فتح وحماس تراجيديا المشهد الفلسطيني


رم -

بقلم: زيد ابوزيد

مبادرة فرنسية جديدة لحلحلة وفكفكة ملف السلام المتعثر بين السلطة والكيان الصهيوني يبدو انها

ولدت ميته، فعقبات كأداء تواجهها منذ اطلقتها باريس لأسباب موضوعية وذاتية عند طرفي

النزاع، حيث تشير التحليلات الى ان طرفي النزاع غارقين كلٌ بطريقته في ازمات داخلية عميقة،

فنتنياهو لا يستطيع ولا يريد في الاصل الوصول الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، الى جانب ان

حكومته اليمينية حكومة تهجير وحرب بامتياز ولا مجال للتوصل الى اتفاق ولو جزئي معها ، اما

السلطة فغارقة حتى اذنيها بأزمات الديون والتضخم وإعادة تشكيل الحكومة وملف المصالحة بين

فتح وحماس، وهنا فيأخذك العجب وانت ترى خلافات الإخوة الأعداء من فتح وحماس في الوطن

الفلسطيني لا تكاد تنتهي حتى تنتفض وتخرج أكثر عمقاً وايلاماً, فلا وفاق ولا اتفاق  , ولا حتى

لقاء على أبسط القضايا وتكاد حكومة التوافق الوطني والتي سميت مجازاً بذلك ان ينفرط عقدها,

ناهيك عن حملات التصريحات والاتهامات بين حكومتي غزة ورام الله  والاعتقالات لمنتسبي كل

جماعة من الجماعة الأخرى جارية على قدم وساق  , والتي  تباعد بين الجمعين أكثر فاكثر. حتى

قال القائل : هذان خطان متوازيان لن يلتقيا أبداً , فهل هذا الصراع شبيه بصراع الديكة الذي لا

ينتهي إلا بسقوط ديك مضرج بدمائه , وقد قطعت رقبته بضربة قاضية, أم أن هذا الحوار هو حوار

طرشان , وكل فريق يقول : دعهم يقولوا ما يريدون أمَا موقفي على الأرض ( - إن كان قد بقي

من الأرض ما يستحق أن يختلف عليه – فثابت لا يتغير , وكل أخ متمسك بأحقيته في نصيب الأسد

, لاعتبارات في نفس يعقوب غير آخذٍ بعين الاعتبار هموم الشعب الفلسطيني والشخصية الاعتبارية

لباقي التنظيمات الفلسطينية، ومن المظاهر والعوامل التي ساهمت في استمرارية هذه المرحلة ، تراجع وضعف دور القوى والتنظيمات السياسية الفلسطينية الأخرى ، ومحاولة كل من فتح وحماس الاحتماء وراء عدد منها ، وتراجع واضح وملحوظ لدور مؤسسات المجتمع المدني بل ومحاولة كل من القوتين فرض هيمنتها وسيطرتها عليها أو على ألأقل تحديد نشاطها ، أما المواطن الفلسطيني فهو مواطن مهموم مثقل بأعباء المعيشة والحصار ووجد نفسه ضحية هذا الانقسام والاختلاف والتناحر، ولذلك فقد القدرة على التحرك الذاتي والمبادرة على التغيير ، ووجد نفسه وسط موطنه مجزأ الولاء حائر ما بين الراتب ولقمة العيش وولاء لموقف سياسي ينبذه ويرفضه . 

و نحن نرجو من جميع الاطراف الجلوس على طاولة الحوار، والبداية لأي حوار ناجح هو في إعادة معالجة كل هذه الاختلالات في بنية النظام السياسي حتى لا يبقى أسيراً لحالة استقطاب سياسي بين فتح وحماس ، وتوسيع دائرة المساهمة والمشاركة لتوفير وبناء نظام سياسي بعيداً عن الاستقطاب والمحاصصة السياسية التي قد تعيدنا إلى الوراء، ومغادرة عقلية القلعة وتغليب المصلحة الفلسطينية العليا وعدم السماح بانجرار الفلسطيني الى النزاع المسلح مرة اخرى لان الأمر اللافت للنظر أن وسائل الإعلام, وبدوافع خفية تقف بالمرصاد لإذكاء الصراع, سواء أكانت عربية أو أجنبية أو محلية, بتوجيهات أقل ما يقال فيها إنها عن قصد لا تريد لهذا الصراع الدموي تارة والدبلوماسي تارة أخرى أن ينتهي ليس فقط في فلسطين بل في كل المنطقة ، بل تريد ان ترجعك إلى حرب الأوس والخزرج , بل حرب داحسٌ والغبراء , أو حرب البسوس , مدعية أنها تكشف المستور تعميقا للديمقراطية ومحافظة على الحرية , وما علموا أنهم يصبون الزيت على النار. إمعانا في التفريق , وجريا وراء التمزيق , بدلا من التوجه ببرامجها إلى لم الشمل وصنع ثقافة الوحدة والتقريب بما يجعل البيت الواحد للفريق الواحد مهدداً هو أيضا بعواقب لن تعود على القضية الفلسطينية إلا بالويل والثبور , وضياع الأوطان إلى الأبد , في ضوء سياسة صهيونية لا ترحم, ولا تلتفت إلى أي ممانعة أو احتجاج أو تعريض.

 

وأما نتنياهو حكومته الصهيونية – وما أدراك ما نتنياهو – فالدولة الفلسطينية لا وجود لها في قاموسه , واللاجئون تُحلُ قضيتهم خارج ما يسمى بإسرائيل , والمفاوضات مع الفلسطينيين  متوقفة , لأن الشريك الفلسطيني غير موجود , ومع ذلك فالاستيطان قائم على قدم وساق , حتى غدا مالك الأرض الفلسطيني يشك أنه كان أرضاً هنا , وذلك لما طرأ على الأرض من تغيرات ديمغرافية وجغرافية , وشق شوارع , وإقامة جسور , وجدار منازل . ومع ذلك فما زالت الديكة تتصارع والطرشان هم الذين يعقدون الحوارات , للخروج بنتائج تعود على الفلسطيني المقهور أو  المشرد بالخير .

وإذا كان هؤلاء الإخوة الأعداء يتصارعون على التركة واقتسام ما خلفه الآباء , فإنني متأكد أن الحال إذا استمر على ما هو عليه , فلن يبقى شيء يورث أو يقسم , لأنه عند ذلك سيكون الثعلب قد فاز بالغنيمة واستولى على قطعة الجبن بكاملها من الأرنبين المختلفين عليها .




عدد المشاهدات : (1083)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :