"تشيللو": هل يصمد الحب أمام المال؟


رم - هل يملك الحب إجابة عن كل الأسئلة؟ وهل يصمد الحب أمام المال وسلطته في ظل ظروف صعبة تختبر مدى متانة تلك العلاقة بين زوجين يريان الكون كل بمنظور الآخر!، هذه بعض من الأسئلة التي يطرحها المسلسل اللبناني "تشيللو".
المسلسل الدرامي المقتبس عن الفيلم الأميركي "عرض غير لائق" للمخرج أدريان لين، من إخراج سامر البرقاوي الذي قدم في رمضان الماضي مسلسل "لو" الذي أيضا كان مقتبسا عن فيلم أجنبي "غير مخلص"، وكانت الممثلة نادين نجيم بطلة كليهما إلى جانب الممثل يوسف الخال ويشاركهما البطولة هذه المرة الممثل تيم حسن، بدلا من عابد فهد وسيناريو وحوار نجيب نصير.
ما يراهن عليه "تشيللو" هو مدى قوة الحب في الصمود أمام مغريات المال والسلطة ومتانة العلاقة من خلال قصة زوجين "ياسمين" و"آدم"؛ حيث يخسران مشروعهما الموسيقي وحلمها بعد حريق هائل التهم كل شيء، ليقفا أمام أقساط البنك عاجزين، حتى يظهر رجل أعمال مليونير يقدم لهما الحل بعد أن يقع في حب ياسمين، ويعرض عليها أن تقضي معه يوما كاملا مقابل مبلغ مليون دولار.
وهي حبكة تتشابه مع الفيلم الأميركي المقتبس عنه بخلاف التفاصيل؛ ففي الفيلم الأصلي تتبخر مدخرات الزوجين، اللذين لعب دورهما ديمي مور ووودي هاريسلون، وهما في المسلسل ياسمين وآدم، فيما المليونير الوسيم الذي يقع في حب ياسمين بشخصية "تاج الدين" وهو نفس دور الممثل روبرت رديفورد.
دور نجيم لياسمين التي قدمت في الموسمين الأخيرين شخصيتين مختلفتين أظهر قدراتها التمثيلة، فهي لعبت دور ليلي في مسلسل" لو" ودور أمل في مسلسل "عشق النساء"، لكنها هنا تقدم دور الزوجة التي ترى في الحب إجابة لكل شيء وقوة لمواجهة كل التحديات والظروف، حيث تتخذ قرارا جريئا بالموافقة على عرض المليونير تيمور تاج الدين، نتيجة شعورها بالذنب للخسارة التي ألمت بحلمهما الصغير نتيجة إهمالها بترك آلة القهوة تعمل، ما سبب تماسا كهربائيا وحريقا هائلا.
التضحية لم تأت من عبث بالموافقة على عرض مثل هذا، فأمام مبلغ المليون دولار يكمن الحل السحري لكل مشاكلهما، لكن الحب بينها وبين آدم وضعها في خانة الرهان على الثقة العمياء بينها وبين حب حياتها، بأن يأخذا نصف المبلغ قبل، كونه كافيا، والنصف الثاني بعد تنفيذ الشرط في حركة ذكية.
نجيم بدورها هنا تتحدى كل شيء حتى نفسها، فقدرتها على الاشتغال بدور يتطلب تقمص كل حالاتها النفسية حتى الآن نجح، وحالة الحب التي تئن بها ومدى متانة علاقتها بآدم لم تتغير بخلاف تفاصيل جعلتها تتساءل مرات ومرات هل الحب وحده يكفي لكل شيء.
وفي المقابل يأتي دور الزوج آدم، يوسف الخال، شخصية انفعالية وغيرة الرجل المغروم العاشق، الذي يرى في زوجته كل عالمه، والحب بالنسبة له تملك، وظهر ذلك من خلال ردة فعله حين ذهبت ياسمين لتنفيذ الشرط والاتفاق خلال نومه وغير ذلك، فرغم موافقته المبدئية، لحق وراءها ليطلب منها التراجع، لكنه لم يستطع اللحاق بها.
دور يوسف الخال هنا، يشابه دوره في مسلسل "لو" بفوارق بسيطة، فهو أبقى على الوسامة وحسه الفني المرهف، كذلك فيما يتعلق بتبني الأحقية ولو بالحب. فدور آدم يظهر طبيعة الحب الذي يكنه ولو أنه عميق، لكنه يحمل شكا وعدم ثقة مطلقة بياسمين، خصوصا بعد عودتها من عند تيمور تاج الدين وتأكيدها له أنها أبقت على الاتفاق بينهما بعد السماح له بالاقتراب منها، لكن منح تيمور لهما النصف الثاني من المبلغ كان كفيلا بإشعال نيران الشك داخله.
منذ البداية كان الحب بين ياسمين وآدم مختلفا والقناعة أيضا مختلفة في وجهات النظر ولو تشابهت الأحلام والطموحات، فالحب من منظوره دخلت فيه أول عقبة وهي الثقة، ومدى الالتزام واليقين بحتمية الحب وأبديته وبأنه حل لكل شيء مهما كانت الظروف صعبة، والتي فشلت نظريتها عند أول اختبار في تواجد المليون دولار كاملة وقدرته على التكيف بعد هذا الاتفاق الذي حصل بالتراضي.
أما الشخصيات الأخرى التي أدخلت في المسلسل وهي التي منحته شمولية أكبر عن الفيلم المقتبس عنه، فيأتي الحب وارتباطه بالمال مثلا من خلال دور ماغي أبو غصن وحيرتها بين حبيبن، فالأول يعشقها وهي في الوقت ذاته تعشقه، ولكنه يعمل بجهد لتحقيق أحلامها، فيما الخيار الثاني يملك المال متيحا لها حرية الاختيار رغم عدم حبها لها.
مرة أخرى الحب والمال وأيهما تختار، تلك هي معضلة "تشيللو"، وسط أداء تمثيلي متوازن وحكيم، فضلا عن الكاريزما التي تجمع بين كل من نجيم والخال، بتكرار لبعض الصفات العامة في الدور التي ربما تلائم أحدهما.
فمثلا في مسلسل "لو" كانت بين نجيم والخال علاقة حب عرضية قصيرة بتواجد عابد فهد زوجا لها، ولكن في "تشيللو" تحول لزوج وشريك، بتفاصيل وسياق مختلف لكن هذه المرة المؤكد هو الكيمياء بينهما.
وفي المقابل يأتي دور تيم حسن بشخصية المليونير تيمور تاج الدين تلك التي تبدو قاسية وتظهر للعالم أن المال مفتاح كل شيء، كما في دوره في مسلسل "الاخوة" للمخرج سيف الدين سبيعي؛ حيث كان حسن أيضا عاشقا ورجلا محبا، لكن حبه كان متغيرا بحسب مزاجه.
ولكن دور تيمور يظهر أنه رجل قاس للوهلة الأولى، وقع في حب ياسمين، وقرر أن يتقرب منها في البداية بطريقته كما اعتاد أن يدفع ثمنا لكل ما يريده، لكن شرطها وقوتها بقولها لن يحصل أي شيء الا بامتلاك قلبها وقناعته، فتحت بابا جديدا في شخصيته.
يبدأ التقرب منها بتكتيك حتى الآن كما أظهرت الحلقات الـ13 الأولى وما يزال الباقي مخفيا، ولكن يظهر من جلساته متأملا وسؤاله عنها أنه يسعى لامتلاك قلبها والفوز به رغم الحب العاصف الذي يجمع بينها وبين آدم.
كل الاحتمالات في "تشيللو" حتى الآن تظهر أن لكل شخصية طريقتها في الحب، لكن هل يكفي الحب وحده، رغم الشغف والتعامل مع المحيط، والتعاطي مع المفاجآت، وهل قساوة الظروف تتحكم في متانة الحب والمساومة والإذعان للقدر، وبين الكيمياء التي تعزز الأداء الدرامي في مثل هذه الأعمال المقتبسة.
وبين الحلم والواقع، هل للحب مساحة كافية ليكون الحل السحري لكل شيء يبقى سؤالا يطرح نفسه في كل حلقة في "تشيللو"ّوالحاجة للمال، التي تغدو مثل اسم المسلسل كآلة "تشيللو" العملاقة التي تشبه ألحانها أحاسيس الحب المرهفة التي تعلو وتيرتها وتغدو أحيانا رغم رقتها قاسية، تحول صاحبها لصنم أو إلى آلة، وحتى نهاية الحلقات يبقى السؤال هل الحب ضروري ويكفي للعيش في مواجهة المال؟!



عدد المشاهدات : (12602)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :