)، وهو اسم مستعار لرجل احتضن وزوجته طفلا مؤخرا: "الاحتضان أفضل ما حصل لنا، لكن يوجد الكثير من الأمور التي يجب مراجعتها، بما يصب بمصلحة الطفل".
ويوضح "المطلب الأهم للأسر، إيجاد جهة استشارية تقدم الخدمات النفسية والاجتماعية للعائلات الحاضنة، لكن للأسف هذا الجانب يعتمد بشكل كبير على العائلة نفسها، ورغم وجود دليل احتضان، لكنه غير كاف لمساعدة الأسر بالتعامل مع التحديات التي قد يتعرضون لها، كمسالة إخبار الطفل بحقيقة أنه محتضن، والتمهيد لذلك".
ويلفت ايضا إلى أن التعامل مع أسئلة الفضوليين، أو الانتقادات السلبية التي قد تخرج من البيئة المحيطة، تواجه الأسر أحيانا، "كما لا يوجد أي دعم قانوني لجهة تعريف العائلات بكيفية تأمين أطفالهم بحياة كريمة، في حال حصلت حالة وفاة لأحد الوالدين".
ويشير إلى خيبة الأمل التي شعر بها جراء التعامل مع باحثين اجتماعيين، إذ يقول: "تبدو الأسئلة غريبة وغير جوهرية، وتعتمد على قناعات وخلفية الباحث، وليس على أسس علمية".
ويضيف: "يبلغ موظف الوزارة العائلة الحاضنة بضرورة إخبار الطفل بأنه محتضن قبل سن السادسة، لكن هذا الطلب لا يقابله تقديم نصائح حول الآلية الأنسب بطريقة مدروسة نفسيا تناسب عمره، أو كيف أوفر إجابات لأسئلة طفلي المحتملة".
ويرى أن المطلوب إعطاء العائلات المحتضنة دورات تثقيفية قبل الاحتضان أو خلال الفترة الأولى.
ويقول: "تمتد الصعوبات إلى النواحي القانونية، فبعد أن تسلمت قرار الاحتضان من المحكمة، توجهت إلى مكان عملي لطلب إضافة طفلي المحتضن إلى برنامج التأمين الصحي الخاص لأسرتي، لكن شركة التأمين رفضت تأمينه، بحجة أن لا علاقة دم بيني وبين الطفل، ولم تعترف بقرار الاحتضان الصادر عن محكمة الأحداث".
كما لا يستطيع حكيم فتح حساب بنكي لابنه المحتضن، ولا يستطيع الطفل الاستفادة من الضمان الاجتماعي الخاص بوالده المحتضن بعد الوفاة.
أما الإشكالية الأخرى، بحسب حكيم، فتكمن "بالرسوم الباهظة التي يتوجب دفعها لتسجيل الممتلكات باسم الطفل، حيث يتعامل القانون مع الملكية العقارية في هذه الحالات بأنه عقد بيع وشراء، ما يلزمني بدفع نسبة 9 % من قيمة العقار كرسوم، فيما تبلغ قيمة الرسوم للهبة بين الأقارب من الدرجة الأولى 16 بالألف فقط".
كما يلفت إلى إشكالية قانونية أخرى، "في حال حدوث أي مكروه للطفل المحتضن، فإن الملكية التي تنازلت عنها العائلة المحتضنة ستعود حتما إلى الدولة، وليس للعائلة، كون القانون لا يورث العائلة المحتضنة من طفلها المحتضن".
من ناحيتها، تقول أستاذة القانون في جامعة عمان العربية، والخبيرة القانونية في الاحتضان، د.حنان الظاهر: "من واقع الحال تبدو فكرة التنازل عن الملكية ليست محبذة، نظرا للاحتمالات المختلفة لتطور العلاقة بين الطفل المحتضن وأسرته"، لافتة إلى وجود بديل شرعي لا تترتب عليه أي تكلفة مالية أو رسوم، وهي الوصية بحيث تستطيع الأسرة الحاضنة وضع وصية بقيمة ثلث التركة للابن المحتضن، وبالتالي ضمان حياة كريمة له بعد الوفاة".
ويبيح قانون الأحوال الشخصية ترك وصية لغير الوارث، شريطة أن لا تتجاوز ثلث التركة، وبحسب المادة 274 من قانون الأحوال الشخصية: "تصح الوصية مع اختلاف الدين أو الجنسية، وتنفذ الوصية في حدود ثلث التركة لغير الوارث، أما ما زاد عن ذلك فلا تنفذ فيه الوصية إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي، ولا تنفذ الوصية للوارث إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي".
وتطالب الظاهر بإجراء تعديلات على عدد من التشريعات لضمان حماية حقوق الأطفال المحتضنين، "كضرورة وضع بند يضمن استفادة الطفل من التأمين الصحي الخاص بعائلته المحتضنة، وفتح الحساب البنكي، وكذلك ضرورة إيجاد آلية لتسهيل سفر الطفل المحتضن مع أسرته، بإصدار وثيقة دائمة له، دون الحاجة إلى مراجعة وزارة التنمية للحصول على وثيقة في كل مرة ترغب فيها الأسرة بالسفر لمدة مؤقتة".
في مقابل ذلك، تشارك حلا (اسم مستعار) "الغد" بتحديات من نوع آخر، واجهتها أثناء احتضان ابنها. تقول: "أقيم وزوجي بالسعودية، واحتضنت طفلي العام 2009، وكان قرار القاضي تجديد قرار الاحتضان من المحكمة كل ثلاث سنوات".
وتضيف: "شعرت حينها أن القرار منصف، فبالتأكيد من حق القاضي والوزارة التأكد من أحوال الطفل، خصوصا أن الاحتضان كان إلى خارج الأردن، لكن ما فاجأني هي الإجراءات المتبعة لتجديد الاحتضان".
وتبين: "يذهب الطفل برفقة أسرته المحتضنة للمحكمة عند التجديد، لا أعرف ما الغاية من تعريض طفل دون سن السادسة لهذه الإجراءات، ولماذا يتم اصطحاب الطفل إلى المحكمة؟ لأن تجربة الذهاب للمحكمة، بحد ذاتها، غير مناسبة للأطفال".
وتوضح "أخبرت طفلي بأنه محتضن منذ فترة قريبة قبل قرار تجديد الاحتضان، وكنت عملت على مدار أعوام سابقة على تحضيره وإخباره بتلك الحقيقة عن طريق قراءة قصص حول الاحتضان، وإخباره أن الأمومة لا تعني بالضرورة الحمل والإنجاب إنما الحب والاهتمام والرعاية".
وتضيف: "رغم ذلك كان لزيارة المحكمة أثر سلبي عليه، إذ تسببت بعدم أمان له وضغط نفسي عليه، وربما نجم ذلك عن طبيعة الأسئلة التي تم طرحها عليه، أو فكرة دخول المحكمة بحد ذاتها".
وتزيد: "ربما يحتاج الأطفال في هذه الحالات لنوع مختلف من الإجراءات تضمن أن يكون الطفل في مكان أكثر راحة، وأن يكون التعامل مباشرا وليس من خلف مكتب، حتى لا يشعر بالريبة".
وتبيح تعليمات الاحتضان للعام 2013، احتضان الأطفال الأردنيين إلى خارج الأردن، كما لا تشترط جنسية معينة، إنما تشترط أن يكون الزوجان يدينان بالإسلام، وأن يقيما إقامة مشتركة، وأن يكون قد مضى على زواجهما خمسة أعوام، وأن لا يقل دخل الأسرة عن 500 دينار.
أما الجزئية المتعلقة بالاحتضان في الخارج، فتنص: "على الأسرة الراغبة بالاحتضان والمقيمة خارج الأردن، ضرورة التكفل بنفقات سفر الباحث الاجتماعي المعني بإجراء دراسة المتابعة الأسرية، سواء كان هذا الباحث من وزارة التنمية أو الموظف المختص بالسفارة الأردنية أو القنصلية العاملة بمكان إقامة الأسرة الحاضنة".
كما تنص ذات التعليمات على أنه "للأسرة الحاضنة المقيمة خارج الأردن حق الحصول على كتب رسمية لتسهيل أمر حصول الطفل المحتضن على تأشيرة سفر وتسهيل إجراءات مغادرة البلاد".
مراجعة لتعليمات الاحتضان
ترى المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان هالة عاهد، أن "الاحتضان وفلسفته بحد ذاتهما أمر في غاية الأهمية، لجهة حق الطفل في الرعاية الأسرية، بغض النظر عن ظروفه، لكن الإشكالية تكمن في عدم تناسقية التشريعات وتكاملها".
وتضيف: "لدى الوزارة تعليمات معينة للاحتضان، لكن المشكلة تكمن في التشريعات والقوانين، إذ تبدو كأنها جزر معزولة، ففي وقت يوجد فيه برنامج يعترف بالرعاية الأسرية دون رابط دم، فإن التشريعات الأخرى لا تعترف بذلك، بما فيها المتعلقة بالملكية، والضمان الاجتماعي، والتأمين الصحي، أو سفر القاصر وغيرها".
وتوضح: "ندرك تماما موقف الشرع من الميراث، لكن من الممكن في هذه الحالات وضع بند يبيح للأب المحتضن إعطاء حصة من راتبه بالضمان للطفل المحتضن في حالة الوفاة أو الإعفاء من رسوم تسجيل الملكية باسم الطفل المحتضن".
وتشير عاهد إلى الإشكالية المتعلقة بدفتر العائلة المنفصل للطفل المحتضن، وتقول: "من الممكن أن يكون الطفل مسجلا بنفس دفتر العائلة للأسرة المحتضنة، عبر تخصيص صفحة إضافية لذلك، ما يقلل بشكل كبير من الاستفسارات والأسئلة التي تتعرض لها الأسرة بحالات معينة، كالسفر أو التسجيل بالمدرسة، أو إجراء تدخلات طبية".
وتزيد: "بالتأكيد أن وجود الطفل على دفتر العائلة لا يعني تغيير الاسم ليصبح مثل اسم الأسرة الحاضنة، كون الموقف الشرعي واضح في هذا الأمر".
في هذا السياق، يقول الناطق باسم وزارة التنمية د. فواز الرطروط، إن "الوزارة وبقصد التسهيل على الأسر الحاضنة خارج الأردن، وفرت خدمة التواصل معها عن طريق تطبيق (سكايب)".
أما حول إجراءات مراجعة الأسرة والطفل للمحكمة، وغيرها من ملاحظات، فيوضح الرطروط أن الوزارة تراجع حاليا تعليمات الاحتضان كافة، بما يضمن تحقيق مصلحة الطفل الفضلى بالدرجة الأولى.
ويقول: "سنعمل خلال الفترة المقبلة على عقد لقاءات مع العائلات الحاضنة للاستماع لهم، صحيح أن جزءا من المطالب السابقة يرتبط بقوانين خارج إطار عمل الوزارة، لكن من الممكن بعد دراسة كل المطالب رفع توصيات للتعديل والتغيير".
ويزيد: "نعتبر برنامج الاحتضان أحد أهم البرامج لدينا، لذلك نسعى لرفع أعداد الأطفال المستفيدين منه".
وتشترط تعليمات الاحتضان "أن يكون طالب الاحتضان أسرة قائمة مكونة من زوجين، وأن يدين االزوجان بالدين الإسلامي أو أن يمضي على إسلامهما ثلاث سنوات على الأقل بحجة إسلام موثقة، وعدم قدرة الزوجين أو كليهما على الإنجاب".
كما "يشترط أن لا يقل عمر الزوج عن 35 عاما ولا يزيد على 55، وأن لا يقل عمر الزوجة عن 30 ولا يزيد على 50 عاماً، وأن يقيم الزوجان بمكان إقامة مشترك، وأن يكون قد مضى على زواج الأسرة الراغبة بالاحتضان مدة لا تقل عن خمس سنوات، وأن لا يقل الدخل الشهري الخاص بالأسرة عن 500 دينار، وأن لا يقل عمر الطفل المنوي تحضينه عن خمس سنوات للزوجة التي تجاوزت 45 عاماً والزوج الذي تجاوز 50 عاماً".
كما تحتوي الشروط على بنود تتعلق باللياقة الصحية للأسرة، والعلاقة الصحية بين الزوجين، وعدم وجود أسبقيات للأسرة، وأن على الأسرة الحاضنة أن تحقق الحرمة الشرعية للطفل، فإن كان الطفل المحتضن ذكرا يتم إرضاعه من سيدة من طرف الزوجة، أما إذا كانت أنثى فيتم إرضاعها من سيدة من طرف الزوج".
أسر لا تنطبق عليها الشروط
تبيح التعليمات الاحتضان للأردنيين وغيرهم من المقيمين بالخارج، لكن العديد من العائلات اشتكت من تأخير الاستجابة لطلباتها، بحجة "إقامتهم في الخارج او لأنهم غير أردنيين"، كما في حالة وردة (اسم مستعار)، والتي بينت لـ"الغد" أن "الوزارة أخبرتها أن الاحتضان إلى الخارج موقوف حاليا، لحين إيجاد آلية للتواصل مع الأسر بعد الاحتضان".
كما اشتكت عائلات من جنسيات عربية تقيم بالأردن، بأنها رغم تقدمها منذ أعوام لبرنامج الاحتضان، لكنها لم تحصل على الموافقة تحت ذريعة أن "الأولوية للعائلات الأردنية".
غير أن الرطروط يؤكد أن "التعليمات واضحة لجهة السماح بالاحتضان خارج الأردن"، لكنه يلفت إلى أن واقع الحال يشير إلى أن الغالبية العظمى لطلبات الاحتضان تأتي من داخل المملكة، وللأردنيين.
إلى جانب ذلك، تحصر التعليمات، الأسر المستفيدة من الاحتضان، بشروط محددة، فيما يبدي العديد من الأفراد الذين لا تنطبق عليهم الشروط، رغبة في الاحتضان.
فمن شروط الاحتضان، مثلا، ان يكون كلا الزوجين مسلمين، ما يعني حرمان الأسرة المكونة من زوج مسلم وزوجة غير مسلمة، من الاستفادة من البرنامج، إلا في حال إسلام الزوجة، ومرور 3 أعوام على إسلامها.
وتبرر الوزارة اشتراطها بديانة الزوجين، بالمادة 19 من قانون الأحوال المدنية، والذي ينص على: "كل من وجد طفلا حديث الولادة تسليمه إلى مركز الشرطة (...) وبعد اختيار أسماء منتحلة للمولود ووالديه يعتبر دين الدولة دينا للمولود"، بالتالي فإن الأصل أن ينشأ الطفل مع عائلة تدين بديانته.
أما الحالات الأخرى التي لا تنطبق عليها الشروط، فتتعلق بالأسر المكونة من امرأة غير متزوجة تسعى لرعاية طفل، أو العائلات التي لديها طفل أو أكثر وترغب برعاية آخر، أو العائلات التي لا تحقق شرط الدخل المادي.
أما بحالة رغبة الأسرة باحتضان طفل آخر، فرغم أن التعليمات تبيح احتضان طفل ثان، لكن هناك عائلات أبلغت "الغد" أن الوزارة وجهتهم إلى برنامج الأسر الراعية البديلة، باعتبار أن الأولوية حاليا للأسر التي لم تحتضن سابقا، نظرا للعدد القليل من الأطفال الذين تنطبق عليهم شروط الاحتضان.
وبحسب المادة 5 من التعليمات: "يحق للأسرة التي منحت حق الاحتضان، أن تتقدم بطلب احتضان طفل ثانٍ، شريطة مرور عامين على احتضان الطفل الأول، على أن يكون من نفس الجنس، وأن يراعى الدور على قائمة الانتظار، وأن تعامل معاملة أسرة جديدة، ولا يحق المطالبة باحتضان طفل ثالث".
الأسر الراعية البديلة
يوضح الرطروط أن برنامج الأسر الراعية البديلة يمكن من خلاله أن تستفيد شريحة أوسع من العائلات الأردنية، وتحديدا النساء العازبات أو العائلات التي لديها أطفال بيولوجيون، ويسعون لرعاية طفل فاقد للسند الأسري، أو العائلات التي احتضنت سابقا وتسعى لرعاية آخر".
وتشترط الوزارة بالأسر التي تتقدم لبرنامج الرعاية البديلة، أن تكون "مؤهلة، ولديها القدرة على رعاية الطفل، ويتم وضع تقييم نفسي اجتماعي للأسرة، وأن يكون مكان إقامة الأسرة ملائما، وتتوافر فيه شروط الصحة والسلامة".
ويمكن للعائلات أن تكون غير أردنية، لكن يشترط أن تكون إقامتها بالمملكة، وأن تكون الأسرة مستقرة اجتماعيا ونفسيا، ولديها قابلية وكفاءة لتلبية احتياجات الطفل، وأن يكون هناك مصدر دخل ثابت يغطى احتياجاتها المعيشية، وألا يكون هناك سجل جنائي أو أسبقيات جرمية بحق أفراد الأسرة.
كما أن الزواج ليس شرطا للبرنامج، إذ يمكن لغير المتزوجات القادرات على توفير رعاية ملائمة لأحد الأطفال، الاندماج بالبرنامج، ومن الشروط كذلك أن تدين الأسرة الراعية بديانة الطفل، ما يعني ضمنا السماح لغير المسلمين بالاندماج في البرنامج في حال وجود أطفال من نفس الديانة.
وحول أسباب إنشاء برنامج الاحتضان، تقول مؤسسة المشروع، مستشارة (اليونيسيف) للبرنامج د.روان إبراهيم، إن "البرنامج تشاركي، ورديف للرعاية المؤسسية"، مشددة على المنظور الحقوقي له لجهة حق الطفل الأساسي بالرعاية الأسرية.
وتوضح "رعاية الأطفال فاقدي السند الأسري كانت تسير ضمن مسارين فقط: برنامج الاحتضان، والرعاية المؤسسية، لكن لفئة قليلة تنطبق عليهم شروط الاحتضان، أما الغالبية العظمى من الأطفال، فتبقى في المؤسسات".
وتشير إلى أن البرنامج يهدف للحد من إدخال الأطفال المحتاجين للحماية والرعاية إلى المؤسسات الإيوائية، وتقليص مدة مكوثهم فيها، من خلال تقديم خدمة مجتمعية قائمة على الرعاية الأسرية البديلة".
وتضيف ابراهيم: "توفر الرعاية المؤسسية المتطلبات المادية، كالملابس والمأكل والمشرب لفاقدي السند الأسري، لكنه يصعب داخل المؤسسات توفير احتياجات الطفل النفسية، والعلاقة المستقرة والرفاه النفسي، ويعمل البرنامج على سد الفجوة، كما يوفر فرصة الرعاية الأسرية للأطفال الأكبر سنا، في حين أن غالبية الأطفال ببرنامج الاحتضان يتم تحضينهم بالشهور الأولى من عمرهم".
وتقول إن "أحد أبرز ما يواجهه البرنامج من تحديات، خلط الأسر بين الاحتضان والرعاية البديلة، إذ تسعى معظم الأسر المتقدمة للرعاية باعتبارها بديلا للاحتضان، في حين أن مدة اقامة الأطفال بالأسر البديلة قد تكون دائمة أو مؤقتة، حسب أوضاع أسرهم البيولوجية".
وتضيف: "بالأسر الراعية البديلة من الممكن أن يبقى الطفل على تواصل مع عائلته البيولوجية، من خلال زيارات دورية، شريطة أن لا يتعارض هذا التواصل مع مصلحة الطفل، أو أن يشكل خطرا عليه".
وتؤكد أن على الأسرة البديلة، توقيع تعهد يتضمن الالتزام بشروط البرنامج والتعاون مع الأسرة البيولوجية، وتسهيل إعادة الطفل لها في حال قررت المحكمة ذلك، لما فيه من تحقيق المصلحة الفضلى للطفل.
وتضيف: "ثمة إشكالية أخرى نواجهها في البرنامج، وتكمن في أن الأسر غالبا ما تسعى إلى تغيير اسم الطفل إلى اسم آخر ترغب به، وهنا نعلم العائلة أن اختيار اسم الطفل هو حق للأم البيولوجية، ولكن في بعض الحالات يمكن الاستثناء بعد الحصول على موافقة الأم البيولوجية، على أن لا يتجاوز الطفل عامه الأول".



عدد المشاهدات : (2370)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :