في العيد


رم - عبدالهادي راجي المجالي


كان أبي يصطحبني معه إلى الكرك (المدينة) قبل العيد بيومين , لشراء ...ملابس جديدة , أتذكر أنه كان يملك سيارة (لادا) برتقالية ...وغالبا , ما يستمع لمحمد عبده ...مازلت أذكر الأغنية :- ( وجت تاخذ رسايلها وخصلة من جدايلها) ...
وأنا كنت طفلا , وكان من ضمن هواياتي , أن ( أعض ) في التابلوه تعبيرا عن الفرح حين , أشعر بالسرعة ...وهو لم يكن ينتبه...
كان للزمن , وقع أجمل في أعمارنا , وسيارة أبي , كنت اشعر بأنها تحلق حين نمتطيها , لم تكن تسير على الأرض أبدا ...أتذكر حين قام ببيعها , كنت قد تركت أثار أنيابي على (التابلوه) وتمنيت لو أسترد تلك الاثار ..
حين نصل الكرك , لم تكن تعنيني (الملابس) كنت أبحث عن محل يقوم ببيع (الهرايس) وأول كلمة أطلقها :- ( يابه ودي هرايس) ...كانوا يلفونها بورق الصحف , ومما أذكره ..أن أجسامنا كانت تحتمل كل شيء .
هو مكان واحد , الذي نذهب إليه ..وأبي لم يكن يؤمن بالقياسات , وأنا أيضا لم أكن أهتم , فأي شيء أرتديه , يكون ملائما , وحين نكتشف ...أن المقاس كبير قليلا يقول لي :- (بكره بتكبر..عشان بس تكبر)... يبدو أن أبي كان يملك نظرة مستقبلية مفعمة بالحياة , ولكن المستقبل خذله ..فغادر الحياة مبكرا ....
وحين نعود للمنزل نكتشف أننا نمتلك أزمة ألوان , فهو لم يقم بتركيب الألوان جيدا وأنا ورثت هذه العادة عنه , وكنت أؤمن بأن الأسود يتناسب مع البني ...ولا يوجد هناك مشكلة , ومن ثم يبدأ عتب أمي ...وتحضر إبرتها وخيوطها كي تقوم بعمليات التقييف ..
وأنا أبوح لمرتبات الأسرة المتشعبة , حول (الهرايس) وأني أكلت ما يقارب (الرطل) ...
كان الفرح في العيد عندي , مرتبطا بركوب سيارة ( اللادا) الخاصة بأبي , وأكل الهرايس , وعض (التابلوه) ...ولأن أبي منشغل بمحمد عبده والقيادة ,كان رذاذ السجائر ..ينزل في جيب القميص , وعلى البنطال , وأنا كنت على الفور أتدخل لإزالته ..وذات مرة , اسقطت الشماغ على وجهه ..عن دون قصد فكدت أن أتسبب بحادث .
لدينا الان حتى الفرح أصبح ذكريات , والعيد هو الاخر أصبح ذكريات .



عدد المشاهدات : (1362)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :